وقال الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية: "بعد سنين من الجفاء إلتقى الرئيس السيسي والرئيس أردوغان، في قطر على هامش إفتتاح كأس العالم، وهي خطوة ستكون البداية لإحداث إنفراجة في العلاقات المصرية التركية المعقدة والمتشابكة، والتي تحتاج إلى تنسيق المواقف المصرية التركية في ظل أن هناك الكثير من القضايا التي بها الكثير من التباينات والإختلافات والتي لا يمكن حلها إلا من خلال التوافق المصري التركي، بعد إجراء الكثير من المحادثات الإستكشافية والتي لم تحقق النتائج المرجوة والمأمولة".
وأضاف: "لقاء الرئيسيين من الممكن جدا أن يكون هو الأساس لبناء علاقات جيدة ولاذابة الجليد وخلق بيئة ايجابية لتكون دافعا لعلاقات أكثر توازنا وإستقرارا لصالح منطقة الشرق الأوسط".
من جانبه ذكر الباحث والمحلل المتخصص فى الشأن التركي كرم سعيد أن المصافحة التاريخية تحمل عدة دلالات: "أولها إنكسار جبل الجليد بين مصر وتركيا وباتت هناك فرص أكثر تهيئة لتعزيز التقارب بين البلدين على المستوى السياسي، وأما الدلالة الثانية يبدو أن كلا البلدين لديهما رغبة في حل القضايا الخلافية والملفات الشائكة بينهما، كما أنه جرى خلال الشهور الماضية تحريك المياة الراكدة في بحر العلاقات المصرية التركية، كان أخرها حديث الرئيس التركي قبل أيام عن أن هناك توجه تركي مغاير بعد الانتخابات المقرر لها منتصف العام المقبل لإعادة العلاقات مع الدول التي تجمعها خلافات مع تركيا وكان يقصد مصر وسوريا".
والدلالة الثالثة برأيه أن "تركيا ومصر ربما سيمضيان في الفترة المقبلة إلى تعزيز مشاريعهما المشتركة في المجال الإقتصادي وتعزيز فرص التقارب السياسي بينهما خاصة أن هناك رؤية مشتركة حيال بعض قضايا الإقليم خاصة أن هناك قضايا خلافية فيما يتعلق بالملف الليبي، لكن ربما لديهما رغبة في معالجة هذه القضايا الخلافية وبناء رؤية مشتركة حيال صراعات الإقليم الفترة الماضية شهدت أيضا تقارب مصري تركي فيما يتعلق في مجال الطاقة، حيث بدأت تركيا تتعاقد على إستيراد الغاز المسال من القاهرة، هناك رغبة تركية في تفهم المشهد في ليبيا.. والأمر الآخر السياسات التركية فيما يتعلق بمعالجة ملف الإخوان المسلمين، سواء بترحيل بعض الفضائيات التي تبث من إسطنبول، أو ضبط الأداء الإعلامي وإلزام الفضائيات التي لا تزال قائمة بمعايير الأداء الإعلامي.
وأشارالباحث فى الشأن التركي مصطفى صلاح إلى أن "هناك مؤشرات عديدة حول رغبة تركيا، في عودة العلاقات مع مصر وهو ما ظهر بصورة واضحة من خلال المباحثات الاستكشافية التي شملت وفدي الدولتين تمهيدا للاتجاه نحو تعزيز مستوى تمثيل هذه المباحثات".
ولفت إلى أن "رفع مستوى وملفات التفاوض لا يمكن أن يتم إلا على مستوى وزراء الخارجية أو الرؤساء وهو الأمر الذي لم يتحقق بعد وبالتالي قد يكون اللقاء المباشر بينهما في مناسبة ليست سياسية بمثابة دافع مهم لمحاولة رفع مستوى وملفات التفاوض خاصة وأن قطر في الفترة الأخيرة أظهرت نوع من أنواع التقارب مع مصر وهي أيضا أحد الدول التي تمتلك علاقات وثيقة مع تركيا.. ولعل هذا الحدث قد يوفر مساحة لتبادل بعض وجهات النظر حول مختلف القضايا المطروحة بينهما وكانت السبب في توتر علاقاتهما، ومن جهة أخرى قد يكون هذا اللقاء بداية لوساطة قطرية بين مصر وتركيا حول تذليل الصعوبات ورفع الحرج عن تركيا فيما يتعلق طلب العودة مجددا للمفاوضات".
من جانبه أوضح الباحث في العلاقات الدولية والمختص بالشأن التركي محمد ربيع الديهى أنه "من المؤكد أن مصافحة الرئيس المصري والتركي اليوم في قطر أثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات بين الدولتين، خاصة وأن وزير الخارجية المصري أعلن خلال شهر نوفمبر 2022، عن فشل المفاوضات الإستكشافية بين القاهرة وأنقرة نتيجة لعدم إلتزام الطرف التركي بالعدد من الشروط المصرية، من وقف التدخل في الشؤون الداخليه للدولة ولكن سرعان ما أعلنت تركيا عقب هذه التصريحات أن حكومة الدبيبة في ليبيا غير معنية بتوقيع الإتفاقيات الدولية وأن مدتها قد إنتهت في يونيو الماضي، فلا شك في أن هذا الموقف التركي هو استجابة سريعة من طرف أنقرة للشروط المصرية".
وأكد أن "لقاء قادة البلدين في قطر والمصافحة بينهما هي خطوة نحو إذابة الجليد في العلاقات بين البلدين، في ظل توتر في العلاقات منذ عام 2014 وتأكيد أردوغان أكثر من مرة أنه لن يصافح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فهذا اللقاء يعني نجاح للدبلوماسية المصرية في تحقيق أهدافها الخارجية من جمح طموح تركيا الخارجي".
وأضاف: "يمكن هنا أن نتحدث عن نجاح دبلوماسية القمة( يقصد بها لقاءات القادة) دائم في تحقيق أهداف أسرع، وأكثر من الطرق الدبلوماسية الأقل لذلك من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تشاور من جديد بين البلدين، وربما يكون هناك إتصالات بين قيادة البلدين خاصة وأن تركيا قامت مؤخرا بوضع إعلامي جماعة الإخوان الارهابية على قوائم الإرهاب، ورحلت بعضهم إلى سجون حدودية في خطوية أقرب لترحلهم إلى مصر، خاصة وأن أغلبهم متهمين بقضايا إرهاب في محاولة من النظام التركي للتقارب إلى القاهرة وتحسين العلاقات.. وقد يلتقي قادة البلدين في لقاءات دولية وربما يتم تنظيم قمة مشتركة في أحد البلدين في حال نجاح النقاشات وإلتزام تركيا بالشروط المصرية لعودة العلاقات بين البلدين.
بدوره قال المحلل إيهاب نافع: "قراءة بسيطة للقاء يمكن أن نتوقف أمامها في عدة نقاط أولا: بدء الإستئناف المباشر للعلاقات المصرية التركية وتوقعات بزيارات متبادلة بين قادة البلدين.. ثانيا: "استئناف المفاوضات المباشرة بين البلدين التي إرتقت من تنسيقات أمنية وإستخباراتية غير معلنة، إلى لقاء دبلوماسية متبادلة على مستوى نائب وزير الخارجية في البلدين، لتكون اللقاءات التفاوضية القادمة على مستوى وزيرا خارجية البلدين.. ثالثا:ب دء التنسيق بشكل أكثر جدية في الملف الليبي وبالتالي تيسير الوصول لحل للأزمة الليبية".
رابعا: "الانخراط في الإجابة بموضوح على كافة المطالب المصرية بشأن الإخوان، خاصة وأن الأجواء أضحت مهيأة حاليا أكثر بكثير من سابق الأيام".
أما النقطة بحسب نافع فهي أن "تركيا وقطر سترفعان غطائهما المباشر للتنظيم الدولي بعد التحول للعب على المكشوف بينهما مع مصر في كل ما يرتبط ملف التنظيم والمطلوبين للقضاء المصري".
ورأى أن القمة المصرية التركية بحضور قطري تفتح آفاق واسعة للتنسيق المباشر بين اثنين من أكبر بلدان العالم الإسلامي تسببت الأزمة بينهما في تصدع إقليمي واضح".
وختم بالقول: "شرق المتوسط سيبقى حاضرا بقوة على طاولة العلاقات بين البلدين، وهو ما ستخوض فيه مصر في إطار إرتباطاتها السابقة مع قبرص واليونان".
القاهرة - ناصر حاتم
المصدر: RT