مباشر

منصات جنيف والوجوه وراء الكواليس!

تابعوا RT على
يأتي انطلاق الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، بالتزامن مع تغيرات جذرية يشهدها الميدان السوري، واستمرار المساعي لتثبيت الهدنة، فيما يبقى التفاوت في مواقف الأطراف المشاركة واضحا.

وتأتي المفاوضات في الوقت الذي تراجعت فيه مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة المعتدلة إلى 13%، بما في ذلك مناطق حيث مازالت فصائل المعتدلين متحالفة مع تنظيم "جبهة فتح الشام" (جبهة النصرة سابقا )، حسبما يؤكده الباحث الفرنسي المختص بالجغرافية السياسية لسورية فابريس بالانش.

وحسب تقييمات الخبير بالانش، يعيش في تلك المناطق 12.5% من السكان المتبقين في سوريا.

أما تنظيم "داعش"، على الرغم من الضغوط الشديدة عليه، فمازال يسيطر على 33% من مساحة سوريا، بما في ذلك الرقة وتدمر والباب، حسب المصدر نفسه.

كما تبقى مساحات شاسعة من الأراضي تحت سيطرة "فتح الشام". وتشهد سوريا منذ يناير/كانون الثاني اقتتالا شرسا بين فصائل "المعتدلين" و"فتح الشام"، في الوقت الذي شن فيه "جيش خالد بن الوليد المبايع "داعش" هجوما على مواقع المعارضة المعتدلة والجيش السوري في درعا.

وفي شمال سوريا، مازالت وحدات حماية الشعب الكردية تسيطر على 20% من مساحة الأراضي السورية، على الرغم من عمليات الجيش التركي في المنطقة نفسها. ويعيش مليونا نسمة، أي قرابة 12.5% من سكان سوريا المتبقين، في تلك المناطق. على الرغم من ذلك استبعد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، التي تعمل وحدات حماية الشعب الكردية تحت مظلته، من طاولة مفاوضات جنيف.

كما لا يشمل الحوار، طبعا، "داعش" و"فتح الشام" بصفتهما مستثنيين من نظام وقف إطلاق النار في سوريا.

الوفد المؤلف من 22 شخصا ومكونات ثلاثة

وما يميز "جنيف 4" عن الجولات السابقة من المفاوضات هو الحضور القوي للمعارضة السورية المسلحة، إذ تم إدراج ممثلي الفصائل المشركة في نظام وقف إطلاق النار على قائمة أعضاء وفد المعارضة "الأساسي" المتكون من 22 شخصا.

ولذلك لم يعد هذا الوفد محصورا بما عُرف سابقا باسم "منصة الرياض"، أي الهيئة العليا للمفاوضات التي شكلتها "قائمة الرياض" للمعارضة السورية. ويضم الوفد الحالي المشترك ممثلين عن الائتلاف الوطني السوري والهيئة العليا للمفاوضات وفصائل المعارضة المسلحة المشاركة في وقف إطلاق النار ساري المفعول منذ 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ويترأس الوفد عضو الائتلاف الوطني طبيب القلب نصر الحريري، فيما تم تعيين المحامي محمد صبرا كبيراً للمفاوضين.

وعلى الرغم من الخلافات المعروفة في وجهات النظر بين المكونات الثلاثة للوفد، فيتوقع أن تكون منصته في المفاوضات الحالية، متطابقة إلى درجة كبيرة مع قاعدة الائتلاف السوري، التي من بنود برنامجها الأساسية: رحيل الرئيس السوري بشار الأسد والمقربين منه من السلطة، وتشكيل نظام ديمقراطي متعدد الأحزاب، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وإنشاء آلية لمساءلة مرتكبي جرائم الحرب، وسحب كافة القوات الأجنبية من البلاد.

منصتا موسكو والقاهرة

لم يتضح حتى الآن نهائيا صفة وفدي ما يعرف بمنصتي موسكو والقاهرة في مفاوضات جنيف، إذ كانت مصادر في الأمم المتحدة قد ذكرت أن الهيئة العليا للمفاوضات أصرت على اعتبار وفدها الممثل الوحيد للمعارضة، وإشراك الآخرين كـ"مستشارين وخبراء".

وأكد تلك المصادر أن وضع الوفود سيختلف عن وضعها خلال الجولات السابقة من المفاوضات.

وأثارت "الدعوات المبهمة" لحضور جنيف، استياء منصتي القاهرة وموسكو. وفي الوقت الذي قبلت فيه منصة القاهرة الدعوة، رغم آسفها لاستبعاد شخصيات أخرى بارزة من المعارضة، رفضتها منصة موسكو، التي يعد قدري جميل، القيادي في "جبهة التغيير والتحرير" من أبرز الوجوه فيها. لكن في نهاية المطاف أعلن جميل عن توجه وفد "منصة موسكو" إلى جنيف، بعد توضيح الدعوة التي وجهها المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا. وأوضح أنه تلقى في البداية دعوة شفهية، وفي مساء الاثنين وجهت دعوة مكتوبة لـ "منصة موسكو" للمشاركة كوفد مؤلف من 3 أعضاء ومستشارين 2.

بدوره أكد منسق منصة القاهرة للمعارضة جهاد مقدسي في تصريح لصحيفة "الوطن"  أن وفد المنصة يتألف أيضا من 3 أعضاء أساسيين وهم: جهاد مقدسي وجمال سليمان وفراس الخالدي، إضافة إلى مستشارين اثنين هما: منير درويش وبشير السعدي، أعضاء مؤتمر القاهرة. لكن مقدسي بعد وصوله إلى جنيف قال إنه سيشارك في الحوار كشخصية مستقلة.

وتجدر الإشارة إلى منصتي القاهرة وموسكو، تشكلتا على أساس مؤتمرات ولقاءات عقدت في العاصمتين المذكورتين.

وفي سياق الجولة السابقة من المفاوضات في جنيف، قدمت منصتا موسكو والقاهرة ورقة أفكار مشتركة للمبعوث الأممي إلى سوريا. وأكدت الوثيقة على ضرورة أن تؤدي المفاوضات السورية إلى اتفاق حول تشكيل هيئة حكم انتقالية ومبادئ أساسية ستشكل قاعدة للدستور الجديد. كما تدعو الوثيقة إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في نهاية المرحلة الانتقالية حسب قرار مجلس الأمن 2254 ارتباطاً بالانتقال إلى دولة رئاسية- برلمانية في سوريا.

ويرى المعارضون من منصتي موسكو والقاهرة سوريا كجمهورية رئاسية- برلمانية- تعددية- علمانية يفوض فيها المركز الصلاحيات اللازمة المتفق عليها للأطراف، تطبيقاً لمبدأ اللامركزية الإدارية الواسعة. كما يقترحون مبدأ التساوي في التمثيل والرضى المتبادل عند تشكيل الهيئات المختلفة خلال المرحلة الانتقالية.

أما السبب الرئيسي للاختلاف بين وفد المعارضة التابع للائتلاف السوري والهيئة العليا للمفاوضات من جهة، ومنصتي موسكو والقاهرة من جهة أخرى، فيكمن في قبول  معارضي المنصتين بشكل مبدئي بقاء الأسد في السلطة خلال المرحلة الانتقالية، على الرغم من أن هذا الموقف غير مذكور في أي أوراق رسمية.

المستبعدون من جنيف

بالإضافة إلى استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي، لا تشمل مفاوضات جنيف4 منصة أستانا التي كانت من مؤسسيها رندة قسيس، ومنصة بيروت التي تشكلت مؤخرا، ومنصة حميميم التي أطلق عليها هذا الاسم تيمنا بقاعدة حميميم الجوية، حيث ترابط مجموعة القوات الجوية الروسية.

وكانت قسيس قد شاركت بنشاط في المشاورات التي جرت على هامش الجولة الأخيرة من المفاوضات في أستانا. كما شاركت قسيس وممثلو منصة بيروت في لقاء استضافه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو أواخر الشهر الماضي.

وسبق لمنصة أستانا أن تعاونت مع منصة موسكو في وضع المبادئ المذكورة التي قُدّمت لدي ميستورا، ولا توجد أي نقاط خلاف عميقة بين المنصتين.

أما منصة بيروت، التي انطلقت من بيروت باسم "الكتلة الوطنية السورية"، فأكدت إصرارها على حضور اللقاءات الدولية المستقبلية حول التسوية في سوريا.

ويؤكد لؤي حسين المتحدث باسم الكتلة، أن ما يوحد المشاركين في الائتلاف الجديد، هو اعتقادهم بأن الحرب ضد السلطة قد انتهى، ويجب تضافر الجهود لمحاربة الإرهابيين.

وفي معرض تعليقها على قرار استبعادها عن جولة المفاوضات الجديدة، قالت الكتلة في بيان، إنها لا تعارض جلسة المفاوضات، انطلاقا من دعم منصة بيروت للقرارات الدولية بشأن الحوار السوري وبغض النظر عن عدم دعوتها للجلسة.

وتابعت الكتلة: "مع ذلك فلن نرسل أي مقترحات أو توصيات لهذه الجلسة لقناعتنا أن هذه الجلسة لن يتم فيها شيء ولن يخرج عنها شيء يمكن أن يؤثر في أي شيء نظرا لافتقارها لأدنى مقومات النجاح".

ولم تتلق منصة حميميم الدعوة إلى جنيف أيضا. ونقلت صحيفة "الوطن" السورية عن أمين عام "الجبهة الديمقراطية السورية" وعضو "منصة حميميم" محمود مرعي قوله: "حتى لو تلقينا الدعوة فلن نذهب لأنه لا يوجد تكافؤ ولا تساو بين المنصات".

وتجدر الإشارة إلى أن ميس كريدي، نائب أمين عام هيئة العمل الوطني الديمقراطي، والتي تتحدث عادة باسم "منصة حميميم"، قد أكدت استعداد المنصة لحوار مباشر مع دمشق، مصرة على مشاركة الأكراد في مفاوضات جنيف. ويعود تشكيل المنصة إلى لقاء استضافته قاعدة حميميم في مارس/آذار عام 2016، وشارك فيه ممثلون عن تيار "من أجل سوريا الديمقراطية"، وزعيم حزب "المؤتمر الوطني"، إضافة إلى شخصيات دينية، وممثلون عن فصائل المعارضة السورية المسلحة ومستقلون وتطلق المنصة على نفسها "معارضة الداخل". وأكد "بيان حميميم" أن الطريق الأساسي للحل السياسي في سوريا هو دستور جديد يحقق الديمقراطية والاستقلالية لسوريا العلمانية مع المحافظة على حقوق كافة المواطنين بغض النظر عن الخلفيات الدينية والإثنية.

أما القوة المستبعدة الأبرز، فهي حزب الاتحاد الديمقراطي لأكراد سوريا. مازال الحزب خارج المفاوضات السياسية منذ انطلاقها، على الرغم من علاقات جيدة تربط زعيمه صالح مسلم مع موسكو. ومن اللافت أن أعضاء من قيادة الحزب وممثلين عن الأكراد في دول الشرق الأوسط الأخرى، شاركوا في مؤتمر عقد في موسكو في مطلع الشهر الجاري، ويواصلون مشاوراتهم الدورية مع موسكو، التي تؤكد بدورها ضرورة إشراك الأكراد في المفاوضات في المراحل المقبلة. ويكمن الموقف الرئيسي لحزب الاتحاد الديمقراطي في ضرورة اعتماد النظام الفدرالي لإعادة تكامل المناطق السورية والحفاظ على الدولة موحدة.

وفد الحكومة السورية

يترأس وفد الحكومة السورية إلى جنيف مجددا مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، الذي سبق له أن قاد وفد دمشق في الجولتين الأولى والثانية من مفاوضات أستانا.

وكشفت صحيفة "الوطن" أن الوفد يضم 11 عضواً، فإضافة إلى الجعفري، يضم الوفد مستشار وزير الخارجية والمغتربين أحمد عرنوس، والسفير السوري بجنيف حسام الدين آلا، وعضوي مجلس الشعب أحمد الكزبري وعمر أوسي، وكذلك أمجد عيسى وأمل يازجي وجميلة شربجي وحيدر علي أحمد وأسامة علي، والعقيد سامر بريدي.

وسبق للجعفري أن هاجم وفد المعارضة المسلحة الذي شارك في مفاوضات أستانا، واصفا إياه بـ"وفد المجموعات الإرهابية"، واتهم رئيسه محمد علوش بالتصرف بشكل استفزازي وغير مهني على الإطلاق. ومن المستبعد أن يغير الجعفري موقفه هذا في جنيف. وعلى هذه الخلفية تشكك كافة الأطراف في إمكانية إطلاق حوار مباشر في جنيف.

موقف الأمم المتحدة

قبل انطلاق مفاوضات جنيف، تخلت الأمم المتحدة، فجأة عن استخدام عبارة "الانتقال السياسي" في إشارة إلى الموضوع الرئيسي لمفاوضات جنيف.

وتؤكد الأمم المتحدة باقتضاب أن " المفاوضات تسترشد تماما بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يتحدث بشكل محدد عن أسلوب الحكم ودستور جديد وانتخابات في سوريا" .

وكان دي ميستورا قد لوح بتخفيض سقف التوقعات بشان نتائج المفاوضات على خلفية عدم تبلور موقف أمريكي متكامل من القضية السورية حتى الآن منذ تسلم الإدارة لجديدة مقالد السلطة.

وقال دي ميستورا خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن إن عدم وضوح الموقف الأمريكي جعل حل القضايا الشائكة في الصراع الممتد منذ ستة أعوام أكثر صعوبة من جهود الوساطة التي أجراها بشأن العراق وأفغانستان في السابق.

المصدر: وكالات

أوكسانا شفانديوك

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا