وقتل 12 شخصا في أول هجوم استهدف صحيفة "شارلي إيبدو" يوم الأربعاء الماضي، فيما قتلت شرطية فرنسية يوم الخميس في منطقة مونت روغ بعد تبادل لإطلاق النار مع أمادي كوليبالي الذي عاد في اليوم التالي ليحتجز رهائن في أحد المحلات التجارية اليهودية بمنطقة فانسان، في عملية خلفت مقتل 4 رهائن بالإضافة إلى كوليبالي.
يوم أمس شهد أيضا مقتل الأخوين كواشي منفذي هجوم "شارلي إيبدو" بعد تبادل لإطلاق النار مع الشرطة الفرنسية التي حاصرتهما في مطبعة تحصنا فيها في بلدة ديمارتان شرق باريس.
ومن جانبه قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إن علينا جميعا تحمل المسؤولية، "لأننا فى حرب وليست حربا ضد الدين وليست ضد الحضارة ولكن للدفاع عن قيمنا، وهي حرب ضد الإرهاب وضد أولئك الذين يودون كسرالأخوة والصرامة والعدالة والتضامن بين شعبنا".
وأوضح فالس أن يوم غد "سيكون يوما للفرنسيين حتى يكونوا فخورين لكونهم فرنسيين، مضيفا أن حرية التعبير لأولئك الصحفيين هي حرية قيمة وغالية جدا، ولا يمكن أن نتخلى عنها بأي شكل من الأشكال".
"شارلي إيبدو" تاريخ من الجدل
طاقم صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة كان هدفا دائما لتهديدات بالقتل منذ عام 2012 بعد نشر رسوم ساخرة من الإسلام، منذ ذلك الحين ومدير نشر الجريدة ستيفان شاربونيي يخضع لحماية أمنية خوفا من اغتياله، كما طوقت عناصر الأمن بشكل يومي مبنى الصحيفة خوفا من أي هجمات.
في عام 2013 تعرض مبنى الصحيفة للحرق بعد إلقاء قنابل مولوتوف من طرف مجهولين، وبناء على ذلك غيرت الصحيفة مقرها لمبنى آخر، وشددت الشرطة الفرنسية حراستها لطاقم الجريدة في المبنى الجديد.
غير أنه في الأربعاء الماضي شن الإخوان كواشي هجوما بالأسلحة الرشاشة على مقر الجريدة، خلف 12 قتيلا من بينهم أبرز أربعة رسامين في "شارلي إيبدو".
هجوم محكم التنفيذ على مقر " شارلي إيبدو"
لم يكن تنفيذ الهجوم على "شارلي إيبدو" عملا يقوم به متطرفون هواة، بدا المسلحان من خلال الفيديوهات المتداولة منظمين بشكل جيد.
رواية الرسامة كورنين راي "كوكو" التي نجت من الحادث أكدت ذلك، حيث قالت إن المسلحين الملثمين أرغماها على فتح البوابة المشفرة للمبنى الذي يضم مقر الصحيفة
وتابعت أنه بمجرد دخولهما قاما بمناداة مدير النشر شارب وبقية الرسامين وقاموا بإطلاق النار عليهم، كما تابعوا إطلاق النار بشكل عشوائي على باقي الحاضرين.
منفذا الهجوم وفي طريقهم للهرب قاما بإطلاق النار على شرطي وأردياه قتيلا وصاحا بعد ذلك أنهما قتلا "شارلي إيبدو" وانتقما للرسول محمد، ليتبين فيما بعد أن الشرطي الذي قتل مسلم من أصول مغاربية.
بعد الهجوم طاردت الشرطة الفرنسية منفذيه على مدى ثلاثة أيام.
توالي الهجمات ومطاردة هوليودية للأخوين كواشي
أصدرت الشرطة الفرنسية بعد ذلك مذكرة بحث في حق الأخوين كواشي وشاب آخر يدعى حميد مروان سلم نفسه في نفس الليلة.
الشرطة الفرنسية عممت صورة الأخوين سعيد وشريف على وسائل الإعلام وتوجهت مباشرة إلى منزليهما في مدينة ريمس، كما قامت باعتقال أشخاص على صلة بالأخوين.
بعد ذلك سيتبين أن شريف كواشي سبق وأن حكم عليه سنة 2008 بتهمة الانتماء إلى خلية عراقية في باريس.
كما أفادت تقارير أخرى أنه تلقى تدريبا عسكريا في اليمن قبل سنوات.
قوات الأمن الفرنسية وفرق مكافحة الإرهاب قامت بقطع عدد من الطرق المؤدية إلى شمال شرق باريس من أجل تضييق الخناق على المشتبه بهما.
بالتزامن مع ذلك شهدت باريس عمليات اعتداء على مساجد، كما أطلق مسلح النار على شرطية في منطقة مونت روغ مما أدى إلى مصرعها على الفور.
الشرطة الفرنسية أعلنت أن قاتل الشرطية مواطن فرنسي يدعى أمادي كوليبالي ساعدته في جريمته صديقته حياة بومدين، وأعلنت أن الشخصين يعدان من أخطر المطلوبين.
أمادي كوليبالي يفاجئ الجميع باحتجازه رهائن بمتجر يهودي بمنطقة بورت دو فانسان شرق العاصمة الفرنسية باريس، مطالبا بإخلاء سبيل الأخوين كواشي، لتتأكد فرضية وجود صلة بين الطرفين.
في غضون ذلك تمكنت الشرطة الفرنسية من محاصرة الأخوين في مطبعة ببلدة دامارتان شرق باريس، اللذين اختطفا أحد الرهائن وأكدا أنهما على استعداد للموت.
المطاردة الهوليودية انتهت بمقتل الأخوين في تبادل لإطلاق النار مع أفراد الدرك الفرنسي والقوات الخاصة، كما انتهت أزمة الرهائن في بورت دو فانسان بمقتل كوليبالي وأربعة رهائن.
نهاية هذه الأحداث الدرامية لا تعني نهاية مسلسل العنف الذي دشنته فرنسا في بداية السنة الحالية، حيث يتخوف كثيرون من أعمال انتقامية ضد المسلمين في فرنسا والذين يقدر عددهم بـ 5 ملايين.
مسلمو فرنسا يتضامنون مع الضحايا
دعا رؤوساء ومسؤولون في منظمات مسلمي فرنسا الجمعة أئمة المساجد إلى الترحم على أرواح ضحايا الاعتداء على أسبوعية "شارلي ايبدو" والتنديد بأفكار وسلوك الإسلاميين المتطرفين المتهمين بشن الهجوم الدموي على الصحيفة الساخرة باسم الدفاع عن نبي الإسلام.
وقال رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية دليل بوبكر إن "مسلمي فرنسا يشعرون بصدمة شديدة وحزن" بعد الهجوم الذي نفذه الفرنسيان الشقيقان كواشي وهما من أصول جزائرية.
ودعا المجلس وهو الهيئة التي تمثل مسلمي فرنسا، وكذلك اتحاد منظمات مسلمي فرنسا (المقرب من الإخوان المسلمين) "المواطنين المسلمين إلى المشاركة بكثافة في التجمع الوطني" المقرر الأحد في باريس.
وتسود مخاوف من أن يؤدي الهجوم على "شارلي إيبدو" إلى تصاعد أعمال العنف التي تطال المسلمين.
وحرص رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس على التأكيد أن بلاده "في حرب ضد الإرهاب" و"ليس ضد دين ما".
من جانبه دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى"رفض المزايدات والازدراء والرسوم المسيئة".
تعليق عضو أمانة حركة رشاد والدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت من لندن، ومن واشنطن أستاذ القانون الدولي بجامعة جورج تاون الأمريكية داوود خير الله:
تعليق المحلل السياسي محمد عويص من واشنطن، ومن القاهرة أمين الشوؤن السياسية بالحزب العربي الناصري الدكتور محمد سيد أحمد:
المصدر: RT