وأكد دي ميستورا بعيد لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن التوصل لحل سياسي في سوريا بمشاركة قوى إقليمية ودولية بات ضروريا للحيلولة دون تكرار ما حدث في ليبيا من انهيار للمؤسسات.
ومن المقرر أن يزور المبعوث الأممي دمشق خلال الأيام المقبلة لاستكمال مشاوراته مع الحكومة السورية حول تفاصيل الخطة التي لم تلق بعد تأييدا كاملا من دمشق والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.
تقوم مقاربة دي ميستورا على جمع المستويين العسكري والسياسي معا، فلا حل عسكريا دون مسار سياسي واضح، ولا حل سياسيا دون مسار واضح لإنهاء العنف والإرهاب، وهو ما أكده بشكل جلي حين قال إن "خطته الحالية تشمل عرضين مكملين لبعضهما، الأول يتمثل في مجموعة عمل تهدف إلى إيجاد مستقبل للشعب السوري، يكون موضوعها الأساسي مكافحة الإرهاب" في تبني صريح لموقفي دمشق وموسكو، لكنه استدرك بالمقابل بالتأكيد على أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تنجح دون التوصل إلى حل سياسي، في تبني واضح أيضا لرؤية الائتلاف وداعميه الإقليميين والدوليين.
أما العرض الثاني فيتعلق بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية لتجنب ما حدث من انهيار لها في ليبيا والعراق والصومال، وهو موقف تجمع عليه كل الأطراف السورية والإقليمية والدولية على السواء.
ويحاول دي ميستورا تطبيق أسلوب تفاوض متدرجا، يبدأ بالملفات السهلة غير المختلف عليها، ويحدث تراكما من شأنه أن يوصل في النهاية إلى صيغة يتفق عليها الجميع.
لكن الخطة المبعوث الأممي التي تبناها مجلس الأمن لم تحصل بعد على تأييد كامل من الائتلاف المعارض والحكومة السورية على الرغم من تعاطيها الإيجابي مع الخطة.
فدمشق ما تزال تتمسك بجوهر رؤيتها للحل الذي يستند أولا على ضرورة وقف الدعم الإقليمي للمسلحين ثم الانتقال إلى توافق سياسي مع الفاعلين الإقليميين، قبيل الدخول في دهاليز التسوية السياسية.
وليس أدل على ذلك ما أعلنه مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري مطلع الشهر الماضي من أن "محاربة الإرهاب تعتبر ضرورة وأولوية بالنسبة الى سوريا، وإذا لم يـتم التعامل مع الإرهــاب كما يجب فلن تصبح العمليات والمسارات الأخرى مهمة".
وتطالب الحكومة السورية بمعرفة كيفية عمل اللجان الأربع وكيفية اختيار أعضائها، لا سيما اللجان المعنية بمكافحة الإرهاب، وكيفية مراقبة هذا العمل والتأثير عليه من قبل موظفي البعثة الدولية.
كما تتحفظ دمشق على المرحلة الانتقالية التي تتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة بما فيها الجيش والأمن وتشكيل مجلس عسكري مشترك من الحكومة والمعارضة.
بالمقابل يستعدّ الائتلاف المعارض، لعقد مؤتمر يضم الفصائل العسكرية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، للخروج بموقف موحد بعدم المشاركة في مجموعات العمل الأربع التي اقترحها دي ميستورا.
وكان الائتلاف قدم تحفظات ثلاث على الخطة:
1ـ استغراق الخطة لوقت طويل لا يمكن الموافقة على تمريره في ظل وضع ميداني متأزم.
2ـ البيان الرئاسي يُضيع في طيات مسودة الخطة المقترحة، الهدف المنشود من بيان "جنيف 1" وقرار مجلس الأمن 2118 وهو الاتفاق على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات.
3ـ محاولة تشويه إرادة الشعب السوري من خلال الانتقائية في اختيار ممثليه، كما حدث في مشاورات جنيف الأخيرة.
ويخشى دي ميستورا عدم مشاركة الائتلاف في الخطة، ومع أنه هدد في وقت سابق بتشكيل اللجان الأربع من دون الائتلاف إذا أصر على موقفه، لكن من المستبعد أن يقوم بتنفيذ تهديده.
وأمام هذه التحفظات تبدو خطة دي ميستورا غير ناضجة بما يكفي لإيجاد حلول للازمة السورية، فالرجل لم يطرح حلولا ولا مقدمات للحل، وإنما حاول تدوير الزوايا وإدخال فاعلين إقليميين في لعبة المفاوضات كانوا حتى الأمس القريب مستبعدين منها، وحتى الجديد الذي جاء به (مجموعة اتصال دولية خاصة بسورية) لن يخرج عن إطار محاولة المجتمع الدولي إدارة الأزمة لا حلّها.
المصدر: RT