بعد مرور سنتين ونصف من اندلاعها سيكون للأزمة السورية نصيب الأسد في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنعقد نهاية هذا الأسبوع بعد أن أصبحت قضية السلاح الكيميائي السوري على طاولة مجلس الأمن الدولي، بناءا على الاتفاق الروسي الأمريكي الذي أبعد شبح الضربة العسكرية عن دمشق مؤخرا.
الأزمة وقبل وصولها إلى أروقة الأمم المتحدة مرت بمحطات مفصلية زادت من حدتها ولا يعرف أحد حتى الآن، إلى أين تتجه الأحداث التي انطلقت شرارتها الأولى من مدينة درعا جنوب البلاد، وذلك بالتزامن مع موجة ما بات يعرف بالربيع العربي.
ورغم الخطوة الاستباقية التي قام بها النظام السوري وتمثلت في إجراء إصلاحات سياسية كتعديل الدستور وإلغاء حالة الطوارئ ووضع قانون للأحزاب، فان الأحداث انتشرت انتشار النار في الهشيم بعد دعوات للتظاهر على شبكات التواصل الاجتماعي لتصل إلى حمص ودير الزور ودمشق واللاذقية وبانياس وحلب فيما بعد.
السلطات السورية أكدت حينذاك وجود مؤامرة لنشر الفوضى في سورية لمصلحة إسرائيل بالدرجة الأولى. ومن شعارات تتضمن مطالب اجتماعية واقتصادية إلى شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" تطورت الأحداث إلى حرب أهلية، خاصة مع انشقاق ضباط وجنود عن الجيش مكونين ما أصبح يعرف بالجيش الحر وتشكيل جماعات مسلحة انضم إليها مقاتلون من جنسيات مختلفة تزامنا مع نشاطات للمعارضة السياسية في الخارج توجت بتشكيل "الائتلاف السوري المعارض".
وبين اتهامات للنظام السوري بقمع احتجاجات يقول أصحابها إنها خرجت للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وبين رواية الحكومة السورية التي تتحدث عن تسلل للجماعات المسلحة والقاعدة مدعومة من أطراف إقليمية ودولية فإن سقوط مئات القتلى برصاص هذا الطرف أو ذاك، واشتباكات هنا وهناك وحصار هذا الحي أو ذاك كانت الحدث اليومي الذي صاحب الأزمة طيلة هذه المدة ولا يزال.
ورغم المبادرات الدولية والإقليمية لحل الأزمة فإن مآلها كان الفشل، فمن بعثة المراقبين العرب والمبعوث العربي والدولي السابق إلى سورية كوفي عنان وصولا إلى المبعوث الحالي الاخضر الابراهيمي فإن الأزمة لا تكاد تخرج من منعرج حتى تدخل في آخر..
لتأتي المبادرة الروسية مؤخرا لتجنب دمشق في اللحظات الأخيرة ضربة عسكرية أمريكية بسبب اتهام الأخيرة لها باستعمال الكيميائي في الغوطة بدمشق وما تلى ذلك من اتفاق روسي أمريكي على وضع هذا السلاح تحت الرقابة الدولية والتخلص منه.
لكن للأزمة السورية أبعادا أخرى قد تتعدى مسألة النزاع بين النظام والمعارضة، فالاشتباكات الأخيرة التي عرفها الشريط الشمالي الحدودي مع تركيا بين ما يعرف بالجيش الحر وعناصر "تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق" قد ينذر بدخول أطراف جديدة في معادلة الصراع الميداني بكل ما يحمله ذلك من ثقل على منحى الحل السياسي.