وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية التي أوردتها موسكو والتقارير الصحفية المصورة من الشعيرات، أن الأضرار التي لحقت بالمطار المذكور اقتصرت على تدمير 6 طائرات "ميغ-23"، و"سو-22" متهالكة، وعدد من المرابض، ولم تعطل عمل المطار المذكور الذي استأنفت الطائرات الحربية السورية طلعاتها منه ضد المسلحين في اليوم التالي للضربة التي كلفت واشنطن 30 ضعف قيمة الأضرار التي ألحقتها بالشعيرات.
والسؤال الأهم الذي يتبادر إلى الأذهان: إذا صدقت واشنطن في ما تؤكده حول بلوغ جميع صواريخها مطار الشعيرات المتواضع وغير المجهز على غرار القواعد الجوية الكبيرة، فلماذا هذا الحد المتدني من فعالية صواريخها الـ59 التي أطلقتها؟
وعندما يؤكد محللو "الجلسات العائلية" أن الضربة الأمريكية للشعيرات أظهرت عجز منظومات الدفاع الجوي الروسية، فإنهم يعبرون بذلك إما عن جهلهم التام، أو يمارسون بث التكهنات المضللة في إطار حملة دعائية متعمدة.
صواريخ "توماهوك" التي استطاعت الوصول إلى الشعيرات، طارت على مسار بعيد جدا عن نطاق تغطية المنظومات الروسية المنشورة شمال غرب سوريا، ناهيك عن التضاريس الجبلية المتعرجة على طول مسارها الأمر الذي يستثني كذلك قدرة المنظومات الروسية على اعتراضها.
وصف مسار الصواريخ الأمريكية ووصول 23 منها فقط إلى الشعيرات يحمل على الجزم بأن الصواريخ التائهة إنما اعترضت وأسقطت، أو أنها كانت جميعها معطلة أو تالفة فيما هي تمثل عماد سلاح المدمرات الأمريكية، وهذا أمر مستبعد.
مقاتلات "سو-35" الروسية، تبقى استنادا إلى هذا المشهد الأداة الوحيدة التي اعترضت "توماهوك" وأسقطتها، حيث أنها مزودة برادار متطور يتيح لها رصد الصواريخ والأهداف عالية السرعة فوق اليابسة والماء، بغض النظر عن تعرج التضاريس.
الصواريخ الأمريكية، أطلقت ليلا وكانت تشع بنار نواتج احتراق وقود محركاتها، وتبث قدرا كبيرا من الحرارة التي تسهل على رادار "سو-35" رصدها في نطاق الأشعة تحت الحمراء التي يرسلها لتنعكس عليه من الهدف ويتابع بذلك مساره.
وعلاوة على ذلك، فلا بد من استذكار كيف أخطر الأمريكان الجانب الروسي بضربتهم الصاروخية قبيل شنها، الأمر الذي سهل على الروس تحديد الموقع التقريبي للسفن الحربية التي ستنطلق منها "توماهوك"، غير القادرة على الدفاع عن نفسها لتصبح فريسة سهلة أمام منظومات "سو-35" الاعتراضية.
منظومات اعتراض الصواريخ والطائرات والأهداف عالية السرعة المزودة بها "سو-35"، تشمل إلى جانب محطة الرادار المتطورة صواريخ "جو – جو"، ومدفعين رشاشين، إضافة إلى نظام تشويش إلكتروني يحرف القذائف المسيرة عن وجهتها.
ومن المرجح أن يكون الأمريكان قد أرادوا في الضربة الاكتفاء بإطلاق 36 صاروخا فقط وهي الحمولة الكاملة من "توماهوك" لمدمرتهم الأولى، إلا أن "سو-35" اعترضتها وأسقطتها بالكامل، فيما كان البحارة الأمريكيون يشاهدون على رادارهم كيف تتساقط صواريخهم الواحد تلو الآخر، عاجزين عن نجدتها.
وبعد نفاد صواريخ المدمرة الأولى علم الطيارون الروس بذلك نظرا لأنهم أسقطوا 36 منها، وتنفسوا الصعداء عائدين إلى قواعدهم للتزود بالوقود والذخائر ومتابعة التحليق في الأجواء الممتدة بين الشعيرات ومكان إطلاق "توماهوك" من جديد.
ولدى اختفاء الطائرات الروسية عن رادار المدمرتين الأمريكيتين، استغلت مدمرة "بورتير" الفرصة، وسارعت إلى صب ما في جعبتها من صواريخ على الشعيرات وعددها 23 وهي التي وصلت فعلا إلى المطار السوري المذكور.
المصدر: "نيزافيسيمايا غازيتا"
صفوان أبو حلا