مباشر

ماذا وراء التصعيد الأخير بين دمشق و"قسد" وما علاقة زيارة الوفد التركي باشتعال المعارك؟

تابعوا RT على
تبادلت دمشق و"قسد" الاتهامات بالمسؤولية عن إشعال الاشتباكات الأخيرة بينهما في حلب.

ففي الوقت الذي اتهمت فيه دمشق قوى الأمن الداخلي التابعة لـ"قسد" بالانسحاب من الحواجز المشتركة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية تمهيداً لإطلاق الرصاصة الأولى، ربطت مصادر مقربة من "قسد" ما بين  تفجير الوضع الأمني في الحيين الكرديين بحلب وزيارة الوفد العسكري والأمني التركي إلى دمشق والذي ضم كلا من وزيري الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات.

وزادت "قسد" من جرعة الإتهامات لتركيا بتأجيج الوضع من خلال تركيزها على المؤتمر الصحفي المشترك بين وزيري خارجية كل من تركيا وسوريا والذي اتفق على تحميل "قسد" مسؤولية تعطيل إتفاق 10 مارس الماضي وتوعدها بأن الأمور لن تبقى على حالها فيما ذهب وزير الخارجية التركي لاتهامها صراحة بالاستناد إلى دعم إسرائيلي صريح فيما يتعلق بتموضعها السياسي والعسكري ومماطلتها بشأن الإتفاق الأمر الذي يشي بأن رساىل متبادلة بين تركيا وإسرائيل يتم تمريرها بالنار وبقيت الأراضي السورية مسرحاً لها كما جرت العادة.

"قسد" افتعلت الأزمة

رفض الداعية الإسلامي حذيفة الضاهر تحميل الحكومة السورية مسؤولية الاشتباكات التي حصلت ما بين قوات وزارة الدفاع والقوات التابعة لـ"قسد" في حيي الأشرفية والشيخ مقصود لافتاً إلى أن دمشق لو أرادت تسخين الجبهات كانت ستعمد إلى الاشتباك على خطوط التماس الطويلة مع "قوات سوريا الديمقراطية" ولن تجد ضالتها السياسية والعسكرية في افتعال أزمة بحيين مدنيين يقطنهما أكراد حتى لو تواجد فيهما مسلخون تابعون لـ"قسد".

وفي حديثه لـRT رفض الضاهر كذلك مساعي "قسد" لربط التصعيد بزيارة وفد سياسي وأمني تركي كبير إلى دمشق مشيراً إلى أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان شدّد خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره السوري أسعد الشيباني على ضرورة أن تندمج "قسد" بسلام مع مؤسسات الدولة في حين أن المؤتمر الصحفي اتسم بالنبرة الهادئة ودعا للسلام بين الجانبين وتحدث فيه فيدان عن الحوار والتصالح فيما أشار الشيباني إلى الحلول الدبلوماسية وتسلمه مقترحاً من "قسد" تجري مناقشته حالياً لكن "قوات سوريا الديمقراطية" اختارت وفق الضاهر التصعيد في حي مدني وإشعال المعركة بدلا من الرد بطرح سياسي على طروحات دمشق السياسية مشيراً إلى أن أسلوب دمشق واضح في انتهاج الحوار وتبادل المقترحات لكنه شكك بأن يكون صبرها بلا حدود إزاء مماطلة "قسد" في تنفيذ اتفاق 10 مارس الذي شارفت مهلته على الانتهاء.

ورفض الداعية الإسلامي بشدة تلميحات "قسد" إلى وجود فصائل تتبع لوزارة الدفاع السورية لكنها تتصرف بأوامر تركية مثل الجيش الوطني، وقامت بافتعال الاشتباك نزولاً عند رغبة الأتراك لافتاً إلى عدم وجود  قوى غير منضوية تحت وزارة الدفاع بعدما تم حل الفصائل وكافة القوى المسلحة الأخرى. بينما قامت القوات الكردية وفق الضاهر بالانسحاب بشكل مريب من الحواجز المشتركة من أجل تلغيم الموقف. الأمر الذي يرد تهمة تشظي القرار في مؤسسة الدفاع السورية إلى ملعب "قسد" نفسها بعد طرح التساؤل الملح حول وجود جهة ثانية لاتخاذ القرار داخلها.

في الوقت الذي لا يمكنها فيه أن تنكر أن حيي الأشرفية والشيخ مقصود ينتميان إليها سياسياً وإدارياً وعسكرياً. وهو ما يجعلها حريصة على إقرار اللامركزية الإدارية من أجل المحافظة على بنيتها القائمة حاليا.

وذكّر الضاهر "قسد" بما قاله المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم باراك منذ أيام حين أكد على أنه  لا فيدرالية في سوريا التي يجب أن تكون أمام جيش واحد وحكومة واحدة وشعب واحد مشيراً إلى أن "قسد" لم تستثمر الإمكانيات الاقتصادية الهائلة الموجودة تحت تصرفها في مجال إنشاء البنى التحتية وطالبت بأن تكون لها حصة من النفط ومن السلطة وإنما دفعت باتجاه العسكرة وإقصاء المكوّن العربي عن سلطتها رغم مزاعمها بانتهاج الديمقراطية كمسار علني.

"قسد" ترفض رواية الحكومة

المفكر السوري الكوردي وليد طاووز أشار إلى أن "قوات سوريا الديمقراطية" سبق وأن خرجت من حي الشيخ مقصود وفق إتفاق 10 مارس محملا الجيش الوطني، الذي وصفه بأنه عبارة عن مقاتلين موالين لتركيا ومنضوين تحت وزارة الدفاع مسؤولية، مسؤولية اندلاع الاشتباكات التي أسفرت عن ضحايا مدنيين وإصابات في صفوف قوات "الأسايش".

وفي حديثه لـRT ركز طاووز على مشهد الدبابة الحكومية بالصوت والصورة وهي تقصف المدنيين في حيي الأشرفية والشيخ مقصود كما يقول مشيراً إلى أن أي متابع موضوعي لا يمكنه الفصل بين الاشتباكات التي حصلت وزيارة وزيري الخارجية والدفاع التركيين ورئيس الاستخبارات إلى سوريا  حيث جرى فجأة استهداف حواجز مشتركة ما بين قوات الأمن الداخلي في الشيخ مقصود والأشرفية وقوات تابعة لوزارتي الداخلية والدفاع مشيراً إلى أن تركيا تبدو وكأنها الآمر الناهي في سوريا.

وشدد المفكر الكردي على أن "قسد" كانت تنظر بإيجابية إلى مناخ التفاوض مع دمشق قبل أن يزورها الوفد التركي حيث وصلت ورقة من وزارة الدفاع إلى "قوات سوريا الديمقراطية" تضمنت بنودا سياسية  ردت "قسد" عليها  بالرغبة في الحصول على ثلاث فرق للقوات العسكرية ولوائين لقوات الأمن الداخلي في مناطق شرق الفرات والتأكيد على الحصول على نسبة 30% من هيئة الأركان ومناقشة موضوع اللامركزية الإدارية وحقول النفط وموضوع المعابر على أن تبحث هذه الأمور مع الجهات السياسية والإدارية المنبثقة من الإدارة الذاتية، كما أصرّت "قسد" على تضمين موضوع حقوق الأكراد في الدستور السوري.

واستنكر المفكر الكوردي إعلان شيخ عشيرة سوري عن وجود نصف مليون مقاتل لديه مستعدون للقتال في شرق الفرات مشيراً إلى أن هذا مؤشر خطير على استعداد الحكومة لتكرار التجارب المروعة التي حصلت في الساحل والسويداء.

وحول مصير إتفاق 10 مارس، أكد طاووز أنه لا يزال قائماً والمشاورات بشأنه مستمرة مع تقديم كل طرف ما لديه من أوراق.

فيدان يستحضر دور إسرائيل

المحلل السياسي السوري ابراهيم العلي أشار إلى أن المسؤولين الأتراك مؤخراً واظبوا على استحضار دور لإسرائيل في سياق ما وصفوه بالتعنت الذي تقوم به "قسد" والمماطلة بالاندماج ضمن مؤسسات الدولة السورية.

وفي حديثه لـRT شدّد العلي على أن وزير الخارجية التركي ألمح في مؤتمره الصحفي بدمشق إلى أن إسرائيل قد دخلت إلى المنطقة الحمراء المتعلقة بأمن تركيا القومي حين بدأت مؤخراً بدعم الأكراد في شمال شرق سوريا، ودفعهم للتشدد إزاء الإندماج ضمن البنية الوطنية السورية الأمر الذي يزيد من احتمالية قيام تركيا بالرد على ذلك من خلال الإيعاز إلى فصاىلها في سوريا بذلك مثل "أبو عمشة" المعاقب بريطانيا وفرقة "السلطان مراد" الذي قامت أنقرة بتعيين قائدها معاونا لوزير الدفاع في المنطقة الشمالية المحاذية لحدودها مشيراً إلى أن هؤلاء يعملون تحت الآمرة التركية مع قوات "الجيش الوطني"  الذي يتلقى أوامره من المخابرات التركية.

وختم العلي حديثه لموقعنا بالإشارة إلى أن ما حصل من اشتباكات في حيي الأشرفية والشيخ مقصود قد بكون رسالة نارية تركية إلى "قسد" بالتوقف عن إفساح المجال أمام إسرائيل للتغلغل في الحديقة الخلفية لأنقرة وإلا فإن العواقب ستكون كبيرة وما جرى في الأشرفية والشيخ مقصود عبارة عن كرة نار قد تكبر أكثر من ذلك بكثير ما لم تراجع "قسد" حساباتها.

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا