وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته مساء أمس إلى أن القيادة العسكرية الإماراتية في تصريحاتها الرسمية تطرح محاربة "تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب" أولوية لها، مضيفة أن الإمارات، خلافا للمملكة العربية السعودية، أكبر شركائها في التحالف، تلعب دورا ملموسا في المعارك الميدانية الدائرة على الأرض في اليمن، وذلك بقواتها البرية وبتدريبها ومساندتها لنحو 60 ألفا من المقاتلين اليمنيين، الذين يشارك حوالي نصفهم في العمليات ضد "القاعدة".
وأكد مسؤول عسكري إماراتي رفيع المستوى للصحيفة أن جهود أبوظبي وحلفائها نجحت في تقليص المساحات الخاضعة لسيطرة "القاعدة" في اليمن إلى عدة قرى، وقوات التنظيم في جنوب البلاد إلى نحو مائتي مسلح، وهم غالبا ما يضطرون إلى الاختباء من غارات التحالف.
وشدد اللواء علي، قائد قوة مهام إماراتية في ميناء المكلا بمحافظة حضرموت بجنوب اليمن، على أن أبو ظبي لن تسحب قواتها من اليمن ما لم يتم القضاء على "القاعدة"، حتى لو انتهت الحرب ضد "الحوثيين".
في الوقت نفسه، لفتت الصحيفة إلى أن الأوضاع في محافظة عدن، المعقل الرئيسي لقوات التحالف العربي، لا تزال متوترة، إذ بدأ الجنود الإماراتيون المرافقون للصحفيين يقلقون بعد 15 دقيقة فقط من وصول الفريق إلى مديرية دار سعد، إحدى المناطق الأكثر تضررا جراء الحرب في المحافظة، وسرعان ما تركتهم قافلة الجنود المرافقين المؤلفة من 15 عربة مدرعة.
واضطر الصحفيون إلى العودة بطريقة أخرى، تحسبا من زرع المسلحين عبوات ناسفة في الطريق، ووقع ذلك قبل أيام معدودة من نجاة محافظ تعز أمين محمود من محاولة الاغتيال في عدن.
في الوقت نفسه، ذكّرت الصحيفة البريطانية بتقرير نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية ومفاده بأن التحالف العربي أبرم اتفاقات مع تنظيم "القاعدة" بغية تركيز الجهود على مكافحة الحوثيين، ودفع للتنظيم مبالغ مالية قد تصل إلى مائة مليون دولار مقابل خروج مسلحيه بأسلحتهم من مدينة المكلا.
وأنكر قياديون إماراتيون ومسؤولون يمنيون للصحيفة البريطانية ما ورد في هذا التقرير، موضحين أن اتفاقات كهذه كانت ستتعارض مع الهدف الرئيس للتحالف، أي تجفيف منابع تمويل المسلحين.
وأشار محافظ حضرموت اللواء فرج سالمين البحسني إلى أن قوات التحالف والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا خسرت 360 من مقاتليها جراء المعارك الشرسة من أجل السيطرة على المدينة.
لكن "إندبندنت" أقرت بأن معركة مدينة المكلا تثير تساؤلات، حيث أعرب سكان محليون للصحيفة عن استغرابهم من تمكن التحالف من السيطرة على المدينة خلال 24 ساعة فقط، وذلك دون سماع دوي القتال العنيف إلا خارج حدود المدينة.
وقال أحد السكان: "نفهم أنه كان هناك نوع من الوساطة بغية تفادي سقوط العديد من الضحايا بين المدنيين".
إلى ذلك، اعترف قائد عسكري إماراتي رفيع المستوى للصحيفة البريطانية بضم قوات التحالف عددا من عناصر "القاعدة" المنشقين الذين سبق أن التحقوا بالتنظيم لدواع مالية، وذلك بعد التحقيق معهم والرقابة المعينة عليهم وبرنامج إعادة تأهيلهم.
وقال الضابط إن هذا البرنامج أحرز نجاحا، إذ توجه هؤلاء برسالة إلى زملائهم السابقين في "القاعدة" دعوهم فيها إلى الانضمام للقوات اليمنية.
من جانبه، أقر مسؤول عسكري إماراتي آخر للصحيفة بأن أمن قواعد قوات التحالف في محافظة مأرب، حيث تدور عمليات ميدانية ضد الحوثيين، يتوقف على اتفاق غير معلن مع "القاعدة"، موضحا أنه على الرغم من نية التحالف القضاء على "القاعدة" في المحافظة بنهاية المطاف، لكن محاربة هذا التنظيم والحوثيين في آن واحد كانت ستعرّض قواعد التحالف في المنطقة لخطر ملموس.
وأكد المسؤولان العسكريان المذكوران أنهما، عند وصولهما سرا إلى عدن في ربيع 2015 بهدف طرد الحوثيين، وجدا أنفسهما مقاتلين جنبا إلى جنب مع "القاعدة" ضد عدوهما المشترك الحوثيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن جوهر المشكلة يعود إلى صعوبة التفريق بين عناصر "القاعدة في شبه جزيرة العرب"، التي تنتهج استراتيجية غامضة، وأفراد الجماعات المحلية، لا سيما السلفية، وخاصة أن العديد من عناصر التنظيم الإرهابي أقاموا علاقات عائلية مع الأسر السنية المؤثرة التي يعتمد عليها التحالف في حربها ضد الحوثيين.
وعلى الرغم من ذلك، تقر مصادر "الإندبندنت" بتقليص أنشطة "القاعدة" في اليمن بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وبتراجع عدد هجمات الإرهابيين في البلاد.
المصدر: إندبندنت