وأشار الأسد في كلمة متلفزة حول تداعيات الزلزال، إلى أن الأزمات نفسها هي التي أعطت السوريين القدرة على التحرك السريع والفعّال منذ الساعات الأولى للزلزال.
وأكد أن "الوطن هو المنزل وحمايته واجب وذلك بغض النظر عن التحدي والإمكانيات زادت أم نقصت."
ولفت الأسد إلى أن "هذا هو الشعور العميق والكامل منذ اللحظات الأولى للزلزال، بين أفراد عائلته الواحدة أفرادا ومؤسسات، مشيرا إلى هبة الشعب السوري لمساعدة أهلهم المكلومين في حماة وحلب واللاذقية وغيرها."
وبيّن أن لهذا كان معنى أكثر بلاغة لأنه جاء بعد 12 عاما من الحرب والحصار وقلّة الموارد على المستوى الوطني، لكنّها أعطت الشعب السوري الخبرة للتحرك السريع والفعال منذ اللحظات الأولى للزلزال.
"كانوا الوطن بكل معانيه الجميلة"
وفي السياق ذاته، قال الأسد: "فهل من حدث، صغر أو كبر، قادر على محو صور البطولة لمؤسساتنا الوطنية المدنية والعسكرية، والمجتمع الأهلي، والأفراد المتطوعين خلال قيامهم بعمليات الإنقاذ كخلايا نحل على مدار الليل والنهار؟، وكانوا أصحاب الفضل في كل ما أنجز، حملوا الوطن بآماله وآلامه بحماس ورضى وحب لا محدود وتضحية عظيمة، وكانوا هم الوطن بكل معانيه الجميلة، وقيمه النبيلة؟ أم ذلك الاندفاع الشعبي العفوي لدعم المنكوبين بطوفان من الخير، حجب عنهم العوز والسؤال."…
وأردف قائلا: "ذلك الاندفاع الذي تساوى فيه ميسور يعطي بلا طلب، ومحتاج يقتطع شيئا من موارده وقوتِ يومه الذي بالكاد يكفيه وعائلتهُ ليساعد منكوبا؟ فجسدوا لنا أنموذجا حيا وحقيقيا للأخلاق بأنبل تجلياتها، والوطنية بأعمق معانيها، والإنسانية بأرقى صفاتها؟ وهل يمكن أن ننسى أولئك الذين استنفروا غِيرة وحرصا للدفاع عن الصورة الحقيقية لمجتمعنا في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة، ولم يسمحوا للصورة المشوهة التي حاول البعض تسويقها، المساس بسمعتنا كمجتمع، للأخلاق فيه وللتعاضد والغيرية القيمة الأعلى على المستوى الفردي والجماعي؟ وغير ذلك من قصص وحكايا وتفاصيل لا نهاية لها، وأشخاص وأبطال، بواسل ومقاديم، هم للحاضر قدوات وللمستقبل منارات."
التحدي كبير
وأكد الأسد في كلمته أن المنشآت والأبنية لم تكن محضرة لمواجهة الكوارث الطبيعية خصوصا وأن البلد لم تكن في منطقة زلزال مدمرة على مدى قرنين ونصف، مما جعل التحدي هو الأكبر.
"وإذا كانت هذه الحرب قد استنزفت العديد من الموارد الوطنية في مواجهة المزيد من الأزمات، إلا أن ما تمكن مجتمعنا من القيام به هو أكبر بكثير من الإمكانيات المتاحة." بحسب الرئيس السوري.
مساكن مؤقتة للمتضررين
وأضاف: "بدأت المؤسسات الحكومية المعنية العمل على تأمين المساكن المؤقتة ريثما يتم تأمين المساكن الدائمة في مرحلة لاحقة، وحاليا تتم دراسة تأسيس صندوق لدعم المتضررين بهدف مساندتهم ريثما يتمكنوا من استعادة قدراتهم الحياتية بجوانبها المختلفة."
وقال: "عندما تتعرض المجتمعات للزلازل بمختلف أنواعها جيولوجية كانت سياسية، ثقافية أم اجتماعية، فلا بد لها أن تفقد شيئا من استقرارها، لاهتزاز ضوابطها المؤسسية والاجتماعية، من قوانينَ وأنظمة، ومن مفاهيمَ وأعرافٍ وأخلاقيات… وهذا يؤدي بدوره لظهور السلبيات الموجودة أساساً، لكنها كامنة أو محدودة بفعل تلك الضوابط."
الشكر لكل من ساهم في مواجهة أضرار الكارثة
وتوجّه الرئيس السوري باسم كل سوري بالشكر إلى كل الدول التي وقفت مع السوريين، مشيرا إلى أهمية مساعداتهم العينية والمادية في مواجهة الظروف الصعبة.
وخصّ الأسد بالذكر فرق الإنقاذ من الدول التي عملت حتى آخر لحظات الأمل بوجود شخص حي تحت الأنقاض، "وشاركوا بحماس وتفان إلى جانب زملائهم السوريين وكانوا أخوة حقيقيين".
دروس الزلزال
وتوجّه للمواطنين قائلا: "كلّنا مسلمين ومسيحيين نؤمن بالله وبإرادته، وإن لم نكن في موقع من يُدرك الحكمة الإلهية من البلايا والنعم التي تصيبنا، فإنّنا بالتأكيد في موقع من يتعلّم من دروسها وأخذ العبر منها."
وتابع الأسد: "أهم وأول ما نتعلمه من هذه التجربة القاسية هو أنّنا تمكنّا مع بعضنا البعض من التغلب على ظروفنا، وبالإيمان أن تعاضدنا هو الذي يفعّلها وتشتتنا هو الذي يخمدها."
واختتم قائلا: "فلنؤمن بالله وبالوطن وبالإرادة القادرة على صنع المعجزات عندما نمتلكها لتبقى سوريا عزيزة بأبنائها قوية بتاريخها وغنية بكرامتها وقادرة بإرادتها."
المصدر: RT