وقال جبر لوكالة "رويترز": "داعش سعى في مدينة الموصل لتدمير هوية المدينة، عن طريق هدم كل شيء وجعلها أحادية اللون، وأنا استغل ذلك لتوحيد مدينتي، وربما البلد كله".
الموصل ثاني أكبر مدن العراق كانت قبل الحرب تشتهر بتنوعها وبنزعة دينية محافظة وبالشعور الوطني، وبعد الاجتياح الأمريكي للعراق والإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، أصبحت مقرا لتنظيم "القاعدة" والمسلحين.
ومنذ سيطر تنظيم "داعش" على المدينة عام 2014، نسف المتطرفون آثارا وأخرجوا طوائف عاشت قرونا في المدينة مع بعضها البعض، وألبوا الجيران بعضهم على بعض.
وعقب هزيمة التنظيم مطلع الشهر الجاري في هجوم قادته القوات العراقية ودعمتها الولايات المتحدة، ارتفعت اللوحات الإعلانية الضخمة على طريق رئيسي شيد بالمدينة باعتبارها مهد الحضارة وتبرز معالم يرجع تاريخها إلى عهد بلاد ما بين النهرين.
ويقول جبر: "الوقت الحالي يمثل لحظة فريدة لإعادة بناء هوية الموصل متعددة الثقافات والتصدي للتطرف"..."هذه فرصة والوقت مناسب لذلك لأنك لو كنت تحدثت مع أي موصلي عن ذلك من قبل التنظيم المتشدد لما رضي أحد بذلك، أما الآن فقد خرج الناس من تجربة مريرة، وهم في حالة صدمة".. "إما أن ننجز ذلك هذه السنة، ونستغل هذه الفرصة أو نفقدها إلى الأبد.. الوقت أمامنا محدود جدا".
وكان مسلحو "داعش"، اعتقلوا جبر عام 2014، للاشتباه في قيامه بالتجسس، وهددوه بالإعدام، لكنه هرب واستغل معرفته بالموصل في مساعدة القوات العراقية في استهداف المتشددين.
وفي العام الماضي أنشأ جبر فصيلا مسلحا بدعم من الحكومة العراقية للقبض على من يشتبه في انتمائهم للتنظيم في المناطق التي استردتها القوات العراقية من التنظيم واستجوابهم غير أنه ينوي الآن استغلال هذا الفصيل في تأمين المواقع الأثرية، كما أنه يدير جمعية أهلية تتولى ترميم الآثار.
ويريد جبر بدء أعمال إعادة البناء في موقع مسجد النبي يونس، ويمثل مدفن النبي كما يحتوي على أطلال معبد زرادشتي وقصر آشوري، وقد نسف التنظيم المسجد وحفر أنفاقا بحثا عن آثار ذات قيمة، الأمر الذي أدى إلى خلخلة أساساته.
وقال جبر خلال زيارة للموقع هذا الشهر: "المكان يمثل مرآة لأربعة مستويات من الحضارة".
وفي حي الانتصار الفقير في شرق الموصل الذي يعد حصنا قديما للمسلحين تغطي المباني آثار الطلقات النارية وتتدفق مياه الصرف الصحي أمام واجهات المتاجر، التي أعيد فتحها مؤخرا.
ولا يشعر كثيرون بالأمان، وبالأخص أفراد الأقليات والطوائف مثل كندي مجيد، المدرس المسيحي (30 عاما)، الذي هرب مع زوجته من الموصل، وهو يعيش الآن داخل مخيم على مسافة ساعة بالسيارة من المدينة، التي يعيش فيه قرابة 5 آلاف مسيحي، وليس لديه أي نية للعودة للمدينة.
وقال مجيد: "تم القضاء على متطرفي داعش، لكن فكرة داعش لا تزال قائمة".
المصدر: رويترز
هاشم الموسوي