يشهد الوضع في ليبيا مزيدا من الفوضى والتأزم يوما بعد يوم، فمدينة سرت وقاعدة القرضابية الجوية باتت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، بينما تشهد مدينة درنة شرقَ البلاد معارك شرسة بين تنظيم داعش وتنظيم منافس يسمي نفسه مجلس شورى مجاهدي درنة.
أما في طرابلس فقد اقتحم مسلحون مجهولون السفارة التونسية بكل أريحية واختطفوا عشرة موظفين يعملون بالسفارة ما زال مصيرهم مجهولا حتى هذه اللحظة، وضع يثير قلق دول الجوار العربي والأوروبي والأفريقي في ظل مفاوضات لم تؤتي أكلها.
نزيف دم لا يعرف التوقف، أقل توصيف للمشهد الليبي، فأرضه أضحت خصبة للإرهاب بعد أن غاب التوافق السياسي. أضخم المواجهات تشهدها مدينة درنة شمال شرق البلاد بين ما يسمى بـ"مجلس شورى مجاهدي المدينة" وتنظيم داعش، شرارة المعارك فجرها مقتل قيادي بارز في مجلس "شورى المجاهدين" بعد أن رفض مبايعة داعش، وهو ما دفع المجلس لاحقا إلى إعلان الحرب ضد التنظيم.
لم تقف وحشية داعش عند حدود المعارك، فخلال مظاهرة مناهضة لتمدده في المدينة، فتح النار على المحتجين وأوقع عددا من القتلى والجرحى.
إلى ذلك يدخل لاعب ثالث على خط المعارك، إذ قصفت القوات الجوية للحكومة المعترف بها دوليا ما يعرف بمبنى المحكمة ومقر الحسبة التابع لتنظيم داعش في المدينة.
ومع القتال في درنه، أعلنت غرفة العمليات الأمنية المشتركة بمصراته الجزء الواقع من أبو قرين إلى سرت منطقة عسكرية مغلقة، وهو ما فسره خبراء بهجوم قد يستهدف تنظيم داعش في سرت انطلاقا من الغرب.
ويعزو مراقبون القتال المستعر في درنه للسيطرة عليها، إلى أهميتها الاستراتيجية المتمثلة بالآتي :
- الطبيعة الجغرافية، إذ أن تضاريس المدينة الجبلية الوعرة تسهل اختباء القيادات والمقاتلين وإنشاء مراكز التدريب والقتال.
- سهولة جذب المقاتلين، فالمدينة كانت مرتعا لتمركز المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة، كما أن التقارير الأخيرة تشير إلى أن نحو 800 مقاتل يتمركزون في المدينة 300 منهم قاتلوا سابقا في سوريا والعراق.
- إطلالتها على الساحل، فبعد أن بسط نفوذه على مدينة سرت يسعى داعش إلى إرساء قاعدة أخرى له على المتوسط وهو ما قد يشكل منطلقا لهجمات مستقبلية نحو الضفة الأوروبية.
أما القلق الإقليمي المتزايد من تمدد الإرهاب من ليبيا إلى دول الجوار والضفة الأوروبية فتغذيه حادثة اختطاف دبلوماسيين من القنصلية التونسية في طرابلس، فالحادثة الأخيرة قد تزيد من زخم الدعوات الدولية المطالبة بضروة رفع حظر استيراد السلاح عن ليبيا لمواجهة الجماعات الإسلامية المتزايدة في البلاد.
ويستمر تعاظم الإرهاب على الساحة الليبية، فبعد أربع سنوات من سقوط نظام القذافي لم يجد الليبيون من دعوات الحرية سوى مزيد من العنف والتشرذم.
تعليق وزير العمل والتأهيل في حكومة الإنقاذ الوطني محمد بلخير من طرابلس، ومن باريس العربي أبو بكر الورفلي باحث في الشؤون السياسية والقانونية:
التفاصيل في التقرير المرفق