مر أكثر من سنة من عمر حرب "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن على الإرهاب في سوريا والعراق ولم تظهر نتائج عملية لا في ضرب بنية تنظيم "داعش" ولا في الحد من تمدده، في الوقت الذي شلت فيه مقاتلات روسية قدرة تنظيمات مسلحة عدة في سوريا خلال ساعات فقط... راقبوا ما يجري في إدلب وريفها والرقة ودير الزور.
انسحابات جماعية لمسلحي "جبهة النصرة" و جيش "الفتح" و"أحرار الشام" نحو الحدود التركية، وهي مجموعات تحظى بدعم تركي - عربي- غربي. وانسحاب تدريجي لمقاتلي "داعش" نحو الأراضي العراقية.
هذا لا يعني أن نتائج الضربات الروسية بدأت تتضح سريعا، لكن المؤشرات تظهر مع ازدياد عدد الغارات الروسية.
في دمشق يُرصد كلام لخبراء عسكريين ومطلعين يمتلكون اليوم أعلى معنويات منذ بدء الأزمة السورية.
هم يجمعون على أن المرحلة الجديدة تحمل معها الانتقال خلال أشهر من المواجهات العسكرية المفتوحة مع المسلحين إلى الحالة الأمنية المستمرة التي سيعتمدها الإرهاب بعد تشتيت قوته الميدانية وشل قدراته نهائيا إلى غير رجعة.
هناك من يقول بالمقابل أن المتطرفين سيحولون سوريا إلى أفغانستان ضد الروس، لكن المقاربة خاطئة بالمطلق بنظر السوريين العارفين بخبايا ما يجري.
يستند العارفون، على سبيل المثال، إلى ما حصل في الساعات الماضية في دير الزور أو الرقة، وعند هروب "داعش" من بعض مناطق شرق سوريا إلى العراق خوفا من الضربات الروسية، سرعان ما هلل المواطنون السوريون فرحا، فخلعت النساء الرداء الأسود على الوجوه وعادت إلى اعتماد الرداء الاسلامي التراثي على الرأس فقط، على وقع ترديد اللعنات على تنظيم "داعش".
بدا المشهد كمن يخرج من سجن إلى حرية الحياة، هؤلاء الناس سيكونون حتما مع روسيا حليفة دمشق التي تعيد بلادهم إلى سابق عهدها على طريق الأمن والاستقرار.
هذه الرواية تترافق على ذمة الخبراء والعارفين في سوريا مع تقديم المواطنين المصنفين في خانة "خلايا نائمة" لمصلحة الدولة معلومات عن تواجد المسلحين واعدادهم ونوعية أسلحتهم.
يوميا يحصل انتقال بين الشرق والشمال والوسط إلى دمشق ضمن حركة المواطنين القائمة. المعلومات يجري تقديمها شفويا في غالب الأحيان.
يتحدث العارفون عن مفاجآت عسكرية مقبلة.. الحرب البرية آتية، لكن اتجاهاتها ومساراتها تبقى في "غاية السرية".
قد تكون جسر الشغور ثم ادلب في الأولوية أو محيط الطريق إلى حلب، أو انزالات في الرقة ودير الزور.
هناك خطتان ستعتمدان قرب الحدود التركية والعراقية لضبط الإمدادات ومنع وصول الأسلحة والمعدات وثم التفرغ للداخل.
إذا كانت ادلب وصولا إلى منبج وجرابلس تجذب خطة الحسم بسبب طبيعة المسلحين، فإن الرقة والدير مساحة الوصل مع الجغرافيا العراقية.
تأتي الاستعدادات في العراق والتمهيد السياسي ونوعية الأسلحة الروسية القادمة إلى سوريا في إطار خطة المنازلة الكبرى ما بين العراق وسوريا لإعادة فتح المعابر وتأمين الطرق.
هذه أولوية إيرانية جرى الاتفاق عليها مع الروس والسوريين، لكن هويات المسلحين الشيشان والأيغور الصينيين وغيرهم في شمال سوريا تشكل أولوية لروسيا والصين لضربهم ومنع عودتهم إلى بلادهم. هذا ما لمح إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا بتحديد أهداف الحرب على الإرهاب.
يشير العارفون أنفسهم في سوريا إلى أن ريف دمشق سيشهد على انهيارات تلقائية للمسلحين بانت معالمها باستعداد مجموعات لتسوية أوضاعها. بدأ التفاوض عمليا في بعض المناطق أو تسليم يجري في مناطق الغوطة.
أهم ما يحصل هو هروب قيادات ومسلحين ضمن قوافل المهاجرين إلى أوروبا، ما يعني إمكانية تفكك الأجسام المسلحة بعد سنوات من التمدد وأحلام الوصول إلى السلطة.
لا تبدو المهمة العسكرية الروسية- السورية - العراقية- الإيرانية سهلة. لكن الساعات الماضية رسمت ملامح واضحة، ولذلك جاءت ردة فعل داعمي المعارضة السورية عنيفة.
الخبراء أنفسهم يقولون إن الروس يتدرجون في ضرب المجموعات ضمن خطة لخصوها ببضع نقاط:
- استهداف مراكز المسلحين نهائيا، مع ما تحويه من معدات وبرامج سياسية واجتماعية وبنيوية وتخطيطية.
- استهداف تحركاتهم في كل المناطق، ما يعني منع الإمدادات العسكرية.
- التركيز على مراكز التدريب ومخازن الاسلحة وضرب المؤن العسكرية.
- محاصرتهم لاحقا ضمن مناطق معزولة عن بعضها البعض ومراقبة حركة اتصالاتهم وشلها عند الحاجة.
- التمهيد للعمليات البرية المحددة ضمن نطاقات جغرافية، التي سيخوضها الجيش السوري وحلفاؤه.
بالمقابل لا حديث في السياسة اليوم.. الميدان سيحدد نوعية المرحلة.. الشروط ستتغير حتما.
عباس ضاهر
ملاحظة:
قراءنا الكرام الآراء الواردة في المقالات التي تنشر على الموقع تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع