"على الأرجح.. لن تندلع الحرب: تقييم القيادة الإسرائيلية في اليوم السابق للمعركة والأسماء الرمزية لحاكم عربي وصور نادرة من كيبور لم يتم الكشف عنها من قبل".. هكذا كان عنوان تقرير مطول لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، شمل وثائق نادرة للغاية نشرتها إسرائيل لأول مرة في تاريخها عن حرب "يوم كيبور" التسمية العبرية لحرب السادس من أكتوبر عام 1973.
وشملت الوثائق التي نشرتها الصحيفة العبرية مراسلات مشبوهة لحاكم عربي لغولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل حينذاك يحذرها من هجوم مصري وسوري محتمل بالإضافة لأسمائه الرمزية التي كانت تستخدمها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حتى لا يتم الكشف عن هويته.
وكان تقييم رئيس الأركان الإسرائيلي قبل 18 ساعة من المعركة هو عدم قيام المصريين والسوريين بالهجوم، وتغير الاتجاه في الساعات الأخيرة واعترف وزير الدفاع موشيه ديان قائلا: "كان لدينا تقييم غير صحيح".
وقالت يديعوت أحرونوت إنه بعد 50 عاما على اندلاع حرب "يوم الغفران"، قرر أرشيف الدولة الكشف عن بروتوكولات جديدة وصور ووثائق نادرة من اللقاء بين الملك العربي وغولدا مائير تمت قبل المعركة الأصعب على تاريخ إسرائيل.
وأضافت: "قبل ساعات قليلة من بدء صيام يوم الغفران اليهودي، جرت مناقشة أمنية في مكتب رئيسة الوزراء غولدا مائير، وكان على جدول الأعمال موضوع إجلاء العائلات السوفيتية من سوريا ومصر، والتمرين العسكري الذي أجراه البلدان معا، وكان هناك شبه إجماع بين الحاضرين على أنه ليس من المتوقع أن تندلع الحرب".
وتظهر البروتوكولات والمواد التي نشرها أرشيف الدولة الإسرائيلي الخميس، أن الشك رافق رؤساء الدولة حتى بداية الصيام، وبعده أيضا، كما يصفون اللحظة التي تغير فيها التصور، واعتراف وزير الدفاع بأن التقييم استند إلى حرب الأيام الستة – حرب عام 1967 - و"كان غير صحيح".
وأوضحت الصحيفة أن جميع الملخصات والصور أصبحت منشورة الآن وموجودة في صفحة خاصة على موقع أرشيف الدولة الإسرائيلي.
وتظهر البروتوكولات السرية التي تم الكشف عنها، اعتراف رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء إيلي زايرا الذي قدم لمحة عن مصر وسوريا بالقول إن "التقييم بأن الاستنفار يعود بالأساس إلى الخوف من وجهنا، لذلك يبقى هذا التقييم، ولكن لا يمكن تجاهل المناورات الروسية مع المصريين والسوريين، وليس من الواضح بالنسبة لنا سبب قيامهم بذلك".
وكان لرئيس الأركان الإسرائيلي ديفيد إلعازار الملقب بـ"دادو" رأي مماثل أيضا، حيث قال : "ما زلت أعتقد أنهم لن يهاجموا، ليس لدينا أي دليل، من الناحية الفنية، هم قادرون على التحرك.. أعتقد أنهم إذا كانوا سيهاجمون، فسنحصل على مؤشرات أفضل".
وكشفت البروتوكولات أن من لم يكن حاضرا في تلك المناقشة هو رئيس الموساد تسفي زامير، الذي ذهب، بحسب زايرا، بشكل عاجل إلى لندن للقاء "صديقه" ويبدو أن هذا الشخص كان "أشرف مروان"، الذي كان مقرباً من الرئيس المصري أنور السادات.
وقال وزير الدفاع موشيه ديان للحاضرين في الجلسة إن الصور الجوية حددت معدات للقوات المصرية، ويبدو أن استكمال بناء الدبابات كان ناجحاً ليس بنسبة 100%، لكنه قريب منه، وعرض ديان نقل رسالة إلى الأمريكيين مفادها أن السوريين سوف يهاجمون إسرائيل.
وبعد ساعات قليلة جرت مشاورة أخرى في مكتب غولدا، وقدم الجنرال زايرا مراجعة أخرى، لكنه ظل ثابتًا في رأيه بأن الحرب لن تندلع.
وأضاف: "ما زلنا نعتقد أن من المحتمل جدًا أن يكون التأهب السوري والمصري نابعًا من الخوف منا، ومن المحتمل جدًا أن تكون النية الحقيقية للمصريين والسوريين هي القيام بأعمال عدوانية في اتجاهات محدودة".
وأكد رئيس الأركان دادو خلال كلمته: "التقييم الأساسي لـ AMN – التسمية العبرية لجهاز الاستخبارات العسكري - بأننا لا نواجه حربا هو التقييم الأكثر منطقية من وجهة نظري، ومن الممكن جدًا أن يكون التشكيل والاستعدادات التي نراها تتمتع بكل صفات التشكيل الدفاعي.. فلا داع للقلق، وهذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها مخاوف لديهم".
ومع ذلك، أشار دادو إلى أن التشكيل العسكري المصري يمكنه أيضًا التحول فورا إلى الهجوم، قائلا: "بما أنني لا أتعامل مع التفسيرات غير المنطقية فعلى أي حال فأن من خلال معلوماتنا فليس لدينا دليل على أنه ليس تشكيلًا هجوميًا. ويجب أن أقول، ليس لدينا دليل كافٍ على أنهم لا ينوون الهجوم".
وقبل نحو 18 ساعة من شن جيشي مصر وسوريا هجوما مشتركا، قال دادو" "أننا سنتلقى المزيد من المعلومات خلال الفترة المقبلة لأنهم يعتزمون شن نوع من الهجوم المفاجئ. وإذا علمنا قبل 12 أو 24 ساعة فهذه أيضا مفاجأة كبيرة. وأرجح أنه إذا اقتربنا من مثل هذه المرحلة ستكون لدينا مؤشرات إضافية وسنعرف أكثر مما نعرفه الآن، إذا كانت لديهم نية جادة حقا".
المصدر: الإعلام الإسرائيلي