وكشف تقرير لمنظمة الصحة العالمية نشر الأسبوع الماضي عن ارتفاع حصيلة ضحايا النزاع اليمني منذ أواخر مارس/آذار الماضي إلى نحو ألفي قتيل و8 آلاف جريح. وتابعت المنظمة في تقريرها أن عدد المواطنين المحتاجين بصورة عاجلة إلى الخدمات الطبية سجل خلال هذه الفترة ارتفاعا حادا وبلغ 8.6 مليون شخص. وحتى الخدمات الطبية الأساسية باتت صعبة المنال للغاية، فيما تم تعليق البرنامج الوطني لمكافحة السل مع تفشي أمراض معدية مثل الملاريا وحمى الضنك. وحذرت المنظمة أيضا من خطر تفشي أمراض أخرى مثل شلل الأطفال والحصبة.
وخلال ندوة نظمتها منظمة "أطباء بلا حدود" قبل أيام حول تطورات الوضع في اليمن، تحدث خبراء بارزون عن تدهور الوضع وتعميق الأزمة، إذ يضر الاقتتال والغارات الجوية العشوائية بالمدنيين والمؤسسات الطبية والبنية التحتية الأساسية.
وحذرت المنظمة من أن إمكانياتها لتقديم المساعدة للمحتاجين باتت محدودة للغاية مع استمرار الحصار المفروض على البلاد. وقال الخبراء إن ما تسمح السعودية بإدخاله إلى اليمن من الأدوية والمستلزمات الطبية بأنه "قطرة" في محيط من المعاناة، فيما يمنع التحالف دخول كافة المواد الأخرى، وبالدرجة الأولى الوقود إلى البلاد.
الأطباء.. ضحايا النزاع
وأوضح الخبراء، وبينهم مدير عمليات المنظمة في اليمن والذي عاد مؤخرا من البلاد التي تمزقها الحرب، أن قطاع الرعاية الصحية اليمنية قبل اندلاع الأزمة الأخيرة كان وضعه مثل وضع المؤسسات الطبية في معظم البلدان منخفضة الدخل، إذ لم تكن الخدمات الطبية متوفرة إلا في المدن الكبيرة. لكن العمليات القتالية الشرسة المستمرة منذ أشهر أدت إلى إغلاق العديد من المستشفيات، فيما اضطرت مستشفيات أخرى لتقليص الخدمات التي تقدمها بسبب النقص في الوقود والمستلزمات والأدوية، بينما يصبح الأطباء أنفسهم ضحايا هجمات تشنها كافة أطراف النزاع.
كما تحدث مسؤولون في اليمن عن قيام المسلحين الحوثيين في تعز جنوب البلاد بمصادرة الأدوية من مستشفيات المدينة، من أجل مساعدة مقاتليهم المصابين. أما محافظة صعدة الشمالية التي تعد معقلا لحركة "أنصار الله"، فيقوم طيران التحالف باستهداف المؤسسات الطبية فيها بصورة منهجية، وذلك دون أدنى اكتراث بمصير المدنيين.
واتهم الخبراء الذين شاركوا في الندوة كافة أطراف النزاع بعدم احترام المؤسسات الطبية والطواقم الطبية، فيما تستمر عمليات استهداف المستشفيات، رغم نداءات النشطاء الحقوقيين. وعلى سبيل المثال اضطر مستشفى الجمهوري في خور مكسر إلى تعليق عمله منذ عدة أسابيع بعد أن تعرض لإطلاق النار من قبل قناصة، ولقصف عشوائي، دفع بالطواقم الطبية والمرضى والمصابين إلى الفرار. ولم يستأنف المستشفى عمله حتى الآن.
أما الدمار الذي الحق بالبنية التحتية للبلاد، فيؤدي إلى زيادة حصيلة الضحايا أيضا، إذ يتأخر وصول الماصبين إلى المستشفيات، ما يؤدي إلى فقدانهم بعض أطرافهم أو وفاتهم وهم في الطريق إلى المستشفى.
الغارات الجوية تستهدف المدنيين
بدوره قال فيليب بولوبيون من منظمة "هيومان رايتس ووتش" خلال الندوة إن الغارات التي تشنها السعودية على أراضي اليمن، جاءت بثمن مروع يدفعه المدنيون منذ الأيام الأولى لعملية "عاصفة الحزم"، مشيرا في هذا الخصوص إلى استهداف مخيم للنازحين في محافظة لحج شمال اليمن، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا في صفوف المدنيين، بمن فيهم نساء وأطفال. وتابع أن خبراء المنظمة يحاولون إجراء تحقيق في كل حالة من حالات سقوط مدنيين جراء الغارات، مؤكدا أن الخبراء لم يجدوا أي هدف عسكري "شرعي" بالقرب من مخيم النازحين وفي مناطق عديدة أخرى استهدفها التحالف بغاراته.
وذكر أن السعودية لا تستجيب لنداءات النشطاء الحقوقيين بهذا الشأن، ولذلك قررت "هيومان رايتس ووتش" التوجه إلى الولايات المتحدة، علما بأنها تقدم دعما مباشرا للتحالف لدرجة تسمح باعتبار واشنطن ا طرفا في النزاع.
وكان يوهانيس فان دير كلاوف، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن قد أعلن الشهر الماضي أن الضربات الجوية التي ينفذها التحالف بقيادة السعودية على مدينة صعدة في اليمن حيث يوجد عشرات آلاف المدنيين المحاصرين تعتبر انتهاكا للقانون الدولي، على الرغم من توجيه نداءات للمدنيين لمغادرة المنطقة. وأضاف يوهانيس في بيان "أن القصف العشوائي للمناطق السكنية سواء بتحذير مسبق أو بدونه يتنافى مع القانون الإنساني الدولي".
المصدر: RT + وكالات