ومع ابتداء العد العكسي لانطلاق الانتخابات التشريعية، تكون البحرين مقبلة على استحقاق هام يقاطعه لاعب أساسي، يتمثل في المعارضة، مع ما سيخلف ذلك من استمرار الخلاف بين الفرقاء السياسيين.
ومن الواضح أن الأطراف حسمت قرارها حيال المرحلة السياسية القادمة، إذ سبق للسلطة أن أعلنت عن تنفيذ ما تم التوصل إليه من قواسم مشتركة في المحور السياسي من حوار التوافق الوطني، فيما اعتبرت المعارضة أن ذلك غير كاف، وظلت متشبثة بموقفها الداعي إلى التوافق على حل سياسي شامل للأزمة السياسية إلى أن قررت مقاطعة الانتخابات القادمة.
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية.. أكبر قوى المعارضة تقاطع الانتخابات
جدد الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان تأكيده على مقاطعة الجمعية للانتخابات في البحرين، مشددا على أن المشاركة "تكرس الواقع الاستبدادي القائم وتساهم في تجريد الشعب من حقوقه".
وعن وجود مخاوف في حال المقاطعة، قال سلمان: لا يقلق أحد وهذا نوع من التخويف الذي لا واقعية له فهذا أولا حقك ولا يوجب عليك المشاركة وهذا ما نص عليه الدستور.
وأوضح "أن الشعب ليس مصدر السلطات في هذه الانتخابات، وهذا ما يعبر عنه هذا البرلمان فليس بيد من يُنتخب أن يشرّع وانما بيد من يعين".
العديد من القوى السياسية تؤكد مشاركتها في الانتخابات
رغم أن جمعية الوفاق الإسلامية التي تمثل التيار الشيعي لم تقدم أي مرشح للانتخابات، الا أن الكثير من المجموعات السياسية السنية مثل جمعية الأصالة التي تمثل التيار السلفي والمنبر الإسلامي وتجمع الوحدة الوطنية أكدت مشاركتها.
ودعا الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي النائب علي أحمد، الناخبين إلى التوجه لصناديق الاقتراع، وذلك ليكون "خير رد على كل أولئك المقاطعين الذين يسعون بشتى الطرق لإفشال العرس الديمقراطي لإظهار صحة موقفهم".
واعتبر أحمد الانتخابات المقبلة "تحديا كبيرا يجب على جميع المخلصين من أبناء الشعب التغلب عليه وتجاوزه من خلال من خلال المشاركة الانتخابية الحاشدة".
الهاجس الأمني
وأكد طارق حسن الحسن رئيس الأمن العام البحريني اكتمال الاستعدادات الأمنية للانتخابات، مبينا اكتمال خطط الطوارئ والخطط البديلة وتدريب القوة على مختلف السيناريوهات والفرضيات وفي رصد أية مجموعات أو أفراد تحاول عرقلة العملية الانتخابية.
وأضاف الحسن في مقابلة مع تلفزيون البحرين أنه سيكون هناك حسم في التعامل في إطار الضوابط التي حددها القانون، وأن القوة في أفضل تجهيز وإعداد وتدريب وأكثر خبرة من كل الأمور والوضع الأمني في البحرين أفضل كثيرا مما كان عليه.
وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها أمام 350 ألف ناخب مسجل رسميا للانتخابات النيابية، فيما بدأ بحرينيو الخارج الانتخاب، الثلاثاء الماضي.
وحطمت انتخابات عام 2014 الأرقام القياسية فيما يخص أعداد المرشحين واختصاصاتهم، حيث تقدم للترشيح 493 شخصا، واستقر العدد بعد إغلاق باب الانسحابات عند 419 مرشحا نيابيا وبلديا.
ويخوض الانتخابات النيابية 266 مرشحا يتنافسون على 40 مقعدا في مجلس النواب الذي تستمر ولايته أربع سنوات.
وأعلن المدير التنفيذي لانتخابات البحرين المستشار عبدالله البوعينين اكتمال كافة التجهيزات اللوجستية للاستحقاق الانتخابي المقبل في المملكة، مشيرا إلى أن الاستعدات بدأت قبل 4 أشهر.
وأضاف البوعينين أن المراكز الانتخابية ازدادت هذا العام لتصبح 13 مركزا لتسهيل عملية التصويت.
وعلى الصعيد ذاته، اجتمعت اللجنة العليا للإشراف على سلامة الانتخابات صباح اليوم الخميس 20 نوفمبر/تشرين الثاني، مع رؤساء وممثلي الجمعيات من مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في الرقابة الوطنية على الانتخابات.
وأكد رئيس اللجنة العليا وزير العدل خالد بن علي آل خليفة، على تعزيز أوجه التنسيق والتعاون مع الجمعيات المُراقبة وخصوصا يوم الانتخاب من خلال التواصل والمتابعة الفورية بغية التحقق السريع من أية مخالفات انتخابية قد تقع واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.
وسيبدأ الصمت الانتخابي من قبل جميع المرشحين وفي كافة وسائل الإعلام، وذلك بالتوقف عن الدعاية الانتخابية قبل 24 ساعة من يوم الاقتراع.
وحسب مراقبين، فإن نسبة المشاركة هي العامل الأكثر أهمية في هذه العملية الانتخابية التي تشهدها المملكة الخليجية الصغيرة والاستراتيجية التي يقطنها 1,3 مليون نسمة.
نبذة عن تاريخ الانتخابات في البحرين
يذكر أن انتخابات هذا العام 2014 هي الانتخابات الثالثة منذ أن دخلت البحرين عهد الإصلاح السياسي قبل عشر سنوات، ويؤكد بعض المراقبين أن الانتخابات القادمة تحظى بأهمية قصوى من جهة تأكيدها على المسار الديمقراطي البحريني، ومن جهة أخرى لأنها تجري وسط توترات إقليمية تنعكس على المنطقة.
ويتألف المجلس الوطني (البرلمان) من مجلسين، مجلس النواب الذي ينتخب بالانتخابات العامة، بالإضافة إلى مجلس الشورى الذي يعين من قبل الملك. ويتكون كل مجلس من 40 عضوا ويخدم أعضاء البرلمان أربعة أعوام. الانتخابات الافتتاحية لهذا البرلمان الجديد جرت في 2002.
لقد شهدت الانتخابات البرلمانية الأولى عام 2002 مقاطعة أربع جمعيات سياسية هي: جمعية الوفاق، التي تعتبر أقوى الجمعيات السياسية في البحرين، كما قاطعتها جمعيات: العمل الوطني الديمقراطي، والتجمع القومي الديمقراطي، والعمل الإسلامي. لكن الجميع عدا (العمل الإسلامي) عادت وشاركت في انتخابات عام 2006.
احتجاجات عام 2011 .. وما بعدها
وتعد الانتخابات التشريعية هذا العام التي تنظم بالتزامن مع الانتخابات البلدية، أول استفتاء شعبي عام في المملكة منذ قيام السلطات بوضع حد بالقوة لاحتجاجات شعبية قادتها المعارضة الشيعية في 2011 ضد الحكم.
فمع اشتعال شرارة الاحتجاجات في بلدان عربية أولها تونس ومن ثم مصر، انتقلت "حمى الديمقراطية" الى البحرين وشهدت تلك الجزيرة الصغيرة احتجاجات واسعة، رافقها انسحاب 18 نائبا يمثلون جمعية الوفاق في مجلس النواب احتجاجا على "قمع الاحتجاجات" وللمطالبة بـ "ملكية دستورية حقيقية".
وبات هذا المطلب الشعار الرئيسي للمعارضة في البحرين. وألقي القبض على عدد من القياديين المعارضين حكم عليهم بعقوبات سجن قاسية.
واستمرت الاحتجاجات بشكل متفرق، الى جانب أعمال عنف موجهة ضد قوى الأمن، الا أن الحركة الاحتجاجية عموما خفت حدتها مع مرور السنوات.
المصدر: RT + وكالات