وكان مسلحو داعش قد بدأوا بالانسحاب من مدينة الرقة مع تكثيف عملية "غضب الفرات" لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، ما أدى إلى تضييق الحصار على المدينة التي بقيت منذ عام 2013 المعقل الرئيسي للتنظيم الإرهابي في أراضي سوريا.
وحذرت وزارة الدفاع الروسية من أن المسلحين الهاربين من الرقة يسعون للتسلل إلى تدمر مجددا، إذ تستمر المعارك على تخوم هذه المدينة بين قوات الجيش السوري وفصائل التنظيم الإرهابي. ويعيد هذا الوضع إلى الأذهان، إلى درجة كبيرة، التطورات التي سبقت سقوط المدينة بأيدي "داعش" للمرة الثانية – في ديسمبر عام 2016، - بعد وصول قوة كبيرة من الدواعش الهاربين من الموصل إلى محيط المدينة بشكل مفاجئ، ما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب وإجلاء المدنيين بشكل عاجل.
ولمنع تكرار هذا التطور، توجه القوات الجوية الفضائية الروسية ضربات مكثفة إلى أرتال تابعة لـ"داعش" تخرج من الرقة، إذ كان الطيران الروسي قد وجه أول ضربة من هذا القبيل في 25 مايو/أيار الماضي.
وفي 31 مايو، انضمت إلى الحملة ضد الدوعش مجموعة السفن الحربية الروسية في البحر المتوسط، إذ أطلقت غواصة "كراسنودار" وفرقاطة "الأميرال إيسين" صواريخ "كاليبر" المجنحة عالية الدقة على أهداف لـ"داعش" في شرقي تدمر.
وتربط وزارة الدفاع الروسية تقدم قوات "داعش" إلى الجنوب مع تكثيف عمليات "قوات سوريا الديمقراطية" بدعم التحالف الدولي في محيط الرقة. وتجدر الإشارة إلى أن الإرهابيين يسيطرون على الطريق N4 المؤدي إلى دير الزور، حيث يؤدي الطريق رقم М20 مباشرة إلى تدمر.
وحسب بيانات البنتاغون، كانت مجموعة القوات الداعشية في الرقة تضم في أوائل الشهر الماضي 3-4 آلاف مقاتل، فيما تقدر وسائل الإعلام عدد أفراد "قوات سوريا الديمقراطية" بـ10-15 ألف فرد، بالإضافة إلى مئات العناصر من قوات الكوماندوز الغربية. وحتى الآن، لا توجد دلائل تشير إلى استعداد "داعش" للدفاع عن معقله (الرقة) في ظل التفوق العسكري الكبير لخصومه. ولذلك من غير المستبعد أن يجد الجيش السوري فجأة قرابة 4 آلاف إرهابي على تخوم تدمر.
وعلى الرغم من أن الوضع الحالي يعيد إلى الأذهان التطورات في ديسمبر عام 2016، إلا أن خبراء عسكريين يؤكدون أن الوضع الميداني في سوريا بشكل عام يختلف بقدر كبير عما كان عليه قبل 6 أشهر. وذلك بعد أن حقق الجيش السوري في مايو الماضي سلسلة من النجاحات العسكرية الكبيرة على اتجاهات الجبهة الأخرى، كما سمح الاتفاق الخاص بإقامة مناطق خفض التوتر في سوريا، لقيادة الجيش السوري، بالتركيز على الوضع في ريف حمص بقدر أكبر.
ويقول الخبراء أن أسباب سقوط تدمر قبل نصف عام كانت ترتبط ليس بالطابع المفاجئ لتحركات قوات "داعش" فحسب، بل وبعدد من الأخطاء الخطيرة ارتكبها الجيش السوري لدى تنظيم الخطوط الدفاعية للمدينة، ومنها توقفه عن الهجمات على التنظيم الإرهابي، ما أسفر عن فشل في إقامة طوق آمن حول المدينة.
وفي ربيع عام 2017 - بعد استعادة السيطرة على تدمر، بدأ الجيش السوري بتصحيح هذه الأخطاء، لكن حملته للتقدم في ريف حمص لم تأت إلا بنتائج متواضعة جدا، اقتصرت خلال 3 أشهر على تأمين التلال الاستراتيجية حول المدينة والطريق المؤدي إلى حمص، وعدد من حقول الغاز الطبيعي.
لكن الوضع تغير في أواخر شهرمايو الماضي، عندما تمكنت القوات الحكومية من استعادة وحدة القوات الصاروخية جنوبي تدمر وبسط السيطرة على عدة بلدات قرب مدينة القريتين.
كما تمكن الجيش السوري من تأمين مدينة حمص برمتها، بالإضافة إلى طرد فلول "داعش" من مناطق شاسعة جنوبي تدمر، بموازاة عمليات عسكرية ناجحة جنوبي دمشق وبمحاذاة ضفة الفرات الغربية.
انطلاقا من هذه التطورات، يؤكد أنطون مارداسوف، رئيس قسم النزاعات الشرق الأوسطية وجيوش المنطقة في معهد التطور الابتكاري بموسكو، زوال خطر سقوط تدمر مجددا في أيدي "داعش".
وقال مارداسوف في مقابلة مع RT: "الإرهابيون قد يهربون من الرقة إلى أي مكان. أما تدمر فليس لها أي معنى استراتيجي. وكانت سلسلة الهزائم الأخيرة قد أصابت التنظيم بالشلل على العديد من الاتجاهات، أما في محيط تدمر، فتستهدفه ليس الضربات الروسية فحسب، بل وضربات التحالف الغربي".
ويعتقد الخبير أن جزءا من قوات التنظيم ستهرب باتجاه دير الزور، وشكك في خطر تسلل الدواعش إلى حمص أو تدمر، لأن تنظيم "داعش" يدرك خطر القضاء على عناصره على تخوم المدينتين.
وأوضح مارداسوف أن الضربات الجوية الروسية كانت تستهدف مجموعات إرهابية ذات قدرة كبيرة على المناورة، معتبرا أن ذلك يدل على عجز التنظيم عن تحريك مجموعات كبيرة من القوات، ما يحول دون تركيز قوة كافية على تخوم تدمر لبدء هجوم جديد على المدينة.
المصدر: RT
اوكسانا شفانديوك