وسارع حليف طهران الأهم في المنطقة، حزب الله اللبناني الذي نال حصته من الاتهامات المغربية أيضا، إلى وصف تحرك الرباط بأنه جاء "بفعل ضغوط أميركية وإسرائيلية وسعودية".
ولم تتأخر المغرب في ردها، مؤكدة على لسان رئيس حكومتها سعد الدين العثماني، أن قرار قطع العلاقات مع إيران "مغربي خالص"، واتخذ بعد أن "ثبت أنها تدعم جبهة الانفصاليين عسكريا بشكل مباشر أو غير مباشر".
تأكيدات الرباط لن تبدد كما يبدو شكوك البعض في أن للأطراف الخارجية ضلع في القضية، حيث اتجهت الأنظار إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يظهر كالمستفيد الأول عربيا من الخطوة المغربية.
وفي هذا الصدد، يذكّر أصحاب نظرية "الأثر السعودي" بصورة "السيلفي" التي التقطها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري مع ومحمد بن سلمان، والعاهل المغربي الملك محمد السادس في باريس الشهر الماضي، والتي لا شك أنها تؤكد وجود علاقة جيدة بين الملك وولي العهد، لكن هل تدل على شيء أكثر من ذلك؟
مع ذلك يصعب الإنكار أن القرار المغربي جاء في توقيت غاية في الحساسية بالنسبة لكل من إيران والسعودية، بل وأمريكا وإسرائيل أيضا، حيث أتى يوم واحد على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي اتهم فيها طهران بمواصلة تطوير أسلحة نووية، وهو اتهام يندرج في سياق حملة أمريكية إسرائيلية خليجية متصاعدة لكبح جماح طهران في المنطقة.
ولم يهمل المراقبون حتى التفسير الذي يخرج الخطوة المغربية من حقل السياسية الإقليمية الملغوم، حيث وصفها البعض بأنها محاولة لاسترضاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد تهديده بحجب الدعم والمساعدة عن الدول التي لا تدعم ترشح بلاده لاحتضان مونديال 2026 في مواجهة المغرب!
أما جبهة البوليساريو، فهي ركزت على تفسير مختلف عمّا سبق، وإن تضمن الإشارة إلى بعد دولي له أيضا.
وحسب مسؤولين في الجبهة، فإن اتهامات الرباط لها بتلقي الدعم من إيران وحزب الله، تندرج في سياق "الانتهازية السياسية" التي يسعى من خلالها المغرب "للتملص من الحوار الذي دعت إليه الأمم المتحدة"، في إشارة إلى قرار اتخذه مجلس الأمن الدولي حول الصحراء الغربية الجمعة الماضي.
واعتبر مسؤول في البوليساريو، أن "القرار الأممي الذي يدعو لاستئناف التفاوض.. أصابهم (المغاربة) بالجنون، بمعنى أنهم باتوا في حاجة لمساعدة الولايات المتحدة وإسرائيل"، حسب تعبيره.
وما نسي ذكره المسؤول، هو أن الرباط أعربت رسميا غداة المصادقة على القرار الأممي عن ارتياحها له، فيما وصف الإعلام المغربي القرار بأنه "يحمل مؤشرات لصالح المغرب" ويمثل "دفعة جديدة لجهود المغرب نحو حل واقعي"، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة أخذت "رسالة المغرب على محمل الجد".
مهما كان الأمر، فقصة القطيعة المغربية الإيرانية تثبت مرة أخرى أن أي تطور ذي مغزى في المشهد الإقليمي لا مفر من أن تحاول أطراف مختلفة توظيفه إعلاميا لخدمة أجنداتها المعلنة منها والخفية.
المصدر: وكالات
متري سعيد