عاد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى بلاده بعد ثمانين يوما من العلاج في فرنسا، ما يسمح بتمرير بعض الملفات التي تحتاج انعقاد مجلس الوزراء برئاسته، لكن ذلك لم يمنع التساؤلات حول قدرته على ممارسة مهامه مدة 9 أشهر أخرى حتى انتهاء ولايته الرئاسية.
وبث التلفزيون الجزائري صورا لبوتفليقة بعد عودته الثلاثاء 16 يوليو/تموز داخل قاعة الشرف في المطار العسكري ببوفاريك ، لكن لم تبث صور له وهو ينزل من الطائرة كما في عام 2005 لدى عودته من رحلة العلاج الأولى.
وظهر الرئيس الجزائري في الصور التي بثها التلفزيون جالسا على كرسي متحرك، وحرك يده اليمنى قليلا كما سمع صوته خافتا يرد على رئيس الوزراء بالقول "إن شاء الله".
وكانت صور مشابهة للرئيس الجزائري بثها التلفزيون خلال زيارة الوزير الأول عبد المالك سلال لبوتفليقة ، يرافقه رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح في 11 يونيو/حزيران ، بعد نشر أخبار حول تدهور حالته الصحية ودخوله في غيبوبة.
لكن الصور انذاك كان لها رد فعل عكسي لدى الجزائريين، خاصة أن البيان الطبي حول صحة الرئيس بوتفليقة تحدث لأول مرة عن إصابته بجلطة دماغية طفيفة.
وأثارت صور عودته يوم امس الثلاثاء ردة الفعل ذاتها في الصحف الجزائرية الصادرة الأربعاء، حيث تساءلت عن مدى قدرته على الاستمرار في الحكم ، بعد تأكيد بيان رئاسة الجمهورية أنه "سيكمل فترة نقاهة وإعادة تأهيل" في الجزائر، دون تحديد للمدة والمكان.
وتساءلت صحيفة الوطن المعروفة بانتقادها للسلطة مشككة بقدرته على تسيير البلد "حتى وإن كان من المؤكد أن بوتفليقة لن يترشح لولاية رئاسية رابعة، فهل يملك القدرة على الاستمرار في الحكم إلى نهاية ولايته المقررة في أبريل/ نيسان 2014؟".
ان فرص ترشح بوتفليقة (76 سنة) لولاية رابعة تراجعت بسبب مشاكله الصحية التي بدأت في 2005 بنزيف في المعدة، غير أن مؤيديه لا يستثنون إمكانية ترشحه لأنه لم يعلن موقفه بعد.
وحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم والذي يرأسه بوتفليقة يرفض أي حديث عن مرشح آخر "مادام الرئيس لم يعلن صراحة أنه لن يترشح" ، كما أكد منسق المكتب السياسي في الحزب عبد الرحمن بلعياط.
كما أن وزير البيئة ورئيس حزب الحركة الشعبية عمارة بن يونس يردد في كل لقاءاته أنه "يدعم ترشح بوتفليقة لولاية رابعة".
وحرص بوتفليقة خلال وجوده في مستشفى فال دوغراس او ليزانفاليد على الظهور في الساحة السياسية من خلال توقيع المراسيم الرئاسية وإصدار العفو وإرسال برقيات التهاني لنظرائه. لكنه غاب بشكل ملحوظ عن احتفالات عيد الاستقلال في 5 يوليو/ تموز وعن حفل تقليد الرتب والأوسمة لكبار ضباط الجيش.
ومنذ تعديل الدستور في 2008 أصبح رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء لا ينعقد بدونه، وهو المخول بدراسة مشاريع القوانين قبل إرسالها إلى البرلمان.
وسيكون الملف الأكثر إلحاحا مصير قانون المالية التكميلي الذي يحدد الميزانية الإضافية للدولة والذي "يمر حتما عبر مجلس الوزراء" كما أكد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح لصحيفة الخبر. بالإضافة إلى حركة تحويل السفراء وتعيين السفراء الجدد وكذلك القضاة والولاة.
أما الملف الأكبر فهو مشروع تعديل الدستور الذي أسند إلى لجنة فنية "أنهت عملها" بحسب بن صالح، وتنتظر عودة الرئيس لتسلمه مشروع الدستور الجديد ليقرر إن كان سيعرضه للاستفتاء الشعبي أو يكتفي بمصادقة البرلمان عليه.
جدير بالذكر أن من أهم ما طالبت المعارضة بتعديله تحديد عدد الولايات الرئاسية باثنتين كما في دستور 1996 قبل أن يعدله بوتفليقة في 2008 ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة في 2009.
وقد دفع عدم تحديد بوتفليقة موقفه من الانتخابات الرئاسية في 2014 أغلب الشخصيات التي تطمح للترشح، إلى العزوف عن إعلان ترشحها، عدا رئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور الذي اختار الترشح مستقلا وبدعم من "المجتمع المدني" بعيدا عن الأحزاب السياسية.
وكان بوتفليقة قد أعلن بنفسه في مايو/ أيار 2012 أن "عهد حكم جيله قد ولى" ويجب أن يسلم المشعل، ما تم تفسيره على أنه انسحاب من السلطة. لكن "الأقوال لم تتبعها أفعال" كما علق مدير صحيفة ليبرتي عبروس اوتودرت في افتتاحية الصحيفة الأربعاء.
المصدر: ا ف ب