المسؤولون الأمريكيون كانوا أعلنوا منذ البداية أن عناصر ممن تسميها واشنطن بالمعارضة السورية "المعتدلة" التي سيتم تدريبها وتزويدها بأسلحة متطورة، سيحميها الجيش الأمريكي بغطاء جوي حين يجري الدفع بها إلى ساحات القتال.
إلا أن الفشل لاحق برنامج التدريب الأمريكي الذي انطلق رسميا منذ مايو الماضي، على الرغم من كل الترتيبات التي رصدت لها واشنطن 500 مليون دولار، إذ وقع أفراد من الفرقة "30" التي كونتها واشنطن في قبضة "جبهة النصرة" أكثر من مرة ما دفع سلاح الجو الأمريكي للتدخل في إحدى المرات لحمايتهم من هجوم للجبهة، وأصبحوا بذلك عبئا بدل أن يكونوا رأس حربة على الأرض، حسب المخططين الأمريكيين.
ويعترف الآن قائد القوات المركزية الأمريكية الجنرال لويد أوستين بأن 4 أو 5 عناصر فقط من الدفعة الأولى التي جرى تدريبها من المعارضة السورية المعتدلة لا يزالون على أرض المعركة داخل سوريا.
الجنرال أوستين أقر أيضا أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بأن برنامج التدريب تأخر كثيرا عن مواعيده المقررة وأن أهدافه لم تتحقق، مشيرا إلى أن الجيش الأمريكي يُجري حاليا مراجعة واسعة له.
وزادت على ذلك كريستين ورموث، وكيلة وزير الدفاع للشؤون السياسية في نفس المناسبة بالقول إن الولايات المتحدة تعكف حاليا على تدريب ما بين 100 - 120 مقاتلا سوريا فقط، فيما كانت واشنطن أعلنت في مايو الماضي أنها تخطط لتدريب نحو 5400 مقاتل كل سنة على مدى 3 أعوام.
لم تتمكن الولايات المتحدة من شن حرب برية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" بواسطة متدربيها السوريين "المعتدلين" المنطوين تحت لواء "الفرقة 30"، ولم تستطع تسجيل نتائج تذكر في الحرب الجوية التي يشنها ائتلاف دولي تقوده ضد تنظيم "الدولة" في سوريا والعراق منذ مدة طويلة.
نتائج وصفتها الخارجية الروسية بأنها متواضعة جدا، وأنها لم تعجز فقط عن إيقاف الإرهابيين، بل ساهمت في زيادة عدد مناصريهم والراغبين في الانضمام إلى صفوفهم.
هذه النتائج الضئيلة دفعت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا إلى القول إن الأمريكيين إما أنهم منذ البداية لم يدرسوا الائتلاف الذي أقاموه جيدا، أو أنهم قصدوا أن يكون كما هو الآن لأهداف أخرى غير المعلنة.
لافروف لم يخف شكوكه حيال حرب الولايات المتحدة الجوية ضد تنظيم "الدولة"، مشيرا إلى أن تحليل عمليات قوات التحالف الجوية يخلق انطباعا غريبا، ويثير هواجس بأن الغرض الحقيقي لهذه العمليات الجوية خفي لا علاقة له بالمُعلن.
ولم يكتف رئيس الدبلوماسية الروسية بإثارة شكوك مشروعة، بل كشف عن وجود معلومات عن رفض القيادة الأمريكية قصف مواقع لتنظيم "الدولة"، وقال في هذا الصدد: "آمل أن لا أخيب أمل أحد حين أقول إن بعض زملائنا في الدول المشاركة في الائتلاف يقولون إن معلومات تتوفر لديهم أحيانا عن مواقع مسلحي داعش، إلا أن قيادة التحالف لا تعطي موافقتها على قصفها!".
لافروف أكد بدبلوماسية محترفة أنه لا يريد أن يبني أي استنتاجات على ذلك، إلا أنه شدد على وجود مثل هذه الإشارات التي تعكس غرابة هذا النوع من القصف الجوي الذي لا نتائج واضحة له.
محمد الطاهر