انتقد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تحركات التحالف الدولي في مكافحة تنظيم "داعش" المتطرف وأكد أن تدفق الإرهابيين إلى العراق "لم يتوقف أو يقل" وأن ذلك يعني فشل "الجهد الدولي"، وذلك قبيل وصوله إلى باريس الليلة الماضية على رأس الوفد العراقي للمشاركة في الاجتماع الوزاري المصغّر الثاني لدول "التحالف الدولي"، الذي سيبحث أيضا قضايا أداء التحالف ومستوى الدعم العسكري الذي يقدمه للعراق من خلال توفيره الغطاء الجوي للقوات العراقية في معاركها ضد "داعش".
العبادي كشف في محاضرة ألقاها في مركز الرافدين للدراسات العسكرية في بغداد الاثنين أن "وفود الإرهابيين لم تتوقف ولم تقل حتى اللحظة وهذه ظاهرة خطيرة تعني أن الجهد الدولي قد فشل ولم يؤد مغزاه ولم تؤد تلك الجهود إلى ما هو مطلوب"، مشيرا إلى "استمرار "داعش" في تهريب النفط لتمويل مكانته الإجرامية".
إخفاقات بغداد في التصدي لـ"داعش" كانت عزتها لضعف التسليح، وهو ما ردت عليه واشنطن اليوم بخجل عبر إرسال 2000 صاروخ مضاد للدبابات من طراز "إيه تي-4" للجيش العراقي، تسلمت منها الحكومة العراقية 1000 فقط فيما احتفظ التحالف الذي تقوده واشنطن، بالنصف الثاني في المنطقة لتدريب العراقيين ولحالات الطوارئ في المستقبل.
وأكد مسؤول من وزارة الدفاع الأمريكية فضل عدم الإفصاح عن صفته، أن إرسال الصواريخ جرى على مدى الأيام القليلة الماضية، علما بأن "البنتاغون" قد أفاد أن تسليم الصواريخ سيساعد العراق في التصدي للهجمات الانتحارية بالسيارات المفخخة التي يشنها مسلحو "الدولة الإسلامية".
كلام العبادي يأتي في وقت تشير فيه التقارير الرسمية إلى أن التنظيم يحصل على مخزون بشري من المتشددين من قرابة 100 دولة وهو ما سمح له بقضم المزيد من الأراضي.
وأضاف العبادي أن المشاركة في مؤتمر باريس للتحالف الدولي تهدف إلى "حث هذه الدول على الوقوف مع العراق"، محذرا في ذات الوقت من أن "داعش" إذا تمكن من السيطرة على أجزاء من الأرض العراقية والعبور لدول الجوار فإن تلك الدول لن تكون في مأمن".
وأشار العبادي إلى أن تنظيم "داعش" الإرهابي فشل في تجنيد مقاتلين من المناطق التي يحتلها، ولذلك لجأ إلى استقدام مقاتلين أجانب لتعويض النقص الكبير في صفوف مقاتليه، مؤكدا أن هزيمة "داعش" حتمية أمام الاستعداد العالي للقوات العراقية والحشد الشعبي للتضحية على طريق الانتصار.
ومن جهة أخرى أكد رئيس الحكومة العراقية أن الوحدة الوطنية مسألة أساسية في الأمن الوطني وفي مواجهة "داعش" والانتصار عليه، وشدد على ضرورة أن لا يؤثر التنافس بين الكتل على وحدة العراقيين.
ومن المتوقع أن يبحث اجتماع باريس للتحالف الدولي ضد "داعش" بحضور 24 مشاركا بين دول ومنظمات دولية تطورات الوضع الأمني في العراق واستراتيجية التحالف في الوقت الذي يعتبر فيه الوضع الميداني هشا جدا إضافة إلى الأزمة السورية، وسيؤكد الاجتماع الإرادة المشتركة لدحر الإرهاب وأهمية التوصل إلى حل سياسي شامل لتحقيق مصالحة وطنية في العراق.
وبالتحديد يناقش الاجتماع الدعم السياسي والعسكري للجهات والأطراف التي تقاتل داعش، وسبل منع وصول التنظيم إلى التمويل، وإيديولوجية داعش المتوحشة، ومدى استعداد دول العالم من أجل العمل على تحقيق الاستقرار في المناطق المحررة من داعش في سوريا والعراق، كما سيركز المؤتمر على حماية التراث الثقافي في العراق وسوريا، حيث سيبحث التحالف مع منظمة اليونسكو كيفية حماية المواقع الآثرية - مثل تدمر في سوريا - من التدمير البربري على يد داعش.
وينعقد هذا المؤتمر بعد اجتماع ناجح للمجموعة المصغرة للتحالف الدولي في لندن في يناير/كانون الثاني من هذا العام والذي كان الاجتماع الأول من نوعه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان ندال إن التوصل إلى حلول سياسية دائمة للأزمة العراقية هو السبيل الوحيد لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، مشيرا إلى أن الاجتماع سيؤكد دعم الحكومة العراقية من أجل التنفيذ الفعلي لعمليات الإصلاح الضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية.
داعش ضاعف مساحة سيطرته بعد عمليات التحالف
التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كان بدأ العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" بالعراق، في 19 سبتمبر 2014، قبل أن يوسع عملياته في الأراضي السورية.. وقتها كان التنظيم يسيطر في سوريا على غالبية محافظة الرقة مع بعض الوجود في ريف حلب الشمالي، أما في العراق فكان وجوده في الأنبار وصلاح الدين.
وبنظرة إلى الخريطة التي توضح المناطق التي سيطر عليها التنظيم نجد أن "داعش" قد تمكن من قضم المزيد من الأراضي في كل من سوريا والعراق.
في سوريا تمكن التنظيم من السيطرة على كامل محافظة الرقة بعد معارك مع الجيش السوري في منطقة الفرقة 17 واللواء 93 وأيضا مطار الطبقة، كما أن داعش توسع في دير الزور شرقا وأخيرا وصل في البادية السورية إلى مابعد مدينة تدمر الأثرية، ناهيك عن تغلغله في ريف حلب الشمالي، وخلق مساحات مواجهة جديدة هناك على 3 جبهات ضد كل من الجيش السوري والقوات الكردية و"جبهة النصرة" التي تقود "جيش الفتح".
وفي العراق، ورغم مساندة طائرات التحالف للقوات العراقية تمكن "داعش" مع رفد صفوفه بعناصر جديدة من مختلف بقاع العالم، من السيطرة على كامل الموصل، كما استعاد الرمادي غربا من الجيش العراقي ويواصل القتال في صلاح الدين سعيا لتوسيع نفوذه.
المصدر: وكالات