وكانت روسيا قد استخدمت حق النقض ضد مشروع قرار بإنشاء محكمة دولية بشأن كارثة "الماليزية"، واعتبرت فكرة إنشاء المحكمة سابقة لأوانها، مؤكدة أن هدف الجهود الدولية في هذا السياق يجب أن تنصب ليس على إنشاء المحكمة بحد ذاتها، بل على الكشف عن المذنبين، وهو الهدف الذي لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق تحقيق دقيق ونزيه.
وقال بيسكوف للصحفيين الخميس 30 يوليو/تموز إن موسكو ستبذل كل ما بوسعها للكشف عن السبب الحقيقي لهلاك الطائرة التي تحطمت في مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا يوم 17 يوليو/تموز وأسفرت عن مصرع 298 شخصا.
وأكد المسؤول الروسي أن "موسكو عبرت مرارا عن أسفها لعدم وجود إمكانية لمشاركتها في التحقيق والتعاون مع أولئك الذين يتولونه".
وشدد بيسكوف قائلا: "الشيء الأهم هو الكشف عن المذنبين. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عن طريق تحقيق موضوعي غير منحاز، دون أن يعرقله أي تسييس أو ضوضاء سياسية".
وأوضح أن "روسيا لا تتلقى، إلا نادرا، أجوبة عن الأسئلة الكثيرة التي تطرحها بشأن التحقيق الدولي في الكارثة. وتابع أنه يجب على المحققين أن يأخذوا بعين الاعتبار كافة المعلومات والبيانات المتعلقة بملابسات تدمير الماليزية، مضيفا أن الانتقائية التي يبديها المحققون أحيانا في التعامل مع المعلومات، تثير استغراب موسكو.
وأبدى بيسكوف بالمقابل استغرابه من الاتهامات التي توجهها كييف إلى روسيا بشأن استخدامها حق النقض ضد مشروع القرار، معتبرا إياها "سخيفة وليست في محلها"، خاصة وأن أوكرانيا امتنعت، حسب بيسكوف، عن التعاون والإجابة على أسئلة كثيرة طرحتها روسيا بشأن رفض كييف الكشف عن تسجيلات المكالمات بين المراقبين الجويين الأوكرانيين وطاقم الطائرة المنكوبة.
بالمقابل أكد بيسكوف احترام موسكو لموقف الصين التي امتنعت، إلى جانب كل من أنغولا وفنزويلا، عن التصويت على مشروع القرار الماليزي الذي أيدته الأربعاء 11 دولة من أعضاء مجلس الأمن.
وفي وقت سابق أكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أكدت تمسكها بضرورة إجراء تحقيق دولي دقيق وموضوعي في ملابسات الكارثة. ويأتي بيان الخارجية بعد يوم من استخدام روسيا حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار دولي يقضي بإنشاء محكمة دولية خاصة بملاحقة المسؤولين عن تدمير الطائرة الماليزية التي يعتقد أنه تم إسقاطها بواسطة صاروخ.
وجددت الخارجية الروسية الموقف الروسي المبدئي من مشروع القرار الذي قدمته ماليزيا نيابة عن الدول المشاركة في التحقيق الدولي في الكارثة، معتبرة إياه مسيسا، وهو ما دفعها إلى عدم السماح بتمريره، سعيا منها إلى الحيلولة دون حدوث انقسام في مجلس الأمن، وتحويل المناقشات بشأن المسألة إلى مجرى بناء.
وأعربت موسكو عن أسفها لتجاهل أصحاب المبادرة الخاصة بإنشاء المحكمة الدولية، التفسيرات التي قدمها الجانب الروسي بإلحاح لجهة أن هذه الخطوة سابقة لأوانها وضارة، ولا سابق لها، وتأتي قبل الانتهاء من التحقيق الدولي في الكارثة بفترة طويلة.
هذا وتأسف الخارجية الروسية أيضا لتجاهل أصحاب فكرة المحكمة الدولية في مجلس الأمن مشروع القرار البديل الذي قدمته موسكو، والمسارعة إلى مشروعهم للتصويت، دون أن يناقشوا أي خيارات بديلة.
وأعاد بيان الخارجية الروسية إلى الأذهان أن مشروع القرار الروسي كان يعتمد على القرار رقم 2166 الذي أصدره مجلس الأمن بهذا الشأن منذ عام، ونص على الاستفادة من آليات الأمم المتحدة من أجل إتمام التحقيق الشامل والشفاف والموثوق به دوليا في الكارثة، ليتم بعد ذلك اختيار الصيغة الأمثل للمحاكمة.
وجاء في البيان: "ستواصل روسيا في المستقبل بذل الجهود النشطة لتقديم شتى أنواع الدعم للتحقيق في الكارثة".
وتابعت الوزارة: "يدين الجانب الروسي تدمير الطائرة رحلة " MH17" من قبل أشخاص لم يتم تحديد هويتهم بعد، ويعرب عن تعازيه العميقة لذوي جميع الركاب وأفراد الطاقم الذين راحوا ضحية هذه الكارثة المروعة. ولقد أكدنا مرارا تمسكنا بمعاقبة المسؤولين عن ارتكاب هذه الجريمة".
يذكر أن طائرة "بوينغ" تابعة للخطوط الجوية الماليزية كانت تقوم برحلة "MH17" من أمستردام إلى كوالالمبور الـ17 يوليو/تموز عام 2014، قبل أن تتحطم في أراضي مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا، في منطقة تجري فيها عمليات قتالية بين القوات الأوكرانية وقوات الدفاع الشعبي التابعة لجمهورية دوينيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، وأسفرت الكارثة عن مقتل جميع ركاب الطائرة وعددهم 283 والطاقم المكون من 15 شخصا، وفي 21 يوليو/تموز عام 2014، أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا دوليا طالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل في ملابسات الكارثة.
تعليق مراسلتنا في موسكو
تعليق فلاديمير يفسييف مدير مركز الأبحاث السياسية العامة:
المصدر: وكالات