فكرة مطار غزة الدولي برزت في عام 1990 مع انطلاق عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وتم الاتفاق عليه بين الجانبين في أعقاب إبرام أوسلو 1 في عام 1993، فيما وضع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حجر أساسه في 20 يناير عام 1996.
ارتفع المطار في محافظة رفح على الحدود الفلسطينية المصرية، وضم مدرج هبوط وإقلاع واحد بلغ طوله 3080 مترا، وكان قادرا على استقبال أحدث طائرات الركاب، علاوة على أقسام رئيسة بما في ذلك محطات المغادرة والوصول والمباني الإدارية والمستودعات ومرافق البنية التحتية الأخرى.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحدثت في 21 نوفمبر 2023 عن "مطار الدهنية" كما تسميه إسرائيل، أو مطار غزة الدولي ولاحقا مطار ياسر عرفات، كما يسميه الفلسطينيون قائلة: "كان 24 نوفمبر 1998 يوما يجب تذكره في قطاع غزة. تجمع آلاف الفلسطينيين عند الطرف الجنوبي الغربي، على الحدود المصرية، مقابل معبر كرم أبو سالم، وشاهدوا في رهبة طائرات ركاب كبيرة من المغرب ومصر والأردن تهبط هناك. كانت المناسبة حفل الافتتاح التاريخي لمطار الدهنية الدولي الذي تم الاتفاق على بنائه في إطار اتفاقيات أوسلو".
الصحيفة الإسرائيلية تسرد أن "طائرة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون ولأول مرة في التاريخ هبطت بعد شهر في قطاع غزة (ديمسبر 1998)، وقام مع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات بقطع الشريط وافتتح المطار رسميا".
"هآرتس" لفتت إلى "التصميم المغربي وحوالي 100 مليون دولار من التمويل الدولي، افتتح المطار بمدرجه الوحيد للطيران التجاري. وكان ميناء غزة أيضا على جدول الأعمال، ولكن ذلك لم يتحقق أبدا".
الجدير بالذكر أن الفلسطينيين لم يمنحوا "السيطرة الكاملة على المطار. كان حراس الأمن الإسرائيليون مسؤولين عن الفحوصات الأمنية، بما في ذلك مراقبة الجوازات وفحص الأمتعة، وكان على إسرائيل الموافقة على قوائم الركاب مسبقا، وتم حظر الرحلات الجوية من الدول المعادية إلى المطار الجديد. لكن بالنسبة للعديد من سكان غزة الذين تزاحموا في المطار في يوم الاحتفال، كانت تلك خطوة أخرى على طريق الاستقلال الفلسطيني. هبطت الطائرة الأولى وهي طائرة مصرية، في المطار الجديد في الوقت المحدد بالضبط، في الساعة 8:30".
في فترة وجيزة لم تتعد العامين من عمر المطار "مر حوالي 100.000 فلسطيني عبر المطار في السنة الأولى بعد افتتاحه. سافروا على ثلاث طائرات تابعة لشركة الطيران الوطنية الفلسطينية ولاحقا أيضا رحلات تديرها مصر للطيران والملكية الأردنية والخطوط الجوية الملكية المغربية. في مارس 1999، أطلقت الخطوط الجوية الفلسطينية أيضا رحلات لنقل الحجيج من غزة إلى مكة لأول مرة".
مطار غزة الدولي الذي افتتح في نوفمبر عام 1998، لم يكن الأول من نوعه في القطاع. البريطانيون كانوا بنوا أول مطار في غزة في عام 1941 في معرض استعدادهم لصدام لا مفر منه مع الألمان في شمال إفريقيا.
عبر ذلك المطار العسكري، وكان يبعد 15 كيلو مترا عن المطار الجديد الذي لم يدم طويلا، نقل البريطانيون عامي 1942 - 1943 الذخائر والتموين إلى الوحدات العسكرية المتمركزة في الصحراء الغربية.
في أعقاب الحرب العالمية الثانية، نفذت عدة رحلات شحن على قبرص ولندن انطلاقا من مطار غزة، إلى أن رحل البريطانيون عن فلسطين في عام 1948، فتوقف المطار عن الوجود وغطته الرمال.
أرييل شارون وكان حينها يتزعم المعارضة الإسرائيلية، غير مسار التاريخ كما يقولون واقتحم بحماية المئات من الجنود الإسرائيليين المسجد الأقصى في 27 سبتمبر عام 2000، فاندلعت انتفاضة الأقصى، أو الانتفاضة الفلسطينية الثانية وتفجر العنف بصورة خطيرة.
صحيفة "هآرتس" تحدثت عن هذا الأمر باختصار قائلة: "مع ذلك، لم يدم الجسر الجوي لقطاع غزة مع العالم طويلا. بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000، أغلقت إسرائيل المطار، وبعد عام دمرت جرافات جيش الدفاع الإسرائيلي المدرج".
مطار ياسر عرفات في غزة تبدد مثل سحابة صيف وبـ "نهاية الانتفاضة وبعد فك إسرائيل الارتباط بقطاع غزة في عام 2005، اتفقت تل أبيب والسلطة الوطنية الفلسطينية، تحت قيادة رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون والرئيس محمود عباس، على إجراء مناقشات حول إعادة افتتاح المطار".
وصلت حركة حماس إلى السلطة وسيطرت على قطاع غزة، وانتهت فكرة إعادة بناء المطار، كنا تقول الصحيفة الإسرائيلية ذاتها، وتم نهب ما تبقى من المطار وفكك تماما وأعيد استعمال مواده، وتلاشى الحلم.
المصدر: RT