وبعد أن سيطرت قضايا عرضية على الجلستين الأولى والثانية، ينتظر أن تدخل المحكمة خلال جلسة الاثنين، حسب توقعات المحامين، في صلب المحاكمة باستجوابات المتهمين والاستماع أثناء ذلك لشهادات الشهود.
ومنذ أن رفعت المحكمة جلستها مساء الخميس الماضي والحرب الكلامية وحرب المؤتمرات الصحافية وحرب التدوينات مشتعلة بين محامي الدولة ومحامي الرئيس السابق ومجموعته وبين أنصار وخصوم الرئيس السابق، حول الموضوعات التي أثارتها المحكمة ومن أبرزها قانونية وظروف سجن الرئيس السابق، والطابع السياسي أو القضائي لهذه المحاكمة.
واشتكى الرئيس السابق في تدوينة استعطاف وجهها للشعب من صفحته على "فيسبوك" من الظروف التي يمر بها.
وقال "بدأت الأمور باستدعائي يوم 24 يناير 2023 عن طريق مكالمة هاتفية للتواجد عند المديرية العامة للأمن"، مضيفا "وبعد إصراري على الحصول على وثيقة مكتوبة تؤكد الاستدعاء بشكل رسمي قانوني إداري، تم القبض عليّ من قبل كتيبة شرطة قدمت لي مذكرة إبداع تحمل تاريخ 23 يناير 2023 وهو تاريخ سابق ليوم 24".
وزاد "تمت إعادتي إلى نفس الظروف من قبل نفس قوات مكافحة الإرهاب إلى نفس المكان السابق لاحتجازي، وهذا يعني عزلي بصفة تامة عن العالم الخارجي، بينما وفي نفس الوقت، يتم إسكان المتهمين الآخرين في شقق فاخرة مستأجرة لمصلحة أحد الخاصة بأكثر من 700.000 اوقية لليوم للشقق السبع".
وقال "قضيت أول ليلة لي في العزلة التامة وفي الظلام الدامس بسبب انقطاع للتيار الكهربائي، أحيت فيها الفئران المتعطشة إلى رفقاء من شدة العزلة، سهرة رقص بديعة، منسقة ومنتظمة كانت حلبة مسرحها فوق ظهري، وهذه المعاملة الخاصة التي حظيت بها وكذلك التشريفات المصاحبة لها تجد أسبابها في الأنشطة السياسية المزعجة وخاصة زيارة نواذيبو ومهرجانها الأسطوري، فهذه الأنشطة السياسية غير المرغوب فيها التي تعرقل أجندة "نظام الرموز".. قد عجلت الإجراءات القانونية التي كانت خلال الأشهر القليلة الماضية في حالة سبات".
وأضاف ولد عبد العزيز في تدوينته "هذه هي الطريقة التي قُرر بها القفز إلى المجهول من قبل أولئك الذين يجهلون ثنايا وشعاب هذه القضية ناهيك عن مآلاتها".
وعن الجلسات الماضية للمحاكمة، أوضح الرئيس السابق أن المحكمة شهدت في يومها الأول افتتاحا متباطئا لأنه تم طرح المزالق من قبل مختلف الأطراف دفاعا كانت أم ادعاء، والأكثر تعقيدا والغير منطقي.
وتابع قائلا: "تلك العرقلة التي طرحها الإدعاء وفريقه القبلي الجهوي السياسي، والذي أراد فيه إدراج منظمة غير حكومية كطرف مدني، أما النقطة الثانية التي أثيرت والتي أخرت المحاكمة فهي قانونية الحبس الاحتجازي، ظلت هذه النقطة مطروحة طيلة اليوم الثاني وحتى تعليق الجلسة ومن المتوقع استئنافها الاثنين".
وقال "يومان من المحاكمة كانا كفيلين برسم الصورة التالية للمحكمة ككل: مسطرة مطيعة لنيابة مثقلة أو قل منهكة بالعديد من الاتهامات الجامحة ضد دفاع يجيد دوره بقوة وديناميكية وسيكسب المزيد بالمحافظة على اتحاده ووحدته".
وفي إطار الحرب الكلامية بين دفاعي الطرفين، أعلن نقيب المحامين الموريتانيين وعضو هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية إبراهيم ولد أبتي، "أن محاكمة المتهمين في ملف العشرية تعتبر محاكمة من نوع خاص، نظرا لكونها الأولى من نوعها في تاريخ البلد والمنطقة بصفة عامة"، على حد تعبيره.
وأضاف ولد أبتي خلال مؤتمر صحفي عقدته هيئة الدفاع عن الدولة مساء الأحد "أن قرار المحكمة القاضي باستدعاء المتهمين عشية المحاكمة لا يمكن وصفه بالجائر، فهو صادر عن المحكمة وطبقته الجهات الأمنية طبقا لأوامر صدرت لها من القضاء"، مردفا "أن الهدف من كل ذلك هو التمكن من استرجاع الأموال المنهوبة".
وأشار ولد أبتي "إلى أن المحاكمة تسير على ما يرام، وأن المحكمة والطرف المدني لن يتمكنا من معرفة الحقائق قبل بدء الاستجواب وهو ما لم يحدث حتى اللحظة".
وفي تصريح آخر ضمن المؤتمر الصحفي، أكد المحامي فضيلي ولد الرايس، أن الدولة وضعت الرئيس السابق محمد عبد العزيز في ظروف لائقة، ولم ترسله للسجن المدني رغم قانونية ذلك لكونه مليئا بالمجرمين.
وأضاف ولد الرايس أن النيابة كان بإمكانها متابعة أبناء الرئيس السابق وزوجته بحكم امتلاكهم لبعض الأموال العامة المحتجزة، لكن أخلاق المجتمع انعكست على تعامل النيابة معهم.
وختم ولد الرايس مداخلته بالقول إن صحة الرئيس السابق جيدة، ولا يوجد ما يثبت تدهورها الذي تحدثت عنه هيئة دفاعه".
وضمن هذا التراشق المشتد بين طرفي الدفاع، أكد فريق الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ومجموعته "أن إدارة الأمن مصرة على استغلال كل الوسائل لإهانة وإذلال موكلهم".
واعتبر فريق الدفاع في نقطة صحفية أن أوامر الإيداع في حق المتهمين ظالمة وغير قانونية، مضيفا أن المحكمة تعرضت لضغوط ظالمة ولا تحترم القانون الخاص بسجن المتهمين.
وأوضح فريق الدفاع أن استمرار سجن المتهمين اعتداء على حرياتهم ودوس على القانون، مشيرا إلى أن حياة موكلهم محمد ولد عبد العزيز في خطر.
ونبه فريق دفاع الرئيس السابق إلى أن الشقق المخصصة لسجن المتهمين الآخرين غير الرئيس السابق مؤجرة بـ26 مليون أوقية لشهر واحد، مضيفا: "لجأوا لحل تبييضي للتغطية على السجن الانفرادي لموكلنا".
المصدر: وكالات