مباشر

البلطجة الأمريكية – الأطلسية على حدود روسيا وجر أوكرانيا وجورجيا للصدام

تابعوا RT على
تتوالى المناورات العسكرية، ذات الطابع العدواني، لحلف الناتو والولايات المتحدة ليس فقط مع دول الحلف، بل ومع دول أخرى على حدود روسيا.

مناورات بحرية دولية بدأت في منطقتي أوديسا ونيكولايف بجنوب أوكرانيا الاثنين 31 أغسطس/آب تحت عنوان "سي بريز" وستستمر حتى 12 سبتمبر/أيلول. يشارك في هذه المناورات 2500 عسكري من أوكرانيا، والولايات المتحدة، وبلغاريا، وألمانيا، واليونان، وإيطاليا، وبريطانيا، ورومانيا، والسويد، وتركيا، ومولدوفا. ويشكل العسكريون الأمريكيون حوالي 30% من المشاركين في هذه المناورات. ويشارك أيضا أكثر من 150 وحدة من السفن والغواصات والمروحيات والطائرات والآليات العسكرية.

بهذه المناورات تصل "البلطجة" الأمريكية إلى إحدى ذرواتها. فواشنطن ودول حلف الناتو تجري مناوراتها في أوكرانيا التي ليست أصلا عضوا في الحلف، وبمشاركة مولدوفا أيضا. وذلك على الرغم من أن الحلف يؤكد يوميا أنه لن يضم أي دول جديدة إلى صفوفه، وبالذات جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة وفقا لاتفاق بين موسكو وواشنطن وبروكسل بهذا الصدد.

وفي حلقة أخرى من حلقات البلطجة الأمريكية – الأطلسية، يجري الحلف أكبر مناورات له منذ 10 سنوات، في الفترة من أكتوبر/كانون الأول إلى نوفمبر/كانون الثاني، في إسبانيا وإيطاليا والبرتغال وفي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي أيضا. وسيشارك في المناورات أكثر من 36 ألف عسكري من 30 دولة، بما في ذلك حلفاء الناتو والدول الشريكة السبع: استراليا والنمسا والبوسنة والهرسك وفنلندا ومقدونيا والسويد وأوكرانيا.

الناتو الذي يواصل توريط أكبر عدد ممكن ليس فقط من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، بل وأيضا من الدول الأوروبية الأخرى في سيناريوهاته العدوانية، أعلن صراحة أنه سيقوم بهذه المناورات من أجل إعداد العسكريين لسيناريو ما أسماه بـ "الحرب الهجنية" التي "تقوم بها روسيا. وذلك على الرغم من الخبراء والمحللين في داخل الحلف يشكون أصلا في حقيقة وجود تلك الحرب الهجينة. ولكن يبدو أن القرار السياسي للحلف من جهة، ولواشنطن التي تدير الحلف من جهة أخرى، يسعى لتمرير سيناريوهات أخرى لإقناع الرأي العام العالمي "بمدى خطورة روسيا وعدوانيتها"!.

أما صحيفة "ناتشيونال انتريست" فقد ردت هي الأخرى على مزاعم ساسة الناتو والبيت الأبيض بأن ما يسمى بـ "العدوان الروسي المحتمل والحرب الهجينة" لا حقيقة لوجودهما أساسا، وذلك لسبب بسيط للغاية، ألا وهو أن موسكو لا تنوي في الحقيقة احتلال أراضي أي دول أخرى. ومع ذلك، فقيادات الناتو والبيت الأبيض الأمريكي مصممون على أن "روسيا دولة خطيرة وتشكل تهديدا للحلف ولأعضائه وأصدقائه"! بينما هذه المناورات في واقع الأمر استمرار لاستراتيجية توسيع النشاط العسكري للناتو في أوروبا، بما في ذلك تعزيز قوات الرد السريع، وزيادة عدد القوات الأمريكية في القارة، وتوسع كبير في برنامج التدريبات وزيادة الإنفاق في مجال الدفاع.

وفي رد على هذا المناورات أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشيوف أن إجراء الناتو تدريبات ضخمة في ظل احتدام الصراع في أوكرانيا هو سبيل نحو زعزعة الأمن في القارة الأوروبية. وقال إنه إذا كان الهدف المخفي لهذه المناورات يتمثل في زيادة الانقسام والمواجهة في أوروبا فإن التدريبات تجري في وقت يثير التساؤلات عن من يحتاج إلى فعل ذلك في أوروبا ولماذا!!

هنا يأتي دور جورجيا مرة أخرى، حيث أعلن الناتو عن افتتاح مركز تدريب لقوات الحلف في تلك الجمهورية السوفيتية السابقة، وهو ما اعتبرته موسكو خطوة استفزازية وعاملا يزعزع الاستقرار في المنطقة يستهدف توسع نفوذ الحلف "الجيوسياسي" باستخدام موارد الدول التي لها صفة الشريك. بل وحذرت من أن تصريحات وأفعال بعض السياسيين الجورجيين تدل على أن تبيليسي لم تستوعب حتى الآن عواقب مغامرتها العسكرية عام 2008، ومازالت  تتطاول على أراضي جمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية المستقلتين.

في الحقيقة، فقد نجح الحلف وواشنطن من دق أسافين متعددة بين روسيا ودول مثل جورجيا وأوكرانيا مستخدما مجموعات الضغط ورجال الأعمال الذين يملكون مصالح مالية مع الدول الغربية، وعن طريق الساسة الطموحين للتعامل مع الغرب والانتماء إليه بصرف النظر عن مصالح دولهم.

لقد قالت وزيرة الدفاع الجورجية تينا خيداشيلي، خلال كلمة أمام معهد واشنطن للسلام في 19 أغسطس/آب، إن فكرة انضمام بلادها إلى حلف الناتو تثير شك المجتمع في جورجيا وإن من يؤمن فيها من المواطنين أقل يوما بعد يوم. غير أنها أضافت من جهة أخرى بأنها لا تظن أن مزاج الناس في بلادها سيصبح مؤيدا لروسيا، لكن الجورجيين أصبحوا، حسب قولها، أكثر شكا لأن الغرب لم يف بوعوده التي قطعها في الماضي، مبينة أنه إلى جانب الشك بالانضمام إلى الناتو فهناك شكوك أيضا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

أما رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك فقد أعلن في 23 أغسطس/آب أن المبادئ الجديدة لتشكيل القوات الأوكرانية يجب أن تعتمد على أعلى معايير قوات الأعضاء في حلف الناتو. وإمعانا في المزايدة واستدرار العطف الغربي، يشير ياتسينيوك ربيب الغرب في كييف، إلى ضرورة عدم ربط بناء جيش أوكراني قوي بمسألة عضوية بلاده في الناتو، معربا عن قناعته بأنه "سيحين الأوان  لتصبح القوات الأوكرانية مثالا يحتذى به للدول الأعضاء في الحلف.. وأنه لا يوجد في العالم من ليس مستعدا بعد لاتخاذ هذا القرار". واعتبر أن "رفض توقيع أوكرانيا في عام 2008 على خطة الأعمال الخاصة بعضويتها في الناتو أصبح دراما جيوسياسية كبيرة".

أشرف الصباغ

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا