وأوضحت المؤسسة في تقريرها وقوع 135 عملية إرهابية في ثماني دول عربية خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وهي زيادة طفيفة عن العمليات التي وقعت في المنطقة العربية في الربع الثاني من 2022 والذي لم يٌنفذ فيه سوى 123 عملية إرهابية.
وقد أزهقت هذه العمليات أرواح 307 أشخاص، بينما أصيب 398 آخرون. وقد استهدفت هذه العمليات العسكريين والمدنيين على حد سواء، نجم عنها مقتل 155 شخصاً من العسكريين ونحو 241 مصابًا، بينما راح ضحية هذه العمليات 152 قتيلا من المدنيين ونحو 157 مصابًا. وجاءت الصومال في أعلى مؤشر الإرهاب في المنطقة العربية في الربع الثالث من 2022، بواقع 42 عملية إرهابية، وهو ما نسبته 31% من إجمالي العمليات الإرهابية. كما تصدرت الدولة ذاتها مؤشر القتلى والإصابات بواقع 173 قتيلاً ونحو 191 مصابا.
وأشار التقرير إلى أن تنظيم داعش لايزال في مقدمة الجماعات التي تتبنى عمليات إرهابية في المنطقة العربية حيث تبني ونٌسب له 35 عملية إرهابية، وأوضح التقرير أنه وعلى الرغم من الضربات الاستباقية التي توجه للتنظيم والفروع المنتسبة له، لا يزال قادرا على الحركة والمناورة، خاصة في سوريا والعراق، ويأخذ من الحدود العراقية السورية مناطق تحرك رئيسية. ويتراوح عدد مسلحي داعش ما بين 6 إلى 10 آلاف مقاتل يأخذون من المناطق الريفية والجبلية مناطق للإختباء بعيدًا عن قوات الأمن.
وأوضح التقرير أن دول النزاعات والدول العربية التي تمر بفترات انتقالية متعثرة مثل العراق وسوريا والصومال واليمن والسودان، ظلت الدول الأكثر تسجيًلا للعمليات الإرهابية ،حيث نفذت الجماعات الإرهابية 130 عملية في الخمس دول، وهو ما نسبته 96.3% من إجمالي العمليات الإرهابية في المنطقة العربية في الربع الثالث من العام 2022.
وأضاف التقرير بأنه للمرة الأولي منذ بداية العام لم تسجل ليبيا أي عملية إرهابية، وأرجع التقرير ذلك إلى الجهود التي بذلها الجيش الليبي والتي تمخضت عن اعتقال وقتل عناصر خلايا إرهابية في الفترة التي يغطيها التقرير، من بينها مٌنفذ مذبحة الأقباط المصريين، مهدي دنقو، الذي قتل في سبتمبر 2022. بالإضافة إلى التنسيق العسكري بين المؤسسات الأمنية في شرق وغرب ليبيا بعد الاجتماع الذي جمع هذه المؤسسات في 19 يوليو 2022 ، وهو الاجتماع الذي تمخض عنه بيان مشترك بين هذه المؤسسات دعا إلى رفض العنف والاقتتال الداخلي. كما حذر التقرير من أن استمرار وجود حكومتين متوازيتين قد يدفع ليبيا إلى الإرهاب مجددًا، لا سيما في ظل تمركز ما يقدر بنحو 100 مسلح يتبع تنظيم داعش في مساحات شاسعة في المنطقة الجنوبية.
وفي الأخير قدم التقرير مجموعة من التوصيات من بينها؛ تعديل الفقرة الثالثة من المادة الأولى من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، لإدراج الهجمات الإرهابية التي تسُتخدم فيها الطائرات بدون طيار كجريمة إرهابية؛ وحث الدول التي لم تصادق بعد على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى إتمام إجراءات التصديق عليها، وكذلك انضمام الدول العربية غير الأعضاء في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش إلى التحالف لتبادل الممارسات الجيدة والدروس المستفادة والاستفادة من المشورة؛ وكذلك تبني مواقف عربية موحدة لإخراج جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من الدول العربية، لا سيما الدول التي تجري فيها نزاعات.
وفي هذا السياق، قال الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة "ماعت"، أيمن عقيل، أن "المنطقة العربية لا تزال في حاجة مٌلحة لمواجهة الإرهاب بسبُل غير تقليدية ومنع الأسباب الجذرية المؤدية له، لا سيما المظالم الاجتماعية والاقتصادية والظروف الذي نشأ في ظلها، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ونشر التسامح، وأضاف عقيل بإن إعلاء الطائفية بديلاً عن المواطنة، وعدم حصر السلاح في يد الدولة، والحدود الرخوة بين بعض الدول، واستفحال خطابات الكراهية في أوقات الأزمات والاضطرابات، جميعها عوامل مكنت الجماعات الإرهابية في المنطقة العربية، لا سيما تنظيم داعش، من استثمار هذه العوامل من أجل التكيف مع خسائره السابقة والقدرة على الصمود ليُشكل تهديدًا حقيقيا للأمن القومي في الدول العربية".
وأكد عقيل على أن دحر الإرهاب لن يتحقق في المنطقة العربية إلا بتكثيف التعاون الاستخباراتي والأمني والشروع في خطوات عملية لمنع التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية وتبادل الممارسات الجيدة والتجارب الحميدة والدروس المستفادة مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
من جانبه قال شريف عبد الحميد، مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة "ماعت" أن "المنطقة العربية لا تزال عرضة لخطر الإرهاب، الذي يجد في الدول المنخرطة في النزاعات المسلحة أو في صراعات داخلية مع جماعات مسلحة أو في صراعات سياسية، فرصة مهيأة لوضع موطئ قدم لنشر أيديولوجيته وتجنيد اتباع آخرين، ولعل ظهور تنظيم القاعدة من جديد في اليمن خلال الفترة الأخيرة وعدم القدرة على لجم حركة الشباب في الصومال نذير خطر يستدعي جهودًا إضافية لمكافحة الإرهاب".
بينما طالب على محمد، الباحث بمؤسسة "ماعت" بضرورة العمل على تعزيز التسامح الديني ومكافحة خطابات الكراهية، والاستثمار في برامج حقوق المرأة والأقليات الدينية، بجانب توفير الخدمات الاجتماعية للفئات المستحقة، للحد من الظروف التي تعزز الإرهاب؛ بالإضافة إلى التوسع في إجراء دراسات علمية وأكاديمية، تحدد أسباب التطرف والإرهاب، وتطبيق نتائجها على أرض الواقع، وإعادة تنقيح المناهج التعليمية، والعمل على تطوير أدوات لمراقبة خطابات الكراهية في الدول العربية.
المصدر: RT