إبراهيم الذي يرتدي قفازات تساعده على رفع الحجارة من بين الأنقاض في قرية بسنيا الحدودية مع تركيا في شمال إدلب، يقول: "نحفر ولا ننام، نأمل منذ يومين أن يخرج أحدهم على قيد الحياة"، لكن الحظوظ تبدو ضئيلة. ويضيف: "لا يزال هناك عشرون شخصاً تحت (الركام). إنه شعور لا يوصف. مأساة كبيرة"، ويتابع: "ذهبت ذكرياتنا.. دُفنت معهم".
ويأخذ إبراهيم نفسا عميقا، ينظر إلى الركام حوله ثم يردّد: نحن شعب منكوب بكل ما للكلمة من معنى".
كان إبراهيم أحد الناجين مع زوجته وأولاده الثمانية من الزلزال، وفرّ معهم من منزلهم في مدينة إدلب التي نزحوا إليها قبل سنوات.
يروي كيف أنه لم يعلم ماذا يفعل حينها، فيما كانوا يقفون في الشارع تحت الأمطار، لكن وجود عائلته قربه منحه الطمأنينة، إلا أن شعوره ذاك سرعان ما تبدّد مع معرفته بوجود أقربائه تحت الأنقاض. وما كان منه إلا أن توجّه سريعا إلى بسنيا التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن مدينة إدلب، وهو منهمك منذ يومين في الحفر بين الأنقاض في محاولة لإنقاذ ثلاثين فردا من عائلته.
ورغم الجهود المضنية التي يبذلها إبراهيم مع عناصر إنقاذ وسكان القرية، لم يتمكنوا إلا من إخراج عشرة منهم فقط متوفين، فيما استحال المبنى وجدرانه أكواماً من الحجارة.
وفي قرية الرمادية الحدودية مع تركيا، يبكي أيمن ديري (50 عاما) شقيقه مأمون وأولاده الثمانية. لكنه يصرّ على عدم الاستسلام، علّ أحدهم يخرج على قيد الحياة.
بعد ساعات طويلة من الحفر، انتشل عاملو الإغاثة أحد أبناء شقيقه (12 عاماً) جثة هامدة. لكنه مع ذلك يصر: "لن نتعب. لا نعلم إن كان الباقون أحياء أم أمواتا، لكن الواحد منا لا يسعه إلا أن يأمل خيرا... وإن كنا نرى حال المبنى" الذي سقط سقفه فوق رؤوس قاطنيه.
المصدر: "أ ف ب"