وبعد تحرير الموصل أكبر مدن نينوى قبل أكثر من شهر، أضحت القوات العراقية (الحكومية والبيشمركة والحشد الشعبي) تحاصر تلعفر (حوالي 80 كيلومترا غربي الموصل) بشكل شبه كامل.
وبحسب تقديرات استخبارية، فلا يزال نحو 2000 متطرف في المدينة، ومن المرجح أن تشهد قتالا شرسا على الرغم من أن المعلومات من داخلها تشير إلى أن هؤلاء المسلحين مستنزفون من المعارك والقصف الجوي ومن نقص الإمدادات منذ أشهر.
وقد تسمح الأرض المنبسطة للمدينة وشوارعها الواسعة للدبابات والمدرعات بمرور سلس، لكن جزءا واحدا من تلعفر، وهو حي السراي يشبه المدينة القديمة الأثرية في الموصل وشوارعها الضيقة، التي تعرضت لدمار تام بسبب حرب الشوارع التي شهدتها.
ويقول العديد من المؤرخين إن "تلعفر" كلمة مركبة من: "تل" و"عفر"، وتعني "تل التراب"، فيما يؤكد آخرون أن الكلمة مشتقة من "تلاد عبرا" الآرامية التي تعني كذلك "تل التراب" نسبة للون المنطقة، أو "تل عفراء" وتعني "تل الغزلان".
ويعود تاريخ الحضارة في تلعفر إلى آلاف السنين، كجزء من حضارات وادي الرافدين وخاصة الآشورية، واكتسبت أهمية خاصة عبر القرون لكونها محطة مركزية على الطريق بين بلاد الشام وبلاد فارس وبيزنطة.
وتشتهر تلعفر بقلعتها الأثرية التي بنيت في العهد الآشوري حيث كانت المدينة مركز عبادة الآلهة عشتار، وجدد حكامها على مر العصور تعميرها حتى القرن الماضي.
ولا تزال تلعفر تتمتع بموقع استراتيجي شمال غربي العراق على الطريق بين الموصل، مركز محافظة نينوى والأراضي السورية. وهي مركز "قضاء تلعفر" الذي يُوصف بأنه من أكبر الأقضية في العراق ومساحته نحو 28 كلم مربعا، وجنوب المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا.
وفي التاريخ المعاصر، تميزت تلعفر بتنوع سكاني، حيث كانت التقديرات تشير إلى أن المدينة، قبل أن تسقط في أيدي التنظيم، كان يعيش فيها نحو 200 ألف نسمة أغلبهم من التركمان السنة والشيعة إلى جانب أقليتين كردية وعربية، لكن معظمهم نزح عند اجتياح التنظيم لمناطقهم، كما تعرضوا لجرائم ارتكبها بحقهم "داعش".
ومن الجدير بالذكر أن تلعفر مثلها مثل المدن المختلطة عرقيا لم تسلم من موجات العنف الطائفي، بعد غزو العراق عام 2003 علما أن بعض أكبر قادة "داعش" ينحدرون منها.
المصدر: وكالات
علي جعفر