إذ أعلن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد الثلاثاء 7 يوليو/تموز أن بلاده شرعت ببناء جدار وخندق على طول الحدود مع ليبيا ضمن الخطط الرامية لمنع تسلل المتطرفين.
وقال الصيد في مقابلة مع التلفزيون الرسمي: "بدأنا في بناء جدار رملي وحفر خندق على الحدود مع ليبيا ..الجدار سيكون على طول 168 كيلومترا وسيكون جاهزا في نهاية 2015"، معتبرا أن "ليبيا أصبحت معضلة كبرى".
وأضاف أن الجدار سيقام "خاصة في المنطقة الواقعة بين راس الجدير والذهيبة" حيث يوجد معبران حدوديان مع ليبيا. وسيبلغ 186 كم في مرحلة ثانية، علما أن تونس ترتبط مع ليبيا بحدود برية مشتركة تمتد نحو 500 كم، وتشهد عدا عن تسلل المسلحين، تهريب أسلحة ومخدرات.
لذلك فالقرار التونسي ليس غريبا، خصوصا بعد إعلان وزارة الداخلية أن الطالب سيف الدين الرزقي (23 عاما) الذي قتل 38 سائحا أجنبيا بينهم 30 بريطانيا في هجوم برشاش كلاشنيكوف على فندق "إمبريال مرحبا" في منتجع سوسة، تدرب على حمل السلاح في معسكر تابع لتنظيم "أنصار الشريعة" في ليبيا. كما أثبتت التحقيقات أن اثنين من المسلحين الذين هاجموا متحف باردو في تونس العاصمة خضعا لتدريبات على السلاح في ليبيا أيضا.
وغيرهم الكثير، ممن يتوجهون الى تركيا والأردن للتسلل الى سوريا والانضمام الى تنظيم "الدولة الإسلامية"، وإن بقي أحدهم حيا، يعود الى بلده ليمثل تهديدا أمنيا جديا بعد حصوله على "خبرة عملية في الإرهاب"، ومن المعروف أن تونس تتصدر قائمة الدول التي خرج منها أفراد الجماعات المتطرفة التي تقاتل في سوريا بنحو 3000 مقاتل، وباتت عودتهم قنابل موقوتة تهدد أمن واستقرار تونس.
اختفاء 33 تونسيا يشتبه بتوجههم الى ليبيا أو سوريا
استفاقت الثلاثاء منطقة رمادة بولاية تطاوين التونسية على نبأ اختفاء 32 شابا وامرأة حامل يشتبه بتوجههم جميعا إلى مناطق تابعة لتنظيمات إرهابية بسوريا أو ليبيا، وبين هؤلاء ثلاثة عسكريين.
وتتراوح أعمار المختفين بين 15 و40 سنة وبينهم 14 شخصا تربطهم صلات قربى، و9 تلاميذ بالمعهد الثانوي بأريانة، ومعوق، وإمرأة حامل و3 عسكريين، ومنهم قائد الطائرة الذي فر من الخدمة العسكرية منذ ستة أشهر وهو شقيق متشدد ديني معروف في المنطقة كان اعتكف مؤخرا لمدة شهر كامل في الصحراء.
وتقول مصادر إن أحد المختفين يعمل بشركة نفطية في منطقة رمادة أمضى 3 ليال متتالية في المسجد لتلقي دروس دينية قبل اختفائه، مشيرة الى أنه خرج ليلا مع المجموعة المختفية بعد صلاة التراويح من "الجامع الكبير" برمادة الذي تسيطر عليه مجموعات تكفيرية.
وقالت نفس المصادر إن المرأة الحامل، التي رافقت المجموعة هي شقيقة أحد المجاهدين في سوريا، كان قد لقي مصرعه منذ فترة إذ فجر نفسه هناك، وزوجها الذي فرّت معه هو أحد "زعماء تسفير الشباب إلى سوريا" وكان الأمن قد حقق معه أكثر من مرة دون إيقافه، مع أن المنطقة شهدت مغادرة ما يقارب 60 شابا للقتال في سوريا على فترات متفاوتة، قتل منهم 15 شابا.
هذا وتزايدت المخاوف عقب انتشار خبر الاختفاء من محاولة تسللهم إلى الأراضي الليبية والتحاقهم بالتنظيمات المتشددة الناشطة هناك.
الانفلات الأمني في ليبيا عقد المشهد بتونس
وأعلن وزير الداخلية التونسي ناجم الغرسلي الثلاثاء 7 يوليو/ تموز أن الفوضى وانفلات الأمن في ليبيا عقد المشهد في تونس، وساهم بشكل مباشر في انتقال الإرهاب من الجبال إلى المدن، في إشارة إلى بداية الهجمات في جبل الشعانبي من ولاية القصرين، وصولا إلى الهجومين الأخيرين، هجوم باردو يوم 18 من مارس/آذار الماضي وهجوم سوسة يوم 26 من يونيو/حزيران.
وكشفت تقارير أمنية أن عدد التونسيين الذين يتلقون تدريبات عسكرية في معسكرات ليبية يتجاوز الـ 500 شخص منهم من كان يقاتل في صفوف "داعش" في سوريا والعراق، ومنهم من انضم إلى مجموعات إرهابية أخرى.
من هذا المنطلق، تسعى تونس إلى رسم سياسات أمنية قد تنجح في إنقاذ ما تبقى، بعد توالي الخطابات الإرهابية التي تتوعد الحكومة والمؤسسة الأمنية والعسكرية، فضلا عن الاقتصادية متمثلة بقطاع السياحة، على حد سواء.
وسيكون إنشاء جدار على الحدود التونسية - الليبية إجراء فعالا، وليس وحيدا ضمن مجموعة الإجراءات الرامية إلى ضمان أمن تونس، والتي اتخذتها السلطة التونسية وستتخذها مستقبلا.
إذ قال السفير التونسي في روسيا علي قطالي في مؤتمر صحفي عقده في موسكو مؤخرا إن الشرطة السياحية التونسية ستتزود بالسلاح الناري. وأوضح قائلا: إننا استحدثنا نحو ألف مركز أمني خاص في المناطق السياحية الرئيسية ، وسندفع أموالا لمن يبلغنا عن نشاط مجموعات إرهابية". وأضاف أن بلاده شهدت حملة اعتقالات واسعة النطاق بين الذين يشتبه بوجود علاقة لهم بتنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية. كما قال السفير إنه قد أغلقت في تونس نحو 80 مسجدا إنطلقت منها دعوات متطرفة.
مما لا شك فيه أن تونس باتت فوق صفيح ساخن، بسبب تنامي مخاطر الإرهاب داخل البلاد، و قربها من معسكرات التدريب التابعة للجماعات المتشددة في ليبيا.
المصدر: وكالات