وجرت الواقعة مساء الخميس 19 مارس/آذار، حيث وصل محافظ مقاطعة دنيبروبيتروفسك، الملياردير كولومويسكي الى مكتب الشركة في شارع كوتوزوف بكييف حوالي الثامنة مساء برفقة نائبه وشريكه غينادي غوربان وبرلمانيين في الرادا (البرلمان) مواليين له بالإضافة الى حراسة مسلحة بالرشاشات.
وحطم "فريق الاقتحام" خلال عملية الاستيلاء على المبنى عدة نوافذ وأغلق أبواب الخروج من المبنى بالكراسي، ثم سيطر على مكتب الإدارة حيث بقي مع كولومويسكي رئيس إدارة الشركة المساهمة العامة "أوكرترانسنفت" ألكسندر لازوركو، الذي أتاه كولومويسكي مع جماعته للمساعدة بعد أن أبعده المساهمون عن منصبه واستبدلوه مؤقتا بيوري ميروشنيك وهو ما استدعى غضب الأوليغارشي الأوكراني.
وفي تفاصيل القضية أن "أوكرترانسنفت"، المشغل الرئيسي لخطوط الأنابيب في الأراضي الأوكرانية، وبغض النظر عن امتلاكها من شركة "نفتغاز" الحكومية، الا أن التحكم بها عمليا بيد كولومويسكي عبر المبعد لازوركو شخصيا.
فضلا عن ذلك، يخدم أرصدة الشركة التي تملك حاليا أكثر من 1.5 مليار هريفنا (حوالي 70 مليون دولار) مصرف "بريفات-بانك" الذي يملكه كولومويسكي أيضا.
وجاءت تنحية الإدارة بعد ظهور اتهام مفاجئ للازوركو بضلوعه في فقدان أنابيب الشركة منتجات نفطية بكميات كبيرة. ووجه هذه الاتهامات للملياردير ومدير "أوكرترانسنفت" بعض برلمانيي الرادا من كتلة الرئيس بيترو بوروشينكو بالإضافة الى زعيم الحزب الراديكالي أوليغ لاشكو.
وسهل مجلس الرادا إمكانية التخلص من لازوركو في الاجتماع الأخير الخميس من خلال إدخال تعديلات على القانون "حول الشركات المساهمة العامة" وتخفيض النصاب القانوني لحضور المساهمين الضروري لاتخاذ القرارات من 60 حتى 50%.
ويجب التذكير هنا بأن كولومويسكي تلاعب بمهارة بحق النصاب القانوني أثناء سنوات عدة، حين كان من مساهمي الأقلية في العديد من الشركات مثل "أوكرنفت" الحكومية.
وبالعودة الى الواقعة، وبعد السيطرة على الشركة بالقوة، وصل وزير الطاقة فلاديمير ديمتشيشين وعدة برلمانيين من كتلة الرئيس وحزب "ساموبوميتش" (المساعدة الذاتية) إلى الشركة من أجل التفاوض مع كولومويسكي.
وخرج الوزير مع البرلمانيين مساء دون الإدلاء بأية تصريحات، الا أن وسائل الإعلام المحلية أفادت بأن كولومويسكي أعلن اجتماع المساهمين غير شرعي، وأن مساعديه يتلفون الوثائق، وكأنه جاهز للبقاء في الحصار حتى إرجاع لازوركو الى منصبه. ونقلت وسائل الإعلام الأوكرانية التعليق الوحيد للوزير وهو أن "مثل هذه الحالات لا تحل في يوم".
هذا ويحمل استيلاء كولومويسكي على شركة "أوكرترانسنفت" معنى داخليا سياسيا جديا، فالمجابهة المباشرة بين محافظ مقاطعة دنيبروبيتروفسك، الذي يمتلك جيشا خاصا في أوكرانيا بصورة كتائب عقابية، وبين الرئيس بوروشينكو والأوليغارشي الآخر دميتري فيرتاش، اللذين أصبحا عدوين لكولومويسكي بسبب خططه التوسعية وتهديده المباشر بإعادة توزيع الملكية، هذه المواجهة كانت متوقعة منذ الانقلاب الحكومي في أوكرانيا.
وتشير كل الدلائل الى أن الأزمة المتصاعدة بدأت بالتحول الى مرحلة مجابهة مفتوحة، اذ أن التعديلات التي أقرها الرادا على قانون الشركات المساهمة يعتبر عمليا حربا معلنة ضد كولومويسكي من قبل الرئيس بيترو بوروشينكو ودميتري فيرتاش وفيكتور بينتشوك وسيرغي ليفوتشكين وغيرهم.
ومن المتوقع أن تصبح الهدف القادم لهذه الحرب أكبر شركات النفط والمبيعات في أوكرانيا "أوكرنفت"، التي تنتج 85% من النفط و15% من الغاز وتملك أضخم شبكة محطات وقود في البلاد، ويملك كولومويسكي فيها 42% من الأسهم، بينما تملك الدولة 50% زائد سهم واحد. ومع ذلك فإن إدارة الشركة بالكامل بيد كولومويسكي منذ 17 عاما، عدا عن الأحاديث بعدم دفع الأرباح للدولة.
وسيعني فقدان التحكم بهذه الشركة إلحاق ضرر كبير بمواقع المحافظ الأوليغارشي ليس فقط في قطاع الأعمال بل وعلى الساحة السياسة الداخلية أيضا.
المصدر: RT + "روسيسكايا غازيتا"