اغتيل كونراد وهو أحد قادة الحملة الصليبية الثالثة في 28 أبريل عام 1192، إحدى الإمارات الصليبية الأربع في صور، على يد اثنين من طائفة الحشاشين، إلا أن الروايات تناقضت حول من كان وراء تدبير عملية القتل.
وصل كونراد إلى عرش الصليبيين في القدس بحق الزواج من إيزابيلا، أرملة الملك السابق، وقتل قبل أيام قليلة من مراسم تتويجه.
قبل ذلك، أمضى كونراد عدة سنوات في القسطنطينية، حيث عهد إليه الإمبراطور البيزنطي إسحاق الثاني أنجل بقيادة قواته، لكنه ترك منصبه، وأبحر إلى القدس في عام 1187.
كان يريد الالتحاق بوالده في قلعة القديس إلياس، لكنه لم يستطع الرسو في عكا التي كانت سقطت في يد صلاح الدين الأيوبي، فمضى إلى صور، التي لجأت إليها فلول جيش الصليبيين المهزوم في معركة حطين.
اشتهر كونراد من مونفيراتو، وهي منطقة في أقصى الشمال الإيطالي، بالفروسية وبحنكته العسكرية وخاصة في البحر، وكان يطمح في الوصل إلى عرش القدس.
كان موقف الصليبيين في ذلك الوقت حرجا للغاية بفعل ضربات صلاح الدين الأيوبي، ولم يتبق تحت سيطرتهم إلا صور وعسقلان وطرابلس، وكان وصوله ورجاله بمثابة مدد هام.
اغتيال الملك كونراد قبل تتويجه:
تنكر اثنان من رجال شيخ الجبل الذين يسمون "الحشاشين" بزي الرهبان المسحيين وترصدا كونراد في أزقة مدينة صور لعدة أشهر، فيما تقول رواية أخرى إن القاتلين كانا يعملان مع كونراد كخادمين، وكانا يتبعانه مثل ظله.
سنحت الفرصة للقاتلين الاثنين، وخلص لهما كونراد، فانقضا عليه وطعناه بالخناجر، وسقط أحد قادة الحملة الصليبية الثالثة البارزين قتيلا.
عن "الحشاشين" الطائفة الإسماعيلية الشهيرة، يقول المؤرخ ويليام نيوبورج في كتاب "تاريخ إنجلترا" ما يلي: "يقولون إن طائفة معينة من الناس الذين يعيشون تحت حكم المسلم القوي (الذي يسمونه الشيخ) توجد في الشرق... هؤلاء يعتقدون أنهم يجب أن يجدوا السعادة الأبدية بعد الموت إذا أطاعوا أوامره خلال حياتهم. إنهم يسارعون بفرح إلى الموت، كما لو كانوا في وليمة رسمية، وليس لديهم غاية أخرى... بمجرد العثور على فرصة لتنفيذ أوامره بالكامل".
مؤرخ صلاح الدين الايوبي الشهير عماد الكاتب، ذكر أن اثنين من القتلة استعدا لتنفيذ عملية الاغتيال ستة أشهر على الأقل، وأنهما تظاهرا باعتناق المسيحية، وحضرا إلى الكنيسة وانضما على قادة الفرنجة.
بعد الاغتيال، ثم القبض على أحد الرجلين، وفر الثاني إلى الكنيسة قبل اعتقاله. وأثناء استجوابهما، اعترفا بأن الملك ريتشارد الملقب بقلب الأسد، وهو أحد قادة تلك الحملة الصليبية الثالثة، كان وراء عملية الاغتيال.
هذه الرواية تؤكد أن قلب الأسد كان وراء عملية الاغتيال بالتنسيق مع الحشاشين. ويتهم أنصارها كونراد بأنه كان يتآمر مع صلاح الدين ضد ريتشارد قلب الأسد، وأن حلول ابن شقيق قلب الأسد مكان كونراد كملك للقدس، يعزز هذه الشبهات.
رواية ثانية مختلفة تماما تفترض أن صلاح الدين الأيوبي كان وراء عملية الاغتيال وأن سنان، زعيم الحشاشين، المعروف بشيخ الجبل بعد ان أثبت لصلاح الدين قدرته واوصل إليه رسالة في مخدعه، تعاون معه لاحقا ضد الصليبيين، وأن عملية الاغتيال كانت في البداية موجهة إلى ريتشارد قلب الأسد، لكنها تحولت إلى كونراد، لأن الأولى كان يحظى بحراسة مشددة.
رواية ثالثة ترجح أن يكون هنري شامبين، قريب ريتشارد نفسه، متورط في قتل غريمه ومنافسه كونراد، مستندة هي الأخرى إلى أن شامبين، كان صاحب مصلحة كبرى في عملية الاغتيال حيث أصبح ملك مملكة الصليبيين في القدس بعد اغتيال كونراد.
مع كل ذلك لا توجد محاولات للإجابة على سؤال مفاده، لماذا أقر منفذا عملية الاغتيال وهما من القتلة المحترفين العتاة بأن قلب الأسد كان وراء قتل كونراد؟ وما مصلحتهما من ذلك؟
المصدر: RT