المنظومة مخصصة لضمان ملاحة سريعة وأمينة وتقديم دعم غير محدود للمستخدمين في الجو والبر والبحر والفضاء. ويحق لجميع الروس والأجانب استخدام منظومة "غلوناس" المدنية دون مقابل.
بدأ العمل رسميا بإنشاء المنظومة في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1976 بقرار من القيادة السوفيتية، وهي عمليا امتداد لمنظومة الأقمار الاصطناعية الخاصة بالملاحة الفضائية المحلية "تسيكلون".
اطلق أول قمر للمنظومة في شهر اكتوبر/تشرين الأول عام 1982 واستمر اطلاق الأقمار الاصطناعية والأجهزة الفضائية حتى وصل عددها عام 1995 الى 24 قمرا اصطناعيا.
بعد ذلك ونظرا لتوقف تمويل المشروع بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي مرت بها روسيا آنذاك، ولقصر مدة خدمة الأقمار الاصطناعية فقد انخفض عدد الأقمار العاملة عام 2001 الى 6 أقمار فقط . ولكن في شهر أغسطس/آب من السنة نفسها قررت الحكومة الروسية اعادة تمويل المشروع واطلاق العدد اللازم من الأقمار الاصطناعية لضمان عمل المنظومة ليغطي مساحة روسيا بكاملها بحلول عام 2008 ومناطق خارج روسيا عام 2010 . وفعلا بلغ عدد الأقمار الاصطناعية العاملة 24 قمرا في عام 2009 . وبلغ عددها 26 في سبتمبر/أيلول عام 2010 ، أي اصبحت المنظومة تغطي مجمل سطح الكرة الأرضية تقريبا.
الملاحة
تدور أقمار منظومة "غلوناس" للملاحة حول الأرض خلال 11 ساعة و15 دقيقة ، وهذا ملائم جدا لاستخدامها في خطوط العرض العليا (المناطق القطبية الشمالية والجنوبية) حيث ان اشارات منظومة الملاحة الأمريكية "GPS" ضعيفة او لا تستقبل هناك.
تتكون منظومة "غلوناس" حاليا من 24 قمرا اصطناعيا تدور في ثلاثة مستويات مدارية، ارتفاعها 19400 كلم، وتميل 64.8 درجة، موزعة على المستويات بالتساوي (8 في كل مستوى)، لتغطية مجمل سطح الكرة الأرضية، في حين يكفي 18 قمرا لتغطية مجمل مساحة روسيا.
لتحديد احداثيات الجهاز المستقبل، يجب ان يلتقط على الأقل اشارات منبعثة من اربعة اقمار اصطناعية ليتمكن من احتساب المسافة بينه وبينها، بالدقة المطلوبة.
الاشارات المستخدمة في الملاحة
تستخدم اشارات "FDMA" التي تعمل بطريقة تقسيم الموجات، الى موجات مختلفة تتطابق مع تردد الموجات التي تستخدمها القنوات. جميع اقمار المنظومة تستخدم شيفرة عشوائية متسلسلة واحدة في ارسال الاشارات، ولكن كل قمر يرسلها بتردد يختلف عن الأقمار الأخرى.
ترسل الاشارات المكشوفة (العلنية) على مدى الوقت بسرعة تعادل 50 بيت\ثانية، فمثلا يستغرق استلام صورة تتكون من 7500 بيت 150 ثانية (2.5 دقيقة).
أما الاشارات المحمية (السرية) ذات الدقة العالية فترسل مع الاشارات المكشوفة، ولكن بشفرة محددة تخص مستقبِل معين، وسرعتها أعلى من الاشارات المكشوفة.
كما تستخدم في المنظومة حاليا اشارات نظام CDMA الأكثر تطورا، حيث ثلاثة منها مكشوفة واثنتين محمية. فمثلا الاشارة L3OC المكشوفة ترسل بتردد 1202.25 ميغا هرتز، في حين ترسل الاشارة المكشوفة L1OC والاشارة المحمية L1SC ترسل بتردد 1600.995ميغاهيرتز، وL2OC المكشوفة وL2SC المحمية بتردد 1248.06 ميغاهيرتز، مما يغطي نطاق نظام "FDMA".
الوسائل التقنية المستقبلة
أول جهاز يستقبل اشارات منظومتي الملاحة الروسية والأمريكية " Glonass و GPS" كان 24 GG انتجته شركة Ashtech عام 1955. وأول جهاز ملاحة عبر الأقمار الاصطناعية للمستهلكين يعمل بالمنظومتين الروسية والأمريكية عرض في الأسواق في شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2007 اطلق عليه اسم "Glospace".
كما تنتج مؤسسة "بروغريس" الروسية العلمية الانتاجية اجهزة حديثة يمكن استخدامها في العديد من الآليات والمعدات العسكرية. وهناك اجهزة مختلفة عديدة تستخدم في مختلف وسائط النقل العامة والخاصة، وفي اجهزة الهواتف الذكية.
مقارنة بسيطة بين ميزات منظومات الملاحة
هناك حاليا ثلاث منظومات عالمية للملاحة هي " GPS" الأمريكية و" Glonass" الروسية و"Galileo" الأوروبية، التي ستبدأ العمل في بداية عام 2015.
Galileo GPS Glonass
عدد الأقمار الاصطناعية العاملة 24 وقد تزاد الى 27 24 حاليا يعمل فيها 30 27 + 3 احتياط
ارتفاع الأقمار. كلم 19400 20180 24000
درجة ميل المدارات. درجة 64.8 55 55
عدد المدارات وعدد الأقمار في كل منها 8\3 4\6 9\3
يفهم من المذكور أعلاه، ان استخدام وسائل الاتصال بالأقمار الاصطناعية لم يعد مقتصرا على الطائرات والسفن، بل امتد الى وسائط النقل البرية المختلفة العامة والخاصة. كما ان رواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية يستخدمون هذه الوسائل في الاتصال مع فرق البحث والانقاذ في حال هبوطهم في غير المكان المحدد.
كل منظومة من المنظومات الثلاث تتميز بخصوصية معينة. فمثلا المنظومة الأمريكية " GPS" التي تعتبر الأقدم بين منظومات الملاحة الفضائية، مبنية على ثلاثة مبادئ اساسية هي: اولا - الوقاية "Preservation" اي الحفاظ على جودة الخدمات التي تقدم للمستخدمين المدنيين خارج مسرح العمليات العسكرية. ثانيا – الحماية "Protection" للمعدات العسكرية الحديثة في اثناء العمليات العسكرية. ثالثا- "Prevention" أي منع العدو من استخدام تكنولوجيا " GPS"، من خلال تشويه اشارات الأقمار الاصطناعية في مناطق معينة.
أما منظومة غلوناس الروسية، فمن المحتمل ان تتفوق على المنظومة الأمريكية من ناحية الدقة في تحديد المواقع التي تصل الى متر واحد، في حين درجة الدقة للمنظومة الأمريكية 4 أمتار في حالة عمل 48 قمرا اصطناعيا مع بعض.
وتجدر الاشارة هنا الى ان 9 بالمائة من الأسلحة الأمريكية الدقيقة تستخدم نظام " GPS" وان 75 بالمائة من ضرباتها الموجه ضد يوغسلافيا و90 بالمائة من ضرباتها ضد العراق استخدم فيها هذا النظام. ومع ذلك لم يجد الخبراء تفسيرا مقنعا لعدم اصابة صواريخ "توما هوك" اهدافها بالدقة المطلوبة. ان تفسير هذا الفشل بسيط جدا، حيث توجد أجهزة تعطل اجهزة استقبال هذه الصواريخ مما يفقدها القدرة على اصابة اهدافها بدقة.
لقد تمكن خبراء روسيا من ابتكار مثل هذه الأجهزة، التي عند عرضها في معرض الطيران الدولي "ماكس – 97 " خلقت ضجة كبيرة بين المستخدمين العسكريين لمنظومة " GPS" والمنظومة الروسية كذلك. أي اصبح واضحا ان المنظومتين لن تعملان بالدقة المطلوبة على "اراضي" الغير.
منظومة الملاحة الفضائية الأوروبية "Galileo"
أما المنظومة الأوروبية "Galileo" فإن الهدف من انشائها هو تخفيف الاعتماد على المنظومة الأمريكية، رغم ان دقتها للمستخدمين المدنيين تتراوح بين 100 – 300 م. لذلك لم تحظ باهتمامهم. ولكنها تقدم اشارات عالية الدقة للجهات الحكومية مقابل اجور مقررة.
إضافة الى ذلك لن تكون المنظومة الأوروبية خاضعة لوزارات الدفاع خلافا للمنظومتين الأمريكية والروسية. إلا أن الاتحاد الأوروبي لا يستبعد الاعتماد عليها عند القيام بعمليات عسكرية. عموما يمكن القول ان المنظومة الأوروبية لن تكون أفضل من المنظومتين الروسية والأمريكية من الناحية التقنية.
منظومة الملاحة الفضائية الصينية "بايدو"
هناك أيضا منظومة "بايدو" الصينية الاقليمية، التي تستخدم في تحديد المواقع والملاحة وضبط الوقت بدقة وإرسال واستلام الرسائل القصيرة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
كانت هذه المنظومة الى قبل عشرة أعوام تقريبا متأخرة عن منظومتي "جي بي إس" الأمريكية و"غلوناس" الروسية بجيل كامل، وكانت كلفتها أغلى بعشرات المرات، وتعمل ببطء، وأقل دقة، ولم تكن أقمار الجيل الأول من هذه المنظومة مزودة بساعات نووية عالية الدقة كما لدى منافستيها.
أما اليوم فتخطط الصين للدخول الى السوق العالمية بعد عدة سنوات، بمنظومة "بايدو-2" ومنافسة المنظومتين الأمريكية والروسية، وهذا ما أقلق المحللين الغربيين من الأهداف العسكرية لهذه المنظومة، خاصة وان الصين لن تبقى رهينة المنظومة الأمريكية.
من جانب آخر، تمت خلال اجتماع منتدى "تكنوبروم – 2014 " الذي انعقد يوم 6 يونيو/حزيران 2014 في سيبيريا، مناقشة مسألة التكامل بين منظومتي الملاحة الروسية "غلوناس" والصينية "بايدو"، وفي حالة الاتفاق بشأن هذه المسألة فسوف تظهر منظومة جديدة قوية منافسة للمنظومة الأمريكية، خاصة وان المنظومة الروسية موجهة نحو المناطق الشمالية والمنظومة الصينية نحو المناطق الجنوبية.
وكان مصدر روسي قد أعلن ان الصين وافقت على نشر انظمة السبر والتصحيح التفاضلي لمنظومة "غلوناس" على اراضيها، مما سيزيد من دقة الاشارات التي سيستلمها المستخدمون الى متر واحد.
وتجدر الاشارة الى أن لمنظومة غلوناس حاليا 19 محطة ارضية داخل روسيا وثلاث محطات في المنطقة القطبية الجنوبية ومحطة واحدة في البرازيل. ويخطط لإنشاء محطات ارضية أخرى في الصين وكازاخستان وبيلاروس قريبا.
المصدر: RT+ وكالات