وكانت الأزمة السورية ومحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي في صلب محادثات وزيري الخارجية سيرغي لافروف وعادل الجبير الثلاثاء 11 أغسطس/آب، علما بأن اللقاء في موسكو جاء بعد مرور أسبوع فقط على محادثاتهما في الدوحة، والتي جرت بمشاركة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الاثنين 3 أغسطس/آب. كما ومن اللافت أن زيارة الجبير إلى موسكو تأتي قبل وصول عدة وفود للمعارضة السورية إلى روسيا.
وأكد وزير الخارجية الروسي إثر المحادثات أنه جرى تحقيق بعض النتائج الأولية فيما يتعلق بمبادرة الرئيس بوتين الخاصة بإنشاء تحالف إقليمي لمحاربة "داعش".
وقال في مؤتمر صحفي مشترك عقد في موسكو الثلاثاء 11 أغسطس/آب: "أنا واثق من أننا سنواصل بحث المبادرة، وقد تم تحقيق نتائج أولية محددة".
وأضاف: "لدينا موقف متطابق من ضرورة توحيد الجهود في مكافحة الخطر الذي يهدد الجميع والمتمثل في تنظيم "داعش" وجماعات إرهابية أخرى. إنه خطر واقعي على روسيا وعلى المملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة وخارجها".
وتابع لافروف أن روسيا والسعودية نسقتا خطوات عملية لتسوية الأزمة السورية. وأوضح أن الطرفين اتفقا على تنسيق الخطوات العملية لاستئناف الحوار السوري-السوري الشامل برعاية دي ميستورا.
هذا وأكد وزير الخارجية الروسي أن المناقشات التي تجريها موسكو مع أطياف المعارضة السورية تصب في المجرى المشترك الذي يجري تنسيقه مع الرياض والأطراف الدولية الأخرى.
كما نفى لافروف في هذا السياق وجود أي خطط لدى موسكو لاستضافة اجتماع واسع لأطياف المعارضة السورية، ووصف أنباء نشرت بهذا الشأن بأنها غير صحيحة. وأعاد إلى الأذهان أن موسكو استضافت لقاءين تنسيقيين للمعارضة السورية في يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان الماضيين، أما الآن فتواصل روسيا الاتصالات مع كل طيف من أطياف المعارضة على حدة. وكشف أن من المتوقع أن يصل موسكو قريبا زعماء عدة منظمات معارضة، منهم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم وعضو لجنة المتابعة لمؤتمر "القاهرة-2" هيثم مناع ورئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجة.
بدوره قال الجبير إن هناك توافقا حول ضرورة توحيد صفوف المعارضة السورية، مضيفا أنه بحث هذا الموضوع مع لافروف بالتفاصيل.
لافروف: يجب أن يقرر السوريون أنفسهم مسائل التسوية في سوريا تنفيذا لبيان جنيف
قال وزير الخارجية الروسي إن موسكو مازالت تصر على ضرورة أن يقرر السوريون أنفسهم ملامح التسوية في سوريا ومستقبل البلاد.
وشدد قائلا: "يكمن موقفنا في ضرورة أن يقرر السوريون أنفسهم جميع مسائل التسوية بما في ذلك ملامح المرحلة الانتقالية والإصلاحات السياسية. ولقد سُجّل في بيان جنيف أن هذه المسائل يجب أن تحل عن طريق التوصل إلى توافق واسع بين الحكومة وجميع أطياف قوى المعارضة".
وأضاف أن إحدى النتائج العملية للقائه مع الجبير تتعلق بالاتفاق على المساهمة في توحيد صفوف المعارضة على أساس قاعدة بناءة توضح رؤية قوى المعارضة لمستقبل البلاد، وتسمح بإجراء الحوار بصورة فعالة في إطار تعده الأمم المتحدة حاليا.
بدوره أكد وزير الخارجية السعودي تمسك بلاده بمبادئ بيان جنيف واحد، بما في ذلك توحيد صف المعارضة السورية على أساس قاعدة بناءة والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية.
وقال الجبير مجيبا على أسئلة الصحافيين، إنه يجب الحفاظ على الجيش السوري واستخدامه في حرب "داعش" بعد رحيل الأسد.
وأكد وزير الخارجية السعودي أن موقف السعودية لم يتغير بالنسبة إلى سوريا، وهو مبني على حل سلمي بناء على "جنيف واحد"، وأنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد في مستقبل سوريا.
خلافات روسيا والرياض حول مصير الأسد
أكد وزيرا الخارجية الروسي والسعودي أن بعض الاختلافات في مواقف موسكو والرياض لا تزال قائمة فيما يتعلق بتسوية الأزمة السورية، وبالدرجة الأولى فيما يخص مصير الأسد.
وشدد لافروف على أن السوريين أنفسهم يجب يقرروا مصير الأسد، وذلك من خلال حوار شامل بمشاركة جميع الأطراف المعنية من أجل تحديد ملامح المرحلة الانتقالية.
وقال: "لدينا اختلافات حول مصير الرئيس بشار الأسد. ويكمن موقفنا في ضرورة تقرير جميع مسائل المرحلة الانتقالية من قبل السوريين أنفسهم على أساس الحوار".
بدوره قال الجبير إن موقف الرياض ثابت فيما خص الحل في سوريا لا سيما لجهة وجود سلطة انتقالية وحكومة مستقبلية لا مكان للأسد فيها. وتابع أن السعودية تعتبر بشار الأسد جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل، وتعتبر أنه تسبب بظهور "داعش" في سوريا عندما وجه الأسلحة ضد شعبه.
وأردف: "نؤمن أن بشار الأسد انتهى"، موضحا أنه إما سيرحل عبر عملية سياسية من أجل حقن دماء السوريين وإما في سياق العمليات العسكرية.
وقال الجبير: "نعتقد ونؤمن أن نظام بشار الأسد وبشار الأسد نفسه انتهى. إما يرحل بعملية سياسية أو ينتهي بسبب العمليات العسكرية. ونحن نأمل في أن يستطيع المجتمع الدولي أن يجد وسيلة لإخراج بشار الأسد عبر عملية سياسية تقلص سفك الدماء في سوريا وتقلص الدمار في سوريا وتحافظ على المؤسسات الحكومية والعسكرية في سوريا".
لافروف: إسقاط الأسد عسكريا سيؤدي إلى استيلاء "داعش" على السلطة في سوريا
بدوره حذر لافروف من أن إسقاط نظام الأسد عسكريا سيؤدي إلى استيلاء تنظيم "داعش" على السلطة في سوريا.
وأردف قائلا: "لا أرى أن من اللائق أن يعوّل أحد الأطراف الفاعلة المشاركة في الأحداث حول الأزمة السورية بصورة أو بأخرى، على حل قضية (الرئيس السوري بشار الأسد) بطريقة عسكرية، وذلك لأن السبيل الوحيد لتحقيق هذا الحل العسكري يكمن في استيلاء "داعش" والإرهابيين الآخرين على السلطة. وأنا لا أظن أن هناك من يريد ذلك".
وشكك الوزير الروسي في فعالية الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع الإرهابيين في أراضي العراق وسوريا.
وأضاف أن هناك خبراء أجانب كثيرين يشاطرون موسكو رأيها بأن الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي، لن تعود بالنتيجة المرجوة ولن تؤدي إلى هزيمة "داعش" بدون توحيد صفوف جميع الأطراف التي تواجه الإرهابيين على الأرض.
وأوضح لافروف أن المبادرة الروسية التي طرحها الرئيس بوتين بهذا الشأن لا تتعلق بتشكيل حلف عسكري بالمعنى التقليدي للكلمة. وتابع أن الحديث لا يدور عن تشكيل قوة مشتركة بقيادة موحدة، ترسل إلى منطقة النزاع، بل عن تنسيق جهود جميع الأطراف الموجودة في منطقة النزاع، لكي يركز الجميع على الهدف الرئيسي المتمثل في محاربة الإرهاب.
وتابع: "من يحارب الإرهابيين حاليا هم الجيشان السوري والعراقي والأكراد وفصائل المعارضة السورية المدعومة من الخارج"، معبرا عن ضرورة أن تؤجل هذه الأطراف تصفية حساباتها إلى ما بعد التصدي لخطر الإرهاب. وأعرب الوزير الروسي عن ثقته بأن فصائل المعارضة السورية ترفض بدورها الأيديولوجية والممارسات التي يفرضها الإرهابيون.
وأضاف: "يجب توحيد جميع هذه الأطراف والاستفادة من النفوذ الذي يتمتع به اللاعبون الخارجيون على مختلف التشكيلات المسلحة على الأرض، من أجل جعل هذا التحالف أكثر فعالية".
وشدد بقوله: تدعم روسيا والمملكة العربية السعودية جميع مبادئ بيان جنيف الصادر يوم 30 يونيو/حزيران عام 2012. ومن هذه المبادئ الحفاظ على مؤسسات الدولة، ومن هذه المؤسسات الجيش السوري".
وتابع: "ولذلك أنطلق من أن مشاركة الجيش السوري في محاربة الإرهاب بصورة فعالية هي ضرورة ملحة".
وشدد على أن "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى وليس الأسد، تمثل الخطر الرئيسي على المنطقة. وأوضح: "يمكننا الحديث عن القضايا داخل سوريا، لكن الأسد لا يهدد أي دولة من دول الجوار، في الوقت الذي يهدد فيه "داعش" ليس سوريا فحسب، بل والعراق والسعودية نفسها، وهو يؤكد نيته هذه علنا وينشر خرائط لدولة خلافة تمتد من إسبانيا إلى باكستان".
بدوره أكد الجبير أن السعودية ملتزمة بمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله بالتعاون مع المجتمع الدولي بما في ذلك روسيا.
الجبير: السعودية تدرس شراء أسلحة روسية بما في ذلك صواريخ "اسكندر"
صرح وزير الخارجية السعودي أن بلاده تسعى لشراء أفضل نماذج الأسلحة في العالم لتعزيز قدراتها الدفاعية، ولذلك ترغب في شراء بعض الأسلحة المميزة في روسيا.
وقال: "السعودية حريصة على أن تكثف علاقاتها مع روسيا في كل المجالات بما في ذلك المجال العسكري. هناك مباحثات بين البلدين والمسؤولين في القطاع العسكري في الحكومتين حيال التعاون العسكري وكيفية تكثيفه. وهناك عدد من الأنظمة الروسية التي تنظر إليها المملكة الآن وتبحثها مع الجانب الروسي بما في ذلك نظام "اسكندر" بالإضافة إلى أنظمة أخرى".
وأعاد إلى الأذهان أن عدة وفود عسكرية سعودية زارت روسيا خلال الشهرين الماضيين، مضيفا أن وزارتي الدفاع في الحكومتين تواصلان المفاوضات بشأن صفقة أسلحة محتملة.
كما أكد الجبير حرص السعودية على تعزيز وتكثيف علاقاتها مع روسيا، لتصبح "علاقات مميزة تخدم الشعبين والبلدين".
الجبير: نتوقع نتائج مميزة لزيارة الملك سلمان المرتقبة إلى روسيا
قال وزير الخارجية السعودي إن الرياض تتوقع أن تعود الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا بنتائج مميزة.
واعتبر أن زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان إلى روسيا في يونيو/حزيران الماضي كان لها أهمية محورية في تطور العلاقات الثنائية.
وأكد الوزير السعودي أن المستوى الحالي للعلاقات بين الدولتين لا يتناسب مع دورهما على الساحة الدولية، مضيفا أن موسكو والرياض قررتا تفعيل التعاون في كافة المجالات بما في ذلك الأمن والتعاون العسكري والتعاون السياسي.
بدوره قال لافروف إن الجانب الروسي جدد الدعوة التي وجهها الرئيس فلاديمير بوتين إلى العاهل السعودي لزيارة روسيا في الوقت الذي يراه مناسبا.
دمشق تدين مواقف وزير خارجية السعودي
من جانبه أعرب مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية عن إدانته الشديدة للمواقف الصادرةِ عن وزيرِ الخارجية السعودي عادل الجبير.
ونقلت وكالة "سانا" عن المصدر قوله إن تصريحات الوزير السعودي "عرت بشكل كامل الدور التدميري" للمملكة في العدوان على سوريا، وأن النظام السعودي هو "آخر من يحق له التحدث عن الشرعية والمشروعية".
واتهم المصدر الرياض بالوقوف وراء ظهور تنظيم "داعش" الإرهابي "فكرا وممارسة" وتقديمه "كافة أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية في سوريا.
المصدر: وكالات