وتأتي تصريحات الوزير الألماني قبل يومين من اجتماع لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي يليه الأربعاء اجتماع قمة لقادة الاتحاد لبحث أزمة اللجوء.
دخلت عملية اللجوء الإنساني إلى أوروبا مرحلة صعبة بعد التدفق غير المسبوق للاجئين (يشكل السوريون غالبيتهم العظمى: 28 ألف مهاجر خلال حزيران/ يونيو الماضي ونحو 33 ألف خلال الشهر الذي تلاه حسب المفوضية الأوروبية).
وتشكل هذه الأرقام الكبيرة والمتزايدة مخاوف لدى الدول الأوروبية في ظل عدم وجود توافق بين دول الاتحاد على توزيع عادل للاجئين، وفيما أوشكت هنغاريا وكرواتيا وسلوفينيا على إغلاق أبوابها أمام المهاجرين، تتجه ألمانيا عمود الاقتصاد الأوروبي إلى اتباع الطريق ذاته.
وحذرت برلين قبل أيام من أنها قد تدعو إلى تفعيل نظام الاتحاد الأوروبي للتصويت بالأغلبية لإجبار الدول الأوروبية المترددة على قبول اللاجئين، وبدأت ألمانيا والنمسا فعلا العمل بنظام التحقق من الهويات الشخصية على حدودهما، بينما تفكر بولندا وهولندا في القيام بالأمر نفسه.
ومن المقرر أن يشكل اجتماع القمة المقبل الفرصة الأخيرة للقادة الأوروبيين للتوصل إلى تسوية بشأن توزيع اللاجئين، بعدما فشلت القمة السابقة في التوصل لاتفاق حول توزيع 120 ألف مهاجر متواجدين في إيطاليا واليونان وهنغاريا.
وفي حال فشلت القمة في التوصل إلى اتفاق قد تتجه ألمانيا إلى تصعيد مواقفها تجاه الدول الرافضة لاستقبال مهاجرين، الأمر الذي سينعكس سلبا على المهاجرين أنفسهم، ولذلك لا يتعلق قرار الألمان إغلاق حدودهم بمسألة تزايد أعداد اللاجئين إليها، فهي تمتلك القدرة والتخطيط لاستيعاب أعداد كبيرة، وإنما يتعلق الأمر بتوجيه موقف سياسي لبعض الدول الأوروبية التي تستفيد من دعم الدول الأوروبية الغنية في تقوية اقتصادها.
وقد أشار وزير الداخلية الألماني إلى احتمال خفض المساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي إلى الدول التي ترفض فكرة تقاسم عبء اللاجئين بناء على نظام حصص.
خطط بديلة
بدأ الاتحاد الأوروبي مؤخرا التفكير في إيجاد خطط بديلة تحد من الهجرة إليه، ومن هذه الخطط زيادة الدعم المالي لدول الجوار المحيطة بسوريا، كتركيا ولبنان والأردن التي تستضيف نحو 4 ملاين لاجئ سوري.
وقد بدت علامات الانهاك الاقتصادي واضحة في الأردن ولبنان مع أعداد اللاجئين الكبيرة التي لا تتناسب مع الإمكانيات الاقتصادية لهذين البلدين من جهة، وتقليص برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مساعداته الغذائية إلى النصف من جهة ثانية.
وزار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لبنان والأردن للاطلاع عن كثب على أوضاع اللاجئين وبحث السبل الكفيلة في تعزيز دعم اللاجئين.
أما تركيا التي تستضيف وحدها نحو مليوني لاجئ، فقد بدت علامات الإرهاق عليها تظهر مؤخرا، مع إغلاقها لحدودها مع سوريا في وجه الهاربين من المعارك، ووقف منح فرص عمل للاجئين.
ويتجه الاتحاد الأوروبي الذي أهمل قضية اللجوء في تركيا كثيرا، إلى تقديم دعم مالي لها لمساعدة اللاجئين وتوفير حياة معيشية أفضل للبقاء في تركيا، حيث اعترف الاتحاد الأوروبي أن تركيا التي تستضيف نصف إجمالي اللاجئين السوريين تتلقى أموالا أقل من جاراتها مثل لبنان والأردن.
وتمكن الاتحاد الأوروبي من تأمين مليار يورو دعما لتركيا، لكن هذا المبلغ يشكل 30 % من الحاجة التركية للإيفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين، فيما تقول أنقرة إنها أنفقت 6.5 مليارات دولار على جهود الإغاثة الإنسانية التي شملت إقامة بعض أفضل مخيمات اللاجئين وتوفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية.
وعلى الرغم من هذه الخطوات، يبدو من الصعوبة بمكان أن تثمر في انخفاض وتيرة اللجوء إلى أوروبا، ذلك أن المساعدات المقدمة للاجئين في دول الجوار مهما ارتفعت، فإنها لن تصل إلى المستوى الذي تقدمه أوروبا، فضلا عن المزايا الاجتماعية والعلمية الأخرى.
ولا يبدو الحل لمشكلة اللاجئين ممكنا إلا بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وهو ما بدأت كثير من الدول في إدراكه خلال الفترة الأخيرة، لكن تعقد الأزمة السورية، واستغلال بعض الدول أزمة اللاجئين لأغراض سياسية، قد يبقي هذه الأزمة مفتوحة دون حل.