وقال صباحي، وهو أيضا مؤسس التيار الشعبي المصري والحزب الناصري، في مقابلة عبر برنامج "قصارى القول" على قناة RT العربية أن "وقف العدوان الصهيوني على شعبنا في غزة هو مطلب جاد تتبناه مصر شعباً ودولة لكننا دائماً في الحركة الشعبية العربية والمصرية نؤمن بأن المطلوب من مصر ما هو أهم وأكثر فاعلية وكفاءة في إغاثة أهلنا في غزة".
وتعليقا على تصريح وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي بضرورة وقف النار في غزة، قال صباحي "لا نعتقد أنها وحدها كافية لردع هذا العدو أو لجمِه".
التغيير الوزاري في مصر
وحول الحكومة الجديدة في مصر، اكد صباحي أن "تغيير الحكومة لا يبدو أنه متغير هام ليلقى ما يستحقه من اهتمام الشعب المصري. لأن مصر بحاجة إلى تغيير جاد في السياسات قبل تغيير الأشخاص.. في الحكومة الجديدة تم تكليف رئيس الوزراء نفسه الذي خلال فترة ولايته، تزايد الشعور الشعبي بعدم الرضا عنه خاصة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتعثرة والغلاء الشديد الذي يؤثر على الأغلبية الساحقة من المصريين بجميع طبقاتهم. لذا، أعتقد أن تغيير هذه الحكومة سيكون محل اختبار: هل ستتمكن من تحقيق شيء يعيد الثقة أم لا؟".
وحول سؤال بشأن انخفاض عدد الوزراء من ذوي الخلفية العسكرية، قال صباحي "أعتقد أن هذا تطور إيجابي نرحب به ونطالب بالمزيد. نحن نعتقد أن جيشنا يجب أن يلعب دوره الدستوري كحام للوطن وحافظ لأمنه، وليس أن يكون منهكا بأعباء إدارة العمل.. مصر غنية بالكفاءات التي يمكن أن تدير هذا البلد في كل وزاراته ومؤسساته بكفاءة، بينما يتفرغ الجيش المصري لواجبه الذي نجله في قيامه به، وهو حماية الأمن القومي لمصر والعربي".
وزير الدفاع الجديد
وحول تغيير وزير الدفاع في مصر قال صباحي، "الجيش المصري هو مؤسسة انضباطية وتحكمها قواعد، وجزء منها ليس بالضرورة شفافاً أمام الرأي العام. لهذا، فإن الإجابة على سؤال حضرتك غالباً ستكون نوعاً من الاستنتاج غير الموثق. وأنا أفضل عدم الخوض في استنتاجات، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمؤسسة نحاول جميعاً أن نحفظ لها مكانتها بعيداً عن القيل والقال. تغيير الوزير هو أمر يعود للمؤسسة العسكرية وقد تم وفق القواعد التي تنظم هذا الأمر داخل مؤسسة الجيش المصري".
وتابع "بطبيعة الحال، كما تعلمون، أن وزير الدفاع يعتبر القائد الأعلى للقوات المسلحة، مما يجعل هذا المنصب ذا أهمية وحساسية كبيرتين. أنظار الأمة العربية تتجه دائمًا نحو مصر في المعارك الكبرى".
الضجة حول وزير التربية والتعليم
وحول الضجة بشأن شهادة وزير التربية والتعليم، محمد عبداللطيف. قال صباحي " هل من المعقول أن الدولة المصرية، دولة المؤسسات العميقة، لم تتحقق من صحة ودقة حصول الرجل على هذه الشهادة؟ بغض النظر عن دقة المعلومات حول هذا الوزير، سواء كانت شهاداته أصلية أم زائفة ومزورة، لا يليق بمصر أن يكون وزير التربية والتعليم فيها في مثل الحالة التي يتحدث عنها الآن الآباء والأمهات وحتى تلاميذ المدارس، وذلك للحفاظ على الهيبة والاحترام".
وقال " ادعو أن تحجب الثقة عن هذا الوزير. وإذا لم يتصدَّ البرلمان لهذا الدور، فأنا أدعو السيد رئيس الجمهورية احترامًا لقيمة السلطة إن كنا نريد أن نبقي لها الحد الأدنى من الاحترام. هذا الرجل من المفروض يجمع أوراقه ويرحل؛ لا ينفع أن يستمر وزيرًا للتعليم بعد كل ما قيل عنه بغض النظر حتى عن درجة الصواب فيما ذكر بشأنه. مصر فيها عدد من خبراء التربية الكبار".
انتصار اليسار في فرنسا
وحول نجاح اليسار في فرنسا، قال صباحي أن "اليسار الفرنسي أعلن أنه سيعترف بالدولة الفلسطينية بعد أسبوعين. الحقيقة، من المشاهد التي أفرحتني كثيراً أن ميلانشون زعيم "فرنسا الأبية" الحزب الرئيسي في الجبهة الشعبية الجديدة التي فازت بالعدد الأكبر من الأصوات في الانتخابات التشريعية الفرنسية، عندما كان يلقي خطاب النصر بالأمس، كان أنصاره يلوحون بعلمين يرفرفان في فضاء باريس: علم فرنسا وعلم فلسطين".
وتابع "هذه دلالة لا بد أن نلتقطها. فوز الجبهة الشعبية هو دعم عظيم لنضال الشعب العربي الفلسطيني، وما أعلنه ميلانشون وأيضاً رئيسة هيئته البرلمانية من أنه في غضون أسبوعين علينا أن نتوقع اعتراف فرنسا بدولة فلسطين، هذا تطور هام".
وقال "نرحب به ونحييه، وأعتقد أن هذه من بركات طوفان الأقصى. ما جرى في فرنسا هو امتداد لما جرى في كثير من أنحاء العالم، إنه الدم الطاهر العظيم الذي دفعه شعب غزة في صموده الأسطوري وما أنجزته المقاومة الفلسطينية العظيمة وكل محور المقاومة الذي يساندها".
وأكد أنه "تبلور أن فلسطين الآن هي أيقونة الباحثين عن العدل في هذا العالم. نحن نتوقع تحولًا إيجابيًا لصالح القضية الفلسطينية، وبالتأكيد في العلاقات مع مصر، لأن كل اليسار الباحث عن دور محترم لفرنسا يتطلع إلى المتوسط .. ونحن كأمة عربية نشترك مع أوروبا في هذا البحر. وأظن أن ما يمكن أن يؤثر إيجابيًا على القضية الفلسطينية هو بالضرورة في صالح مصر".
صعود العمال في بريطانيا
وقال صباحي "أعتقد أن دلالة نجاح حزب العمال في بريطانيا ليست كما هي دلالة نجاح الجبهة الشعبية في فرنسا. ... الفروق الجوهرية في السياسات الخارجية بين المحافظين والعمال الحالي في بريطانيا لا أتوقع أن تنعكس إيجابًا على قضيتنا العربية المركزية، قضية فلسطين.. قبل سنوات عندما كان جيرمي كوربين زعيمًا لحزب العمال، تعرض لمؤامرة واغتيل معنويًّا وأُقصي من موقعه في زعامة حزب العمال البريطاني بتهمة معاداة السامية وتهم أخرى. والحقيقة أن ما يسعدني هو أن جيرمي كوربين فاز بمقعد في البرلمان البريطاني في هذه الانتخابات كمستقل، وهو من الأنصار الذين يتمتعون بالصلابة والموقف المبدئي الذي نحييه عليه".
الرئيس الايراني الجديد
وحول فوز بزشكيان برئاسة إيران والخوف من تغيير في السياسات والمخاوف العربية الخليجية من دور إيران في المنطقة. قال صباحي "أعتقد أن المخاوف العربية وهي متوارثة، جزء منها له أسباب حقيقية وجزء منها هي مخاوف تثيرها عن عمد الدوائر الأمريكية والصهيونية، لأنها جوهر المشروع الصهيوني الأمريكي لمنطقتنا وقلبها الوطن العربي. لكن حاولوا تزييف وعي الشعوب بحيث لإحلال صراع مفتعل عربي إيراني محل الصراع الأصيل الحقيقي الذي هو الصراع العربي الصهيوني".
وتابع "المخاوف من إيران واستعداؤها يخدم مصلحة إسرائيل. فعندما نقول "تعالوا نحارب إيران"، نحن في الحقيقة نعني "تعالوا نسالم ونتذلل" للعدو الحقيقي، وهو الكيان الصهيوني الذي يقتلنا في غزة ويعذبنا منذ 75 سنة في كل فلسطين.. أن أضع إيران في مكانه هو أمر غير منطقي".
وقال "أعتقد أن هناك تياراً واسعاً يدرك أن الأمة العربية يجب أن يكون لها مشروع مستقبلي لنهضتها واستقلالها وضمان أمنها وصون كرامتها. ولكي ينجح هذا المشروع، يجب أن تكون هناك علاقات تعاون وتفاهم وتكامل مع إيران وتركيا، لأن العرب وإيران وتركيا يشكلون هذا المثلث الحيوي في قلب هذه المنطقة الحضارية، وهي وسط العالم وصانعة أهم التغيرات الجيوسياسية.. تهدئة المخاوف بين إيران وأي عربي، وخاصة إخوتنا في الخليج، أمر ضروري. والحقيقة أن الرئيس إبراهيم رئيسي قبل رحيله خطى خطوات إيجابية ينبغي أن نشيد بها وأن يُبنى عليها. وأعتقد أن ما تم من توافق إيراني سعودي برعاية صينية والانفتاح أيضاً والتوافق بين هذه الأطراف هو تطور إيجابي يستحق الدعم الإيراني مع الإمارات ومع البحرين في مساحة معتبرة. نرغب في البناء عليها، وأمُل أن نجاح مسعود بزرشكيان، ممثل التيار الإصلاحي في إيران، دلالة على أن هذه الجمهورية ما زالت قادرة على إدارة انتخابات نزيهة، وإن كانت محكومة بقواعد الدستور في إيران".
وقال "أدعو الرئيس مسعود لمواصلة خط الرئيس إبراهيم رئيسي في تدعيم التعاون وصيانة الاتفاق مع السعودية، وتوسيع أطر التعاون والتفاهم، ونزع ألغام الخلافات مع الأمة العربية بكل دولها. كما يجب مواصلة دعم فلسطين كقضية والمقاومة باعتبارها الممثل الشرعي الحالي لهذه القضية الفلسطينية.. بل وأكدت للأمة العربية تطلعاتي بأن إيران، في ظل قيادة إصلاحية، ستخفف كثيراً من المخاوف وستنفتح أكثر على الأمة العربية بكل دولها، وخصوصًا في الخليج. ستواصل دعمها الذي يستحق التحية للمقاومة وقواها ومحورها، وبالأخص المقاومة في غزة".
العلاقة مع حزب الله
وقال صباحي "نحن نعتقد أن كل من يقاوم في أي بقعة من الوطن العربي يعبر عن هذا النهج. وأن الراية التي رفعها جمال عبد الناصر يرفعها كل مقاوم، بما في ذلك حزب الله وحماس والجهاد. كل الذين يوجهون البندقية العربية إلى صدور مغتصبي أرضنا، العدو الصهيوني، هم على خط جمال عبد الناصر ونحن معهم".
وأوضح "لقد تشرفت بلقاء جميع قادة المقاومة، بمن فيهم السيد حسن نصر الله، وسنواصل السير على هذا النهج. هذا النهج يدعم الأمن القومي لمصر. تعزيز العلاقات مع كل من يقف ضد إسرائيل هو خدمة لأمن مصر، لأن من يدافع عن أمن مصر الآن هم شعب غزة والمقاومة هناك. ما يضر مصر هو العدو الصهيوني، وهو إسرائيل ومخططاتها والمتعاونون معها".
التطبيع مع إسرائيل
وقال صباحي "على مدى هذه السنوات الطويلة لم تتمكن إسرائيل من الدخول ليس إلى قلب مصري وإنما حتى إلى حياته اليومية.. إذا استمر الوضع لعشرات السنين، سيعجز أي سفير أو أي صهيوني عن التأثير في مصر. قلب مصر مليء بفلسطين؛ فلسطين هي قلب مصر، هي وعي مصر، هي ضمير مصر، وكل بيت مصري يحمل فلسطين في قلبه".
وتابع "في أي قرية في الصعيد أو في الدلتا، هناك شهيد في معاركنا العظيمة في مواجهة هذا العدو الصهيوني. ما حدث فيما يسمى باتفاق السلام هو سلام بائس، كان هدنة بين الحاكم في مصر ولم يكن اتفاقاً من الشعب المصري. نحن الآن نعيش عدة عقود من الزمن".
وأكد "التطبيع في مصر فاشل، كما شهد سفير الكيان الصهيوني، فهو نقطة تجري على حجر أصم لا تستطيع اختراقه. مصر هي قائدة أمتها العربية، حتى وإن كانت كامب ديفيد قد كبلتها عن أداء هذا الدور. لم تجنِ مصر من كامب ديفيد سوى تراجع القيمة، وانهيار المكانة، وتراجع الدور، وزيادة الأزمات الاقتصادية في الداخل، والتعثر، وضيق المجال العام، والتضييق على الآراء".
وتابع "لأن كامب ديفيد لم تكن مجرد إخراج لمصر من الصراع مع العدو الصهيوني، بل كانت إخراجاً لمصر من نفسها، من قيمها الكبرى، من دورها، ومن مكانتها في أمتها العربية وفي العالم. كامب ديفيد كانت خسائر صافية لمصر العظيمة، ومكسباً صافياً للعدو الصهيوني. وأنا من الذين طلبوا وأطلب وسأظل أطلب أن نتخلص من هذا القيد الذي قيّد أقدامَ وأيديَ، وأحياناً إرادةَ مصر؛ لكنه لم يقيّد قلبها ولا عقلها أبداً. كامب ديفيد إلى زوال، ومصر بالتأكيد قادرة على ذلك".
وقال "بالتأكيد، مصر تستطيع إذا أرادت. هذه هي مصر. وإذا كانت غزة وحدها، هذه الأبية العظيمة، قادرة على أن تُلحِق هزيمة مزلزلة في 7 أكتوبر بالكيان الصهيوني وتصمد بشجاعة مرفوعة الرأس لمدة عشرة أشهر حتى الآن، فإن مصر أقدر على أن تزيل هذا الكيان عندما تقول "الله أكبر" وتسترد نفسها".
المصدر: RT