وأعلن نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج في هذا الصدد الخميس 23 يوليو/تموز أن مجلس الوزراء ناقش إقامة نظام أمني متكامل لحماية الحدود مع سوريا، وأن الهدف من هذا النظام الأمني "منع تسلل عناصر داعش ورفع التدابير الأمنية وتأمين الحدود، خاصة المحاذية منها للمناطق السورية التي يسيطر عليها التنظيم".
وذكر أرينج جهات لم يسمها بأنها تشن حملة تحريض، واتهم الحكومة التركية بعدم محاربتها تنظيم داعش بشكل كاف، واصفا ذلك بأنه أكاذيب دنيئة ومزاعم عارية عن الصحة، وأن "داعش تنظيم إرهابي تلعنه تركيا" وهي مصممة على محاربته بجميع الأشكال.
ولفت المسؤول التركي إلى أن بلاده أوقفت 600 شخص منذ بداية العام الجاري يشتبه في صلتهم بالتنظيم، 102 منهم اعتقلوا وأودعوا السجن.
ووصف أرينج اغتيال عنصرين من الشرطة التركية الأربعاء في هجوم استهدف منزليهما بمدينة جيلان بينار القريبة من الحدود السورية بأنه جريمة نفذتها منظمة إرهابية، متوعدا برد مناسب على الجريمة.
بدوره، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إنه واثق في أن قوات الأمن ستقبض على منفذي الأعمال الإرهابية وسيقدمون إلى العدالة، وأن رد سلطات بلاده سيكون واحدا على جميع التنظيمات الإرهابية "سواء أكانت داعش التي استهدفت شبابنا الأبرياء (تفجير سوروج)، أو غيرها مثل تنظيم "بي كا كا" الإرهابي الذي قتل عناصر الشرطة والجيش ومواطنا".
وكان 32 شخصا وأصيب 104 في تفجير انتحاري وقع الاثنين الماضي في حديقة مركز ثقافي بمدينة سوروج جنوب شرق تركيا، وقتل في اليوم ذاته جندي وجرح آخران في اشتباكات بين قوات تركية ومسلحين من "بي كا كا" الاسم المختصر لحزب العمال الكردستاني، جنوب شرقي البلاد.
هذا، وتواصل تركيا حشد المزيد من التعزيزات العسكرية على حدودها الجنوبية مع سوريا، وقد وصلت الخميس 23 يوليو/تموز وحدات مدرعة تابعة للفوج الخامس إلى المنطقة الحدودية مع سوريا في قضاء أل بيلي بولاية كيلس.
وكان الجيش التركي بدأ منذ أسابيع نشر دبابات وعربات قتال مدرعة وأنظمة دفاع جوي وجنود في قضاء أل بيلي تزامنا مع تحقيق وحدات الحماية الكردية انتصارات ضد داعش في مدينة تل أبيض والمناطق المحيطة بها.
وفي السياق ذاته، اتفق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي باراك أوباما في اتصال هاتفي على العمل معا لوقف تدفق المقاتلين الأجانب بتأمين الحدود التركية مع سوريا، وبحثا أيضا تعزيز تعاونهما في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية".
وكان وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر أبلغ لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في الـ7 يوليو/تموز الجاري أن واشنطن تسعى لإقناع تركيا ببذل جهود إضافية لمنع تدفق المقاتلين المتشددين والإمدادات إلى داعش في سوريا عبر حدودها، مضيفا أن بلاده تحاول إقناع الأتراك بتحسين أدائهم.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد قال في يونيو/حزيران الماضي إن قوة تنظيم داعش ستتضاءل إذا بذلت تركيا جهودا بشكل أكبر في مراقبة حدودها مع سوريا، وذكر أن آلاف المقاتلين الأجانب يتسللون إلى سوريا عبر تركيا، قبل الانتقال إلى العراق.
وتواجه تركيا منذ مدة طويلة انتقادات بشأن تدفق المقاتلين المتشددين إلى سوريا عبر حدودها بهدف الالتحاق بتنظيم داعش، وعلى الرغم من أن السلطات التركية تنفي بشدة تقاعسها في منع وصول المقاتلين المتطرفين إلى سوريا عبر أراضيها، إلا أن وقائع عديد تشير إلى أن الحدود التركية السورية معبر رئيس للمقاتلين الأجانب إلى سوريا.
ويجدر التذكير في هذا الصدد بحادثتين وقعتا لفتاتين روسيتين حاولتا الشهر الماضي الالتحاق بتنظيم داعش في سوريا عبر تركيا بعد تجنيدهما، وفيما تمكنت السلطات التركية من اعتقال وترحيل الأولى فارفارا كارأولوفا وهي شابة في الـ19 من العمر قبل اجتيازها الحدود بعد جهود عاجلة من قبل السلطات الروسية، لم يعثر على أثر للفتاة الثانية مريم إسماعيلوفا لدى محاولتها عبور الحدود التركية إلى سوريا بعد 10 أيام من الواقعة الأولى.
وتشير تقارير إعلامية محلية إلى أن السلطات التركية اعتقلت في الشهر الحالي فقط 45 أجنبيا عند محاولتهم عبور حدود البلاد الجنوبية مع سوريا والتي تمتد لمسافة 900 كيلو متر.
وأطلق المسؤولون الأتراك في الأسابيع الماضية تصريحات حادة أكدوا فيها أنهم سيلجؤون إلى القوة العسكرية عند الضرورة، ولن يسمحوا بإقامة دولة كردية على حدود بلادهم الجنوبية، ردا على تحقيق قوات الحماية الكردية بعض المكاسب على الأرض في مواجهة تنظيم داعش.
ويظهر هذا الموقف بشكل جلي أن السلطات التركية لا تجد في إقامة تنظيم داعش دولة على الحدود الجنوبية للبلاد خطرا على الأمن القومي بنفس الدرجة على الأقل من احتمال إقامة الأكراد لدولة في نفس المنطقة إلا أن موقف السلطات التركية تغير بشكل ملحوظ بعد مقتل 32 شخصا في انفجار مدينة "سوروج"، إذ أظهر هذا الهجوم الإرهابي الانتحاري أن تركيا ليست في منأى عن إرهاب داعش، ما دفع أنقرة إلى التحرك بنشاط أكبر من خلال الإعلان عن اعتقال العديد من المتطرفين عند محاولتهم التسلل إلى سوريا إضافة إلى الإجراءات الأخرى الهادفة إلى تأمين الحدود وإغلاق المنافذ في وجه الإرهاب العابر للحدود.
المصدر: وكالات