مع انتشار تقنيات الحياة اليومية الحديثة على نطاق واسع، لا سيما تلك المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، بدأت تنتشر ظاهرة مشاهدة الأفلام والاستماع إلى الكتب الصوتية في أوقات الفراغ أو أثناء التنقل في المواصلات العامة، وذلك على حساب مطالعة الكتب والصحف الورقية.
أثار ذلك اهتمام مجموعة من علماء الأعصاب البريطانيين، فقاموا بإجراء بحوث حول تأثير ذلك على القدرات الذهنية للإنسان ليكتشفوا أن للقراءة فوائد جمة تتجاوز إمكانية التعرف على مختلف الأفكار والآراء في شتى المجالات، إذ أن القراءة تعود على جسم الانسان بإيجابيات لا تقل أهمية عن ممارسة الرياضة، انطلاقا من أن الانسان يقوم بتدريب قدراته الذهنية أثناء المطالعة.
فقد خضع متطوعون لتجربة تتلخص بقراءة أحد فصول رواية "حديقة مانسفيلد" للأديبة البريطانية جين أوستِن، فيما قام العلماء برصد المتطوعين الذين تم إدخالهم إلى كابينة التصوير المغناطيسي حيث كان النص يُعرض على شاشة الكابينة.
كما طلب الباحثون من المتطوعين قراءة فصل الرواية بطريقتين، الأولى بهدف التسلية أما الثانية فباهتمام وتركيز أكبر، وكأنهم يستعدون لدخول امتحان. رصد التصوير المغناطيسي حالتين مختلفتين للمخ ولترويته الدموية، وذلك بالنظر إلى طريقة قراءة النص. فقد لاحظ العلماء تغييرا في التروية وفي الدورة الدموية حين يتحول الهدف من القراءة بغرض التسلية إلى التركيز، كما تقع عملية استبدال حادة لطبيعة وظائف الأعصاب.
هذا ويؤكد العلماء المشرفون على الدراسة أن جسم الانسان يؤدي وظائف مختلفة بحسب الهدف من القراءة، تسمح بتحفيز القدرات المعرفية في المخ، فيما يعتبر كل ضغط على المخ عملية مفيدة له، لكونها تمرينا بحد ذاته للمخ.
كما توصل العلماء إلى أنه أثناء القراءة فإن الدم يتدفق إلى مناطق محددة في المخ، مسؤولة عن القدرة على التركيز واستقبال المعلومات، وهي المناطق التي لا يصلها الدم أثناء متابعة التلفزيون أو ممارسة ألعاب الكومبيوتر. بالإضافة إلى ذلك فإن قراءة إبداعات الأدباء الجيدين تساعد القارئ على تحسين مداركه واكتساب مهارات تتعلق بقدرته على صياغة أفكاره بشكل صحيح.
المصدر: "كومسومولسكايا برافدا"