حرب 6 أكتوبر أو "حرب يوم الغفران"، هي أكبر مواجهة حقيقية عسكرية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بدأها الجيشان المصري والسوري بقوة وخططا لها بإحكام، وشاركت بها مفارز قتالية من العراقيين والأردنيين والليبيين ومغاربة وجزائريين، علاوة على مشاركة عدد من الطيارين الباكستانيين.
اخترق المصريون والسوريون في تلك الحرب المفاجئة الدفاعات الإسرائيلية، ونجحوا في الأيام الأولى في تحرير مناطق محتلة في سيناء وهضبة الجولان، ووجدت إسرائيل نفسها لاول مرة في مأزق كبير.
لم تتوقع القيادة الإسرائيلية الهجوم العربي المتزامن على الجبهتين على الرغم من أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية كانت على علم بعمليات إعادة الانتشار للقوات المصرية والسورية، علاوة على تلقيها تحذيرات من هجوم محتمل أكثر من مرة.
أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أخطأت في تقديراتها ولم تنجح في معرفة ما يدور على الجبهتين بسبب المنافسة بين جهازي الموساد والاستخبارات العسكرية، وبينهما والقيادة السياسية أيضا التي استهانت بقدرة العرب على المبادرة، ناهيك عن إمكانية اقتحام الخطوط الدفاعية الإسرائيلية التي اعتقد أنها عصية تماما.
في الأيام الأولى من "حرب يوم الغفران"، حقق الجيش المصري نجاحات كبرى مفاجئة، ونجح بسهولة في اختراق التحصينات الإسرائيلية على خط بارليف، كما تقدم الجيش السوري في هضبة الجولان المحتلة، ما خلق وضعا خطيرا للإسرائيليين إلى درجة أن تقارير ذكرت أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير، "كانت على استعداد للأمر باستخدام أسلحة الدمار الشامل المتاحة لجيش الدفاع الإسرائيلي".
رواية أخرى تطرقت للمأزق الإسرائيلي حينها بالقول إن الهزائم الإسرائيلية الأولية في ساحة المعركة بلغت درجة خطورتها أن رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير أمرت في 9 أكتوبر بوضع الطائرات الإسرائيلية والصواريخ المحملة بأسلحة نووية في حالة تأهب، وأن الأمريكيين حين اكتشفوا هذا الأمر سارعوا إلى تلافي مثل هذا التطور الخطير ببناء جسر جوي ونقل كميات هائلة من الأسلحة التقليدية إلى الجيش الإسرائيلي بما في ذلك 72 طائرة "فانتوم" و"سكاي هوك"، علاوة على 200 دبابة من طراز "باتون"، وصواريخ "تاو" ومدفعية ثقيلة.
رواية ثالثة أفادت بأن السوريين تلقوا تحذيرا بأنهم إذا عبروا الأردن فإن الجيش الإسرائيلي سينفذ ضربة نووية على العاصمة دمشق.
إسرائيل بعد أن شنت في يونيو عام 1967 حربا مفاجئة استمرت 6 أيام، وتمكنت خلالها من احتلال الضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، اعتقدت أن جيرانها لن يجرؤا على مهاجمتها وأنها منيعة وجيشها لا يقهر.
حرب 6 أكتوبر 1973، أسقطت الأساطير الإسرائيلية عن قوتها الذاتية، فما كان من وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت هنري كيسنجر إلا أن أبلغ الرئيس المصري أنور السادات بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع هزيمة إسرائيل، وأن القاهرة إذا أرادت الحصول على استثمارات أمريكية فعليها أن تتصرف بطريقة مختلفة تماما!
في تلك الأثناء توفرت الظروف المناسبة واستردت إسرائيل أنفاسها وتمكنت من القيام بهجمات مضادة أعادت خلالها السيطرة على أجزاء من المناطق المحتلة التي كانت فقدتها على الجبهتين. تدخل الكبار وتوقفت الحرب.
المصدر: RT