ووفق الوثائق، التي نشرتها الـBBC، فإن سيلاسي حذر من أن الانسحاب البريطاني "سوف يترك فراغا له عواقبه"، مبينة أن تحذير الإمبراطور الإثيوبي جاء خلال زيارة رسمية للمملكة المتحدة في أكتوبر عام 1954، قبل أيام من توقيع مصر وبريطانيا رسميا ما عرف تاريخيا باتفاقية الجلاء.
واعتبرت وزارة الخارجية البريطانية موقف الإمبراطور يؤكد مخاوفها من صعوبة المساعي المبذولة، حينئذ، لتسوية الخلافات الحادة بين إثيوبيا من ناحية والسودان ومصر من ناحية أخرى بشأن مياه النيل.
وفي عشاء على هامش أحد اللقاءات خلال زيارة سيلاسي إلى لندن، دار نقاش بين الضيف الإثيوبي وسير إيفون كيركباتريك، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية، عن سياسة بريطانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ونقل سير إيفون، في تقرير سري تضمن أهم ما جاء في النقاش، عن هيلا سيلاسي قوله، إن "عليه التزاما بأن يقول إنه لا يمكنه أن يوافق على سياستنا تجاه مصر".
وبرر الإمبراطور موقفه الرافض لجلاء الإنجليز عن مصر قائلا، إن "الحكومة المصرية الحالية (بقيادة جمال عبد الناصر آنذاك) ليست مستقرة على الإطلاق"، محذرا من أنه بانسحاب بريطانيا في هذه الظروف، "سوف يكون هناك فراغ مرعب".
وقال سير إيفون، إن النقاش "كشف عن حقيقة ما كان في ذهنه، وهو احتمال سيطرة المصريين على السودان".
وأشارت الوثيقة إلى أن كلام الإمبراطور الإثيوبي لم تقنع الدبلوماسي البريطاني، الذي حاججه بأنه من المفترض أن تخدم حالة عدم الاستقرار المزعومة في مصر مصلحة إثيوبيا.
وقال وكيل وزارة الخارجية البريطانية الدائم، إنه رد على هيلا سيلاسي بأنه "لو أن النظام المصري غير مستقر كما يعتقد، فإن الخطر عليه من مصر لن يكون هائلا جدا".
وحسب الدبلوماسي البريطاني فإن "الإمبراطور ظل على عناده"، ليرد قائلا، إنه "ينظر بأكبر قدر من الريبة إلى احتمال وجود قوات مصرية ترقب حدوده".
وبناء على موقف الإمبراطور من مصر، توقعت الخارجية البريطانية صعوبة كبيرة في تحقيق توافق بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا لحل الخلافات المستعصية بشأن مياه النيل.
المصدر: teller report + RT