وعلى الرغم من أن مظاهر الهدم والدمار وأصوات الانفجارات أصبحت أمرا معتادا بالنسبة للسوريين، إلا أن مشهد هدم المحال على الأوتوستراد الممتد إلى الجزء الجنوبي لدمشق قبل نحو 4 أيام. لم يكن عاديا فقد بدا المكان وكأن انفجارا عصف به.
علا في المكان صوت رجل كهل: "لا تهدوا مشان الله من وين بدي عيش..." كان هذا أحد المنتفعين من أحد أكشاك السومرية في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السوريون زمن الحرب، التي أودت بنجليه حسب قوله. لكن صوت الجرافات كتم صراخه، وأصوات آخرين طالبوا الحكومة أن ترأف لوضعهم المعيشي.
مسحت حكومة تسيير الأعمال في الدولة السورية محلات السومرية التي تقع بجانب المساكن العسكرية مقابل مطار المزة العسكري الذي كان شاهدا حيا على وجودية المكان وتمدده.
هي محلات صنعها بعض العسكريين من ذوي الدخل المحدود في ثمانينيات القرن الماضي وبدأت بالازدياد نتيجة سوء الأحوال المادية لأفرادها التي وجدوا فيها ما يسد حاجاتهم. محال بنيت من ألواح الصفيح المعالج ببعض القوالب الاسمنتية اختص مالكوها ببيع الدخان والكحول والتبغ وبعض المواد الغذائية، إضافة إلى نشاط بيع المحروقات خلال فترة الحرب.
جغرافية المكان لعبت دورا كبيرا في توسعه فهي مركز انطلاق للمناطق التي تقع في ريف دمشق الجنوبي من معضمية وجديدة قطنا وحينة وسعسع وكناكر.. وغيرها من المناطق التي جعلت من المكان محطة تجارية هامة في عقدة ربطت مدينة دمشق بريفها الجنوبي.
هدم هذه المحال دفع بعض مالكيها لانتقاد الحكومة الجديدة، على اختيارها التوقيت "غير المناسب" لهذا الإجراء، فيما ذهب آخرون لحد اتهامها بممارسة انتقامية وطائفية ضد مالكيها لكونهم منخرطين في منظومة الجيش التابعة للنظام السابق، وكون هذا المكان تابعا في ملكيته لمكتب الفرقة الرابعة التي كان يترأسها قائد الحرس الجمهوري ماهر الأسد في النظام السابق، حسبما ما يروج البعض.
فئة أخرى من متابعي مشاهد الهدم رأت أن العملية سببها بيع المنكر من كحول وتبغ، و"هو ما يتنافى مع توجهات الحكومة الجديدة التي تحاول تطبيق التعاليم الاسلامية بطريقتها"، وهذا التفسير يتماشى في جزء منه مع تبرير حكومة تسيير الأعمال التي اعتبرت عملية الهدم شرعية، "كون هذه المحلات أملاك دولة سابقة جرى الاستيلاء عليها من قبل بعض المتنفذين لتكون مكانا لبيع الممنوعات من المخدرات والأسلحة".
في خضم هذه الأجواء تساءل البعض: هل يحق لحكومة تسيير الأعمال "إصدار قرارات مصيرية بظل الأزمة التي تعصف بسورية والفراغ الحكومي الذي تعيشه الآن"، خاصة أن الدستور السوري يؤكد أن حكومة تسيير الأعمال مؤقتة في عملها ولا يتعدى تسيير وتيسير شؤون المواطنين لحين تكليف حكومة جديدة فلماذا الهدم الآن؟
وقد سأل أحد النشطاء على منصة "إكس": "بما أنه أقاموا الصلاة الظهر جماعة بالجامعات السورية مبارح … يا ترى هل يُسمح للأصدقاء المسيحيين بإقامة قداس يوم الأحد بهي الساحات كمان ؟؟؟".
ليرد آخر عليه قائلا: "أنا شخصيا ًلست مع الصلاة في الجامعة إلا في الغرف المخصصة للصلاة داخل أبنية الجامعة وهذا حق للطالب أن يمارس الحق في الصلاة والصلاة في المساجد فقط باستثناء حالات emergency بمعنى أن تكون مظاهرات والعدد كبير والخ... يجب أن نتعود على عمل المؤسسات وعدم الخلط وهذا لا يعتبر هجوما على المتدينين وإنما احتراما للمتدينين ولغيرهم.. الحقيقة تكمن بأن نفصل ونحترم التعددية والتعايش السلمي وأن لا تعم الفوضى.. الجامعات ليست مخصصة لخطب الجمعة ولا لقداس الكنائس ولا شيء آخر إلا في الغرف المخصصة لها في أبنية الجامع. تكفل الدولة حقك في ممارسة طقوسك وعبادتك ولكن في الأماكن المخصصة لها".
وقال آخر: "اذا كان هناك مسجد أكيد الأولى الصلاة في المسجد وكان هناك مسجد في جامعة دمشق وتنام فيه حتى صلاة الجمعة. لكن لعدم وجود الجوامع أقام الطلاب صلاتهم في الطريق وأعتقد هذا مبدئيا وليس دائما".
المصدر: RT