مباشر

الامتعاض العراقي بين توسع داعش ومؤتمرات التحالف الأمريكي

تابعوا RT على
قبيل انعقاد مؤتمر باريس لمراجعة استراتيجية التحالف الأمريكي الذي يحارب داعش، أكد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي أن "الجهود الدولية" فشلت في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي.

وانتقد تحركات التحالف في مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي، مؤكدا أن تدفق الإرهابيين إلى العراق لم يتوقف أو يتراجع، ما يعني فشل الجهود الدولية.

الاجتماع الوزاري المصغر الثاني لدول التحالف يبحث أداء التحالف ومستوى الدعم العسكري الذي يقدمه للعراق من خلال توفيره الغطاء الجوي للقوات العراقية في معاركها ضد "داعش". ومن الواضح أن هناك امتعاضا من دول معينة من أداء التحالف واستراتيجيته. وهو ما كانت فرنسا نفسها قد أشارت إليه منذ عدة أيام. هذا إضافة إلى انتقادات العراق. علما بأن كل دولة لها أسبابها في انتقاد استراتيجية التحالف وعدم جدوى جهوده.

لكن الملفت أن القيادة العراقية التي كانت تنتقد التحالف متهمة إياه بمحاولات سرقة انتصارات قواتها ضد داعش، وأن قواتها هي التي تقوم بكل شيء مع بعض الدعم الجوي فقط من جانب قوات التحالف، هي نفسها التي تتهم اليوم نفس التحالف بأنه لا يستطيع تغيير الأوضاع على الأرض. فالعبادي يقر بأن توافد الإرهابيين لم يتوقف ولم يتراجع إلى الآن، مشيرا إلى استمرار "داعش" في تهريب النفط. وأنه سيقوم بحث الدول المشاركة في مؤتمر باريس على الوقوف مع العراق. بل وحذر من أن "داعش" إذا تمكن من السيطرة على أجزاء من الأرض العراقية والعبور لدول الجوار فإن تلك الدول لن تكون في مأمن.

تحذيرات ودعوات وحث ومطالب من جانب العراق، في الوقت الذي تتلقى فيه أيضا الحكومة العراقية انتقادات من الولايات المتحدة، واتهامات بتقاعس قواتها أو عدم قدرتها على مواجهة داعش. ولكن العبادي لا يزال يرى أن تنظيم "داعش" الإرهابي فشل في تجنيد مقاتلين من المناطق التي يحتلها، ولذلك لجأ إلى استقدام مقاتلين أجانب لتعويض النقص الكبير في صفوف مقاتليه. وأكد أن هزيمة "داعش" حتمية أمام الاستعداد العالي للقوات العراقية والحشد الشعبي للتضحية على طريق الانتصار.

هذا في الوقت الذي أعلن فيه ممثل وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين 1 يونيو/حزيران الحالي، أن ما يزيد عن 22 ألف مواطن أجنبي من أكثر من 100 دولة يقاتلون في صفوف التنظيمات المتطرفة مثل "داعش"، في العراق وسوريا. وتزامن هذا التصريح مع وعود أمريكية بتقديم الدعم المالي للحكومة العراقية ومساعدتها على تجهيز قواتها المسلحة. فهل فعلا التمويل والتجهيز هما العنصران الغائبان عن القوات العراقية، وبهما يتأكد انتصارها على داعش؟ تقارير كثيرة ومراقبون أكثر يتحدثون عن غياب العقيدة القتالية لدى القوات العراقية، وهو ما يجعلها تتلقى الضربات المتوالية، وتترك أسلحتها للعدو منسحبة من أرض المعركة. هذا الأمر ركز عليه وزير الدفاع الأمريكي، ما أثار غضب الحكومة العراقية. ولكن من جهة أخرى نرى رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، يدعو إلى الوحدة الوطنية باعتبارها مسألة أساسية في الأمن الوطني وفي مواجهة "داعش" والانتصار عليه. كما شدد على ضرورة ألا يؤثر التنافس بين الكتل على وحدة العراقيين. غير أن الخطير هنا هو إصرار الحكومة العراقية على تسليح الميليشيات المذهبية، وضم هذه المليشيات إلى القوات العراقية الرسمية وصرف رواتب لها، ما قد يسفر عن نتائج غير محمودة العواقب، التي يقف على رأسها غياب العقيدة القتالية لجيش وطني حديث.

إن العبادي نفسه كشف، الأحد 31 مايو/أيار الماضي، أن بغداد خسرت 2300 عربة مصفحة والكثير من الأسلحة والعتاد في الموصل، بعد أن أحكم "داعش" سيطرته عليها. وقال إن الكثير من السلاح والعتاد ضاع من يد القوات العراقية من دون تعويض إثر انهيار الموصل مركز محافظة نينوى، والتي فرض تنظيم "داعش" سيطرته عليها في العاشر من يونيو/حزيران الماضي. وفي الوقت الراهن، يبسط التنظيم المتطرف سيطرته على جزء مهم من محافظة الأنبار، إلى جانب محافظة نينوى، وتعد سيطرته على مدينة الرمادي التابعة لمركز محافظة الأنبار من أهم مكاسبه منذ سقوط الموصل في يده.

الأمر الثاني هو مقتل أكثر من 40 عنصرا من القوات العراقية وإصابة 30 على الأقل في هجوم انتحاري بمدرعة مفخخة، الاثنين 1 يونيو/حزيران الحالي، على مستودع للعتاد العسكري غربي مدينة سامراء.

هذه التحولات الخطيرة بحاجة إلى عمل حقيقي، سواء من السلطات العراقية أو من التحالف الذي وعدها بالنصر. والسؤال الذ يطرح نفسه هنا: لماذا يتقاعس التحالف عن تقديم المساعدات اللازمة للحكومة العراقية؟ هل هناك شروط ما غير معلنة من جانب التحالف لكي يفي بوعوده؟ هل هناك تقسيمات بعينها يجب أن تحدث في العراق لكي يبدأ التحالف بالعمل الجدي، أم أن التحركات في العراق مرتبطة بالتحركات في سوريا، وأن العراق لن يهدأ إلا في حال تم التوصل إلى صيغ محددة بشأن الأزمة السورية؟

هذه التحولات الخطيرة تسير متزامنة في كل من العراق وسوريا وليبيا. إذ تنسحب جماعات "فجر ليبيا" من مواقع خطير تاركة إياها لعناصر داعش الإرهابية، وتنسحب جبهة النصرة في سوريا لتترك أيضا الكثير من الساحات والمواقع لداعش. ماذا يحدث بالضبط؟ وهل فعلا هناك انهيارات حقيقية في القوات الحكومية الشرعية في الدول الثلاث؟ وهل هذا جزء من سيناريو، تمهيدا لسيناريوهات أخرى تجري فيها المقارنة بين "معارضة إسلامية مسلحة معتدلة" و"تنظيمات وجماعات إسلامية إرهابية"!!

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا