وصوتت لصالح المشروع المقدم من قبل ماليزيا 11 دولة عضوا في مجلس الأمن الدولي، فيما امتنعت 3 دول (أنغولا وفنزويلا والصين) عن التصويت.
وفي ختام الجلسة أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين جاهزية موسكو "لمواصلة دعمها لإجراء تحقيق مستقل وموضوعي يبحث أسباب تحطم الطائرة الماليزية وملابساتها، استنادا إلى قرار 2166 لمجلس الأمن الدولي، وذلك بهدف معرفة المسؤولين عنها ومعاقبتهم لاحقا".
وفي توضيح استخدام روسيا لحق النقض لدى التصويت قال الدبلوماسي إن مشروع القرار المطروح "لم يكن له أي أساس قانوني أو سابقة"، الأمر الذي شرحته روسيا مرارا للدول الأعضاء في المجلس، بحسب قوله. وأضاف أن أصحاب مشروع القرار تصرفوا بدوافع تغلبت فيها الأهداف السياسية والدعائية على الأهداف العملية".
هذا وجدد تشوركين موقف موسكو المنطلق من أن حادثة تحطم الطائرة الماليزية لا يمكن وصفها بتهديد السلام والأمن الدوليين، وذكر بإسقاط طائرة روسية من قبل سلاح الجو الأوكراني عام 2001 وقال إنه لم يسفر عن إنشاء محكمة دولية.
وأعاد المندوب الروسي إلى الأذهان أن موسكو، وبموجب بنود المعاهدة الدولية للطيران المدني، سلمت الطرف الهولندي بصفته جهة التحقيق الرئيسية كل المعلومات التي طلبها، بالإضافة إلى كشف خبراء روس من شركة "ألماز - أنتيه" (المنتجة للأسحة المضادة للجو والصواريخ) تحليلاتهم الخاصة بإحدى الروايات المرجحة لسبب للكارثة، ألا وهي أن الطائرة أسقطت بواسطة صاروخ "أرض - جو" من نوع "بوك"، وذكر تشوركين أن ذلك تطلب رفع صفة السرية عن خواص الصواريخ من هذا النوع، لتصبح روسيا بذلك الدولة الوحيدة في العالم التي أقدمت على نشر هذه المعلومات.
كما لفت الدبلوماسي إلى أن موسكو اقترحت تأسيس منصب مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الكارثة، مما "كان سيساهم في ضمان تحقيق دولي وشفاف بالفعل" لكن هذا المقترح لم يقبل، مضيفا أن مقترحات موسكو لاتزال واردة.
وفي وقت سابق من الأربعاء ذكرت بعثة نيوزيلندا (التي تترأس مجلس الأمن في الشهر الحالي) لدى الأمم المتحدة أن وزراء خارجية أستراليا وبلجيكا وهولندا وأوكرانيا بالإضافة إلى نائب وزير الخارجية الماليزي وصلوا إلى نيويورك لحضور الاجتماع، وتتولى الدول الخمس المذكورة التحقيق الجنائي المشترك في الكارثة التي وقعت في جنوب شرق أوكرانيا يوم الـ17 من يوليو/تموز عام 2014. من جانب آخر، تجري هولندا، التي كان معظم ضحايا الكارثة من رعاياها، تحليلا فنيا لملابسات المأساة.
وكانت ماليزيا قد قدمت مشروع القرار نيابة عن جميع الدول المعنية بالتحقيق في الكارثة، ويعتبر المشروع إسقاط الطائرة بأنه "تهديد للسلام والأمن الدوليين" وينص على إنشاء محكمة دولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة "يهدف للملاحقة الجنائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم المرتبطة بإسقاط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية والتي كانت تقوم برحلة رقم "MH17".
كما تطالب الوثيقة جميع الدول بالتعاون الكامل مع المحكمة التي ستعتمد في عملها على نتائج التحقيقين الفني والجنائي اللذين لم يكتملا بعد.
بوتين: إنشاء محكمة دولية في قضية الماليزية أمر غير مناسب
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الهولندي مارك ريوتي أن موقف روسيا من فكرة إنشاء محكمة في قضية إسقاط الماليزية، غير قابل للتعديل، باعتبار إنشاء مثل هذه المحكمة أمرا غير مناسب.
وجرت المكالمة الهاتفية وهي الثانية منذ أسبوعين، بمبادرة من الجانب الهولندي.
وجاء في بيان أصدرته الدائرة الصحفية للكرملين الأربعاء 29 يوليو/تموز بشأن المكالمة أن الطرفين واصلا بحث المسائل المتعلقة بالتحقيق في تحطم الطائرة الماليزية في يوليو/تموز عام 2014.
وأشير في البيان إلى أن "هناك أسئلة كثيرة حول التحقيق في الكارثة، تشمل مسائل قاعدة الأدلة التي جمعها التحقيق، وكذلك عدم السماح بمشاركة روسية تذكر في إجراء التحقيقات، ونحن على استعداد للتعاون الوثيق من أجل توضيح أسباب وملابسات هذه المأساة".
كما عبر بوتين عن أسفه لعدم تأييد الدول الداعية لإنشاء محكمة دولية، مشروع قرار قدمته روسيا بشأن كارثة الطائرة الماليزية.
وكان بوتين قد شرح لريوتي خلال المكالمة الهاتفية السابقة بينهما موقف روسيا من المبادرة الخاصة بإنشاء محكمة دولية لملاحقة الأشخاص المسؤولين عن تدمير الطائرة الماليزية، باعتبار هذه المبادرة سابقة لأوانها وهدامة.
كما دعا الرئيس الروسي إلى الكف عن تسريب معلومات عن مختلف الفرضيات المسيسة بشأن أسباب الكارثة إلى وسائل الإعلام، واصفا هذه التصريحات بأنها غير مقبولة.
يشار إلى الدول الغربية سبق أن سارعت، فور تحطم الطائرة، إلى توجيه أصابع الاتهام إلى قوات الدفاع الشعبي المعارضة لكييف في شرق أوكرانيا، رغم عدم وجود أي أدلة دامغة تثبت تورط تلك القوات، نظرا لعدم امتلاكها أسلحة قادرة على إسقاط طائرة تحلق على ارتفاع 10 كيلومترات.
أما فريق التحقيق الدولي، فلم يقدم بعد نتائج نهائية، إلا أنه أكد في تقرير أولي له أن الطائرة أسقطت بواسطة صاروخ، دون أن يوضح ما إذا كان هذا الصاروخ أطلق من الأرض أو من طائرة أخرى.
وكانت روسيا قد قدمت إلى مجلس الأمن مشروع قرار بديلا بشأن ملاحقة المسؤولين عن إسقاط الطائرة، يقترح تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة يعنى بدعم التحقيق، ولا يذكر مشروع القرار الروسي فكرة إنشاء محكمة، لكنه يطالب جميع الدول بالتعاون في ملاحقة المذنبين بعد انتهاء التحقيق.
يذكر أن طائرة "بوينغ" تابعة للخطوط الجوية الماليزية كانت تقوم برحلة "MH17" من أمستردام إلى كوالالمبور الـ17 يوليو/تموز عام 2014، قبل أن تتحطم في أراضي مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا، في منطقة تجري فيها عمليات قتالية بين القوات الأوكرانية وقوات الدفاع الشعبي التابعة لجمهورية دوينيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، وأسفرت الكارثة عن مقتل جميع ركاب الطائرة وعددهم 283 والطاقم المكون من 15 شخصا، وفي 21 يوليو/تموز عام 2014، أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا دوليا طالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل في ملابسات الكارثة.
تعليق مراسلتنا في واشنطن
تعليق مراسلنا في موسكو
تعليق إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون
المصدر: "تاس"