مباشر

أوكرانيا توقظ عفريت الحرب الباردة بين روسيا والغرب

تابعوا RT على
أصبحت الأزمة السياسية في أوكرانيا وانعكاساتها المتمثلة في القتال بشرق البلاد وتصعيد التوتر في العلاقات الدولية من أخطر الأزمات التي شهدها العالم العام 2014.

بدأت الأزمة الأوكرانية أواخر العام 2013 مع اندلاع احتجاجات باتت تعرف إعلاميا بأحداث "الميدان" أو "يورو ميدان"، قادها أنصار التكامل مع الاتحاد الأوروبي وتحولت تدريجيا إلى مواجهات مسلحة في العاصمة كييف وغيرها من المدن الأوكرانية و أسفرت في نهاية فبراير/شباط الماضي إلى عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وصعود الأحزاب والقوى الموالية للغرب إلى السلطة.

بالمقابل انطلقت احتجاجات مناهضة في جنوب شرق أوكرانيا للسكان الناطقين بالروسية الذين رفضوا الاعتراف بالسلطات الجديدة في كييف وسياساتها بشأن اللغة الروسية والتكامل مع الغرب، مطالبين بالحفاظ على التعاون مع روسيا وإقامة نظام فيدرالي في البلاد.

وشهد جنوب شرق أوكرانيا فيما بعد إجراء استفتاء عام في شبه جزيرة القرم صوت سكان الجزيرة بموجبه لصالح انضمامها إلى روسيا، 

تبعه إعلان استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين من جانب واحد، ونشوب حرب حقيقية في منطقة دونباس أودت بحياة أكثر من 4,6 ألف شخص حسب تقارير الأمم المتحدة.

علاوة على ذلك، أثارت لأزمة الأوكرانية عام 2014 توترا حقيقيا في العلاقات بين روسيا ودول الغرب، ناهيك عن كارثة إنسانية أدت إلى نزوح مئات الآلاف من سكان شرق أوكرانيا من مناطق القتال إلى مقاطعات أوكرانية أخرى وإلى روسيا وغيرها من الدول.

قوانين 16 يناير/كانون الثاني وتصعيد الاحتجاجات

بدأ عام 2014 بمحاولة حكومة الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش إقرار مجموعة من القوانين المتعلقة بتنظيم المظاهرات، ما أدى إلى تصعيد الاحتجاجات في كييف من جديد.

وأعرب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن قلقهما العميق إزاء القوانين المثيرة للجدل، داعين كييف إلى إعادة النظر فيها وضمان تماشي التشريعات مع التزامات أوكرانيا الأوروبية والدولية.

وبعد تصعيد الاحتجاجات توصل الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش إلى اتفاق مع زعماء المعارضة تعهدت السلطة وفقا له بإلغاء القوانين المثيرة للجدل والإفراج عن المعتقلين في حال انسحاب المتظاهرين من المباني الرسمية والطرق التي احتلوها سابقا.

وفي 28 يناير/كانون الثاني صوت البرلمان الأوكراني لصالح إلغاء قوانين 16 يناير التي أثارت غضب المعارضة.

تصعيد جديد.. نحو 100 قتيل في مواجهات عنيفة في كييف

في تلك الفترة كثف مسؤولون وسياسة أوروبيون وأمريكيون زياراتهم إلى كييف، حيث أجروا مباحثات مع ممثلي السلطة وكذلك المعارضة والمحتجين وزاروا ميدان الاستقلال في وسط العاصمة الأوكرانية، وهي زيارات رأت فيها موسكو تحريضا وتدخلا في الشؤون الداخلية لأوكرانيا.

وتصاعدت المواجهات في كييف من جديد منتصف فبراير/شباط في كييف، ما أدى إلى سقوط نحو 100 قتيل، بينهم عدد من رجال الأمن. وتبادلت السلطة والمعارضة الاتهامات باستخدام أسلحة نارية في الاشتباكات.

واتسعت الاحتجاجت لتشمل مدنا أوكرانية أخرى، خاصة في غرب البلاد. وفي مدينة لفوف هاجم محتجون ثكنة عسكرية، وأضرموا النار فيها.

اتفاق 21 فبراير/شباط وعزل يانوكوفيتش

وفي 21 فبراير/شباط وقع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مع زعماء المعارضة اتفاقا لتسوية الأزمة، وذلك بحضور وزيري خارجية ألمانيا وبولندا وممثل الخارجية الفرنسية، وينص في صلبه على نقل بعض صلاحيات رئيس البلاد إلى البرلمان.

إلا أن يانوكوفيتش غادر بعد ذلك العاصمة كييف، ثم غادر أوكرانيا، متوجها إلى روسيا، وبرر في وقت لاحق أن شركاءه في اتفاق التسوية نقضوا عهدهم وخططوا للانقلاب عليه.

وفي اليوم التالي صوّت معظم نواب البرلمان الأوكراني على إقالة يانوكوفيتش من منصب الرئاسة بحجة عدم تنفيذ مهامه، وقرروا إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في البلاد 25 مايو/أيار. كما عيّن البرلمان ألكسندر تورتشينوف رئيسا جديدا له وقائما بأعمال رئيس الجمهورية.

من جهة أخرى اتخذ البرلمان قرارا سمح بالإفراج عن رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو التي كانت تقضي فترة محكوميتها في سجن في خاركوف.

وفي 27 فبراير/شباط قرر البرلمان تعيين أرسيني ياتسينيوك رئيسا للحكومة الأوكرانية.

وأدى هروب الرئيس الأوكراني من العاصمة إلى حدوث انشقاقات في حزبه، وحمّلته كتلة حزب الأقاليم في البرلمان الأوكراني كامل المسؤولية عن سقوط الضحايا في اشتباكات كييف.

من جانبه أعلن يانوكوفيتش أنه لن يقدم استقالته ويعتبر ما يجري في البلاد انقلابا.

فيما دعت وزارة الخارجية الروسية من جهتها إلى تنفيذ اتفاق 21 فبراير/شباط، معتبرة عزل يانوكوفيتش غير شرعي.

انضمام القرم إلى روسيا واحتجاجات في شرق أوكرانيا

وبعد اتخاذ البرلمان القرارات المذكورة أعلن مؤتمر نواب شرق أوكرانيا أن ما حدث في كييف انقلاب غير دستوري.

فيما حسم سكان جزيرة القرم، وغالبيتهم من الناطقين بالروسية أمرهم فصوت 95% منهم لصلاح الانضمام إلى الاتحاد الروسي ضمن استفتاء جرى في 16 مارس/آذار.

واعتبرت سلطات كييف وكذلك الدول الغربية هذا الاستفتاء غير شرعي، بينما أكدت روسيا أن استفتاء القرم عبر بوضوح عن إرادة سكان شبه الجزيرة وأنه لم يخالف القانون الدولي.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حديث له في نوفمبر/تشرين الثاني الحالي أن القوات الروسية قامت بعد تغيير السلطة في كييف بمحاصرة القوات الأوكرانية المنتشرة في القرم بهدف الحيلولة دون إراقة الدماء وللسماح لسكان الإقليم بالتعبير عن موقفهم حول تحديد مستقبلهم.

تجدر الإشارة إلى أن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية قامت بعد انضمام القرم إلى روسيا بفرض حزمة أولى من العقوبات على روسيا تمثلت في حظر سفر عدد من الشخصيات الروسية والأوكرانية إلى هذه الدول وتجميد أرصدتهم في تلك الدول.

بدء الأزمة في شرق أوكرانيا

من جهة أخرى عمت احتجاجات مناهضة للسلطات الجديدة في كييف ومطالبة بإقامة نظام فيدرالي في البلاد، خاصة في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك جنوب شرق أوكرانيا.

وفي أبريل/نيسان الماضي احتل محتجون في شرق أوكرانيا مقرات إدارية ومؤسسات حكومية وأعلنوا عن تأسيس جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين وانتخبوا "محافظين شعبيين".

وأعلنت دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان استقلالهما في 12 مايو/أيار وفق نتائج استفتاء عام أجري في شرق أوكرانيا في 11 مايو/أيار.

واعتبرت السلطات الأوكرانية الجديدة "الجمهوريتين الشعبيتين" تنظيمين إرهابيين وأعلنت بدء "عملية لمكافحة الإرهاب" في شرق البلاد.

وفي 17 أبريل/نيسان وقّع خلال اجتماع رباعي أوكراني روسي أوروبي أمريكي في جنيف بيان لتسوية الأزمة الأوكرانية نص على ضرورة نزع سلاح التشكيلات المسلحة غير الشرعية وإطلاق حوار وطني شامل وإجراء إصلاح دستوري، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ بسبب تصعيد الوضع واندلاع حرب حقيقية في شرق أوكرانيا بين قوات الأمن الأوكرانية وقوات "الدفاع الشعبي" التابعة لـ "دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين".

 

كارثة أوديسا وانتخاب بوروشينكو رئيسا لأوكرانيا

وفي 2 مايو/أيار الماضي قام قوميون أوكرانيون متشددون بإحراق مخيم لنشطاء مناهضين لسلطات كييف، ومن ثم مقر دار النقابات بأوديسا الذي لجأ إليه النشطاء. وأسفرت أعمال العنف عن مقتل 48 شخصا وإصابة أكثر من 200.

ودانت موسكو بشدة هذه الجريمة، مطالبة بإجراء تحقيق شفاف ومعاقبة جميع المسؤولين عنها.

في 25 مايو/أيار جرت انتخابات الرئاسة في أوكرانيا باستثناء معظم مناطق مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك، وصوّت نحو 55% من الناخبين لصالح انتخاب بيوتر بوروشينكو رئيسا جديدا للبلاد.

وأعلن بوروشينكو في كلمته في مراسم التنصيب أنه سيسعى إلى الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا وإعادة القرم وتعزيز قدرات الجيش وسياسة التكامل مع الاتحاد الأوروبي.

وشهدت العملية العسكرية الأوكرانية في أشهر الصيف بعض التقدم للقوات التابعة لكييف التي سيطرت مطلع يوليو/تموز على مدينة سلافيانسك، وهي المعقل الأساسي لقوات "الدفاع الشعبي" المحلية، وغيرها من المدن والبلدات، إلا أن الوضع الأمني تعقد في أغسطس/آب وزادت خسائر القوات الأوكرانية ناهيك عن سقوط الكثير من الضحايا بين المدنيين.

واتهمت موسكو الجيش الأوكراني ووحدات المتطوعين الأوكرانيين الموالية له بارتكاب جرائم بحق سكان منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، مطالبة بوقف القتال فورا.

 

تحطم طائرة "بوينغ-777" الماليزية في شرق أوكرانيا

شهدت منطقة النزاع جنوب شرقي أوكرانيا كارثة من نوع آخر إذ تحطمت طائرة "بوينغ-777" تابعة للخطوط الجوية الماليزية في أجواء دونيتسك في 17 يوليو/تموز، وقتل جميع ركابها الـ 298، وكانت تقوم برحلة من أمستردام إلى كوالالمبور.

واتهمت كييف والدول الغربية مقاتلي "الدفاع الشعبي" في شرق أوكرانيا بأنهم أسقطوا الطائرة المدنية باستخدام صاروخ من طراز "أرض - جو" أطلق من منطقة يسيطرون عليها، إلا أن قوات "الدفاع الشعبي" من جهتها حملت الطيران الحربي الأوكراني مسؤولية إسقاط الطائرة.

بدورها أكدت موسكو أن لديها أدلة تثبت تطور المقاتلات الأوكرانية في إسقاط الطائرة الماليزية، متهمة الغرب بانحيازه لكييف وعدم الرغبة في إجراء تحقيق حقيقي شفاف في حادث تحطم الطائرة الماليزية وغيره من الجرائم التي ارتكبت في أوكرانيا، مثل مأساة أوديسا.

وأدى تحطم "بوينغ" الماليزية إلى زيادة التوتر في العلاقات بين روسيا والغرب. واتهمت دول غربية موسكو بدعم المقاتلين في شرق أوكرانيا وحتى بإرسال قوات روسية إلى مناطق القتال، وأعلنت عن فرض مزيد من العقوبات على روسيا.

من جانبها رفضت موسكو كل هذه الاتهامات رفضا تاما، معتبرة عقوبات الغرب ضدها مضرة بالاقتصاد العالمي ككل وأعلنت بدورها عن حظر استيراد بعض المنتجات الزراعية الغربية.

اتفاقات مينسك

أدى القتال بين القوات الأوكرانية وقوات دونيتسك ولوغانسك في الصيف الماضي إلى زيادة الخسائر البشرية بين العسكريين والمدنيين يوما بعد يوم، ما دفع جانبي النزاع المسلح للبحث عن سبيل لوقف لإطلاق النار.

وبعد لقاء لرئيسي روسيا وأوكرانيا فلاديمير بوتين وبيوتر بوروشينكو في مينسك في 26 أغسطس/آب، اتفقت مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية في 5 سبتمبر/أيلول على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا.

وفي 19 سبتمبر/أيلول وقع ممثلو كييف وشرق أوكرانيا بوساطة روسية على مذكرة مينسك الخاصة بتفاصيل الهدنة.

ورغم عدم تنفيذ اتفاقات مينسك بشكل كامل واختلاف تفسيرات هذه الاتفاقات واستمرار التراشقات والقصف، سمحت عملية مينسك بتخفيف حدة العنف في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.

ودعمت الدول الغربية هي الأخرى تنفيذ اتفاقات مينسك ودعت إلى التزام الأطراف المعنية بها. وأكدت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن التوصل إلى اتفاقات مينسك سمح باستبعاد عمليات عسكرية واسعة النطاق.

وأيد وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير اتفاقات مينسك لتسوية الأزمة في شرق أوكرانيا، واصفا هذه الاتفاقات بأنها "قاعدة يمكن الاعتماد عليها".

الانتخابات في أوكرانيا و"دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين"

وجرت في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الانتخابات البرلمانية والمحلية في أوكرانيا وكذلك المناطق الخاضعة لـ"دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين".

وفاز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أوكرانيا في 26 أكتوبر/تشرين الأول حزبا الرئيس الأوكراني (ائتلاف بيوتر بوروشينكو) ورئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك (الجبهة الشعبية). كما تمكنت أربعة أحزاب أخرى من دخول البرلمان الجديد، بينها "الائتلاف المعارض"، الذي يمثل أعضاء "حزب الأقاليم" الحاكم سابقا.

واحتفظ ياتسينيوك بمنصب رئيس الوزراء باعتباره رئيسا للـ "الجبهة الشعبية".

وأعربت موسكو عن أملها في أن يتمكن البرلمان الأوكراني الجديد من تشكيل حكومة بناءة تسعى إلى خدمة مصالح الشعب الأوكراني لا إلى زيادة المواجهة مع روسيا وداخل المجتمع.

وجدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعوته إلى إقامة حوار وطني شامل في أوكرانيا بمشاركة كافة القوى السياسية ومناطق البلاد وإجراء إصلاح دستوري.

من جهة أخرى أجرت الجمهوريتان المعلنتان من جانب واحد في شرق أوكرانيا في 2 نوفمبر/تشرين الثاني انتخابات برلمانية ورئاسية، فاز فيها زعيما دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين ألكسندر زاخارتشينكو وإيغور بلوتنيتسكي وحزباهما على التوالي.

واعتبرت كييف وكذلك الدول الغربية انتخابات دونيتسك ولوغانسك غير شرعية ومخالفة لاتفاقات مينسك، بينما أكدت موسكو أنها تحترم إرادة شعب جنوب شرق أوكرانيا، مشيرة إلى أن سكان المنطقة انتخبوا ممثلين شرعيين لهم.

وشددت الخارجية الروسية على أهمية اتخاذ خطوات نشطة لإقامة حوار مستدام بين سلطات كييف وممثلي شرق أوكرانيا في إطار اتفاقات مينسك.

 

العقوبات على خلفية الأزمة الأوكرانية      

وأصبحت العقوبات أحد الانعكاسات المهمة للأزمة الأوكرانية وآلية في المواجهة الدولية حول أوكرانيا في عام 2014.

وفي منتصف مارس/آذار الماضي بعد انضمام القرم إلى روسيا، الذي اعتبره الغرب تدخلا في شؤون أوكرانيا الداخلية وخرقا للقانون الدولي، فرضت مجموعة من الدول الغربية (الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا ونيوزيلاندا) أول حزمة من العقوبات ضد شخصيات وشركات أوكرانية وروسية تمثلت في تجميد أرصدتهم وحظر سفرهم إلى الدول المذكورة.

في أبريل/نيسان ومايو/أيار جرى توسيع العقوبات الموجهة ضد شركات وأشخاص في روسيا وشرق أوكرانيا بعد تفاقم الوضع الأمني في منطقة النزاع وتوجيه اتهامات إلى موسكو بدعم التشكيلات المناهضة لسلطات كييف في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وتزويدها بالسلاح، وهو الأمر الذي نفته موسكو باستمرار.

كما تم تشديد العقوبات من جديد بعد تحطم طائرة "بوينغ-777" الماليزية في شرق أوكرانيا، بعد أن حمّل بعض الدول الغربية قوات دونيتسك مسؤولية إسقاط هذه الطائرة.

وانضم عدد من الدول الأخرى بشكل أو بآخر إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد روسيا والقرم وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد، وهي سويسرا والنرويج واليابان ومولدوفا، ناهيك عن أوكرانيا، التي شملت عقوباتها وقف بث العديد من القنوات التلفزيونية الروسية في أراضي البلاد وفرض حصار اقتصادي شبه تام على القرم وتعليق دفع المعونات الاجتماعية والمعاشات لسكان المناطق الخاضعة لـ "دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" في شرق البلاد.

وفي أواخر ديسمبر/كانون الأول وقفت أوكرانيا تزويد القرم بالطاقة الكهربائية وأوقفت كذلك كافة عمليات النقل بالسيارات والحافلات المتوجهة إلى شبه الجزيرة.

وفي 19 ديسمبر/كانون الأول فرضت واشنطن حزمة جديدة من العقوبات ضد شركات ومنظمات وأشخاص في القرم وشرق أوكرانيا وحظرت استيراد أية سلع أو خدمات من القرم.

وردت روسيا على العقوبات الغربية بفرض عقوبات مضادة، فحظرت مطلع أغسطس/آب الماضي استيراد بعض السلع الزراعية من الدول التي فرضت عقوبات عليها.

وأدت "حرب العقوبات"، بحسب معظم المراقبين، إلى تقلص آفاق النمو الاقتصادي في روسيا وعدد من الدول الأوروبية، كما أصبحت العقوبات، إلى جانب تراجع أسعار النفط، أحد العوامل المهمة التي أدت إلى تدهور قيمة الروبل الروسي في أواخر عام 2014

ورفضت دول مجموعة "بريكس" وصربيا ودول أخرى من جهتها الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا والقرم ولوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، معتبرة هذه العقوبات غير شرعية.

كما أدت العقوبات إلى انقسام الرأي العام في أوروبا، حيث أشار استطلاع للرأي في ديسمبر/كانون الأول ألى أن 35% من الأوروبيين يرون أن العقوبات ضد روسيا لعبت دورا سلبيا في تسوية الأزمة الأوكرانية.

كارثة إنسانية في شرق أوكرانيا            

أعلن مكتب موسكو لحقوق الإنسان أن الأزمة الأوكرانية تحولت إلى التحدي الأكثر خطورة على أمن أوروبا منذ الصراع في يوغوسلافيا السابقة.

وأشار تقرير صادر عن المكتب في 24 ديسمبر/كانون الأول استنادا إلى إحصاءات "اليونيسيف" ومنظمة الصحة العالمية والمفوضية العليا لحقوق الإنسان للأمم المتحدة، أن النزاع في أوكرانيا أسفر عن 4634 قتيلا و10243 جريحا بالإضافة إلى أكثر من مليون لاجئ، ومن بينهم 130 ألف طفل، غادروا بيوتهم جنوب شرق البلاد منذ أبريل/نيسان الماضي، بينما يبقى 2،5 مليون شخص في مناطق تدور فيها المعارك.

وأشارت معطيات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن الأزمة الإنسانية والعمليات القتالية في شرق أوكرانيا أدت إلى نزوح أكثر من 500 ألف شخص من مناطق القتال إلى مقاطعات أوكرانية أخرى ولجوء أكثر من 300 ألف إلى دول مجاورة، بينهم نحو 233 ألفا إلى روسيا.

من جهة أخرى تشير مصادر أوكرانية رسمية في نهاية ديسمبر/كانون الأول إلى أن عدد النازحين داخل أوكرانيا تجاوز 614 ألفا، بينما ذكرت مصادر روسية أن عدد اللاجئين الأوكرانيين في روسيا يتجاوز 800 ألف.

كما أشار تقرير "أوكرانيا-2014: تحت شعار مأساوي"، الذي قدمه في 25 ديسمبر/كانون الأول ألكسندر برود، عضو مجلس شؤون تطوير المجتمع المدني وحقوق الإنسان التابع للرئيس الروسي، إلى أن أكثر من سبعة آلاف موقع للبنى التحتية في منطقة دونباس شرق أوكرانيا تعرضت للتدمير جراء النزاع المسلح هناك.

هدنة جديدة وآفاق التسوية

ورغم تخفيف حدة القتال في شرق أوكرانيا بعد توقيع اتفاقات مينسك في سبتمبر/أيلول الماضية استمر تبادل إطلاق النار في المنطقة وسقوط الضحايا في ظل استمرار التوتر بين روسيا من جهة والغرب وأوكرانيا من جهة أخرى.

وحذر الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني من أن كييف تدرس "مختلف السيناريوهات لتطور الأزمة" في شرق البلاد، مشيرا إلى استعداد بلاده لسيناريو "حرب شاملة" مع روسيا.

وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول ألغى البرلمان الأوكراني الوضع الحيادي للبلاد، ما يسمح لكييف بالتوجه نحو انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو في المستقبل.

من جانبه اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تغذية "روح الكراهية ضد الروس" في أوكرانيا قد يقود إلى كارثة، وأكد أنه لن يسمح لكييف بالقضاء على كافة خصومها السياسيين شرقي البلاد.

واعتبرت الصيغة الجديدة للعقيدة العسكرية الروسية، التي صدق الرئيس الروسي عليها في 26 ديسمبر/كانون الأول، حشد القدرات العسكرية على حدود روسيا للناتو من أهم الأخطار الخارجية.

وجاء إعلان "نظام السكون" بشرق أوكرانيا في 9 ديسمبر/كانون الأول ليبعث  الأمل في أن تصبح الهدنة الجديدة في منطقة النزاع فعالة، وتسمح بالبدء في سحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس بين الطرفين.

ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتصف ديسمبر/كانون الأول مجددا طرفي النزاع إلى حوار سياسي، معربا عن استعداد موسكو للتوسط في ضمان هذا الحوار.

واعتبر بوتين أن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو مهتم بإحلال السلام في المنطقة، "لكنه ليس واحدا في أوكرانيا، إذ تسمع هناك دعوات إلى حل المشكلة بالقوة العسكرية".

وانتهت آخر اجتماعات مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية في مينسك البيلاروسية في 24 ديسمبر/كانون الأول دون تحقيق نتائج خارقة، لكنها ساهمت في بدء عملية تبادل الأسرى وفقا لمبدأ "الجميع مقابل الجميع".

وفي 26 ديسمبر/كانون الأول جرى بالفعل أكبر تبادل للأسرى مع العسكريين الأوكرانيين منذ بدء النزاع في المنطقة، إذ سلمت قوات دونيتسك للجانب الأوكراني 145 أسيرا مقابل 222 من نظرائهم.

وأكد وزارة الخارجية الروسية أهمية استمرار الحوار في مفاوضات مينسك، معربة عن أملها في استئنافها في أقرب وقت من أجل تنفيذ كافة بنود اتفاقات مينسك ووضع حد لمعاناة سكان شرق أوكرانيا.

 المصدر: RT + وكالات

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا