توفيت موسى منذ عدة أيام عن عمر يناهز 87 عاما في تل أبيب بإسرائيل بعد معاناتها الطويلة مع مرض الاكتئاب الذي قضى على حياتها.
وولدت عام 1937 في مدينة المنيا بمصر لأسرة ميسورة الحال، وحصلت على الشهادة الإعدادية عام 1951.
وبعد اجتيازها مرحلة الإعدادية بتفوق، اصطحبها والدها لحضور حفل زفاف أحد الأقارب، لتتعرف على شاب من مدينة العريش وهو إبراهيم سعيد شاهين، وبعد عدة أيام تقدم لها وبرغم رفض والدتها لبعد المسافة بين المنيا والعريش، إلا أنها تمسكت به بشدة، وخلال مدة قصيرة تزوجا وانتقلت للعيش معه في العريش.
حينها كان يعمل شاهين محاسبا بمكتب مديرية العمل بالعريش، وفي بداية حياته كان يرغب بشدة في كسب المال بشتى الطرق سواء كانت الشرعية أو غير الشرعية، إلى أن تم القبض عليه في جريمة رشوة وسجِن لمدة 3 أشهر، خرج بعدها ليكتشف مدى قسوة الظروف التي يمر بها.
في يونيو عام 1967، احتلت إسرائيل سيناء حينها، وسط هذا المناخ كانت المخابرات الإسرائيلية تعمل بجِهد ساعية لصيد العملاء، وذلك نظرا للضغوط المعيشية الصعبة وظروف الاحتلال، وبالفعل نجحت في استقطابه، ولوح له ضابط الموساد الذي استقطبه بإغراءات ما كان يحلم بمثلها يوما، نظير إغراقه بالنقود وتأمين حياته وذويه في العريش، ووافق شاهين على التعاون مع الإسرائيليين في جمع المعلومات عن مصر، وتسلم – كدفعة أولى – ألف دولار في الوقت الذي لم يكن يملك فيه ثمن علبة سجائر.
وعاد شاهين إلى بئر السبع في سيناء ومنذ هذا الوقت تحول رسميا إلى جاسوس لإسرائيل، وعندما عاد لمنزله ومعه الكثير من الهدايا لزوجته وأولاده، فرحت انشراح موسى وسألته عن النقود ومن أين أتى بها فهمس لها بأنه قام بإرشاد اليهود عن مخبأ فدائي مصري فكافؤوه بـ1000 دولار، وعانقت زوجها بشدة، فقالت له كانوا سيمسكونه لا محالة عاجلا أم آجلا، فسألها في خبث ألا يعتبر ذلك خيانة؟ فغرت فاها وارتفع حاجباها في استنكار ودهشة وأجابته: "مستحيل كان غيرك سيبلغ عنه ويأخذ الـ1000 دولار أنت ما فعلت إلا الصح".
ومن أجل الدولارات، ساعدت موسى زوجها في التجسس على بلادها، مما اضطرها لممارسة الجنس مع أحد رجال الموساد، لكن لم يدم حلمها كثيرا، وفي 24 أغسطس عام 1974 عادت لمطار القاهرة الدولي قادمة من روما، وعندما دخلت بيتها كان رجال المخابرات المصرية ينتظرونها بعد أن وصلوا لزوجها عبر محاولته لإرسال أولى برقياته لرؤسائه في إسرائيل.
ونجحت المخابرات المصرية، من التقاط الذبذبات من خلال اختراع سوفيتي آنذاك، وعندما عادت لبيتها وجدت رجال المخابرات في انتظارها فوقفت بلا حركة وفي حالة ذهول، وتبولت على نفسها عندما تقدم أحدهم ورحب بها بقوله "حمدلله على السلامة يا مدام دينا"، في أواخر فترة الثمانينات استضافت الإذاعة الإسرائيلية سيدة اسمها "دينا بن ديفيد"، وقد صرحت السيدة بأنها فخورة بما قدمت لإسرائيل وللشعب الاسرائيلي، ولكن تبين لاحقا أن هذه السيدة هي انشراح موسى.
وعام 1989 نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية خبرا عن موسى وأبنائها، مؤكدة أنها "تقيم الآن مع 2 من أبنائها وهما محمد وعادل وسط إسرائيل، وذلك بعدما غيرت أسماءهم إلى حاييم ورافي، ولكن نجلها الأكبر نبيل اختار اسم يوشي".
وأضافت أن "موسى تعمل في دورة مياه للسيدات بمدينة حيفا، لكنها ترغب بشدة في العودة مجددا للعمل كجاسوسة لإسرائيل في مصر، ويعمل نجلها حاييم كحارس ليلي بأحد المصانع، أما الابن الأكبر فلم يتحمل الحياة في إسرائيل وهاجر هو وزوجته اليهودية لكندا، حيث يعمل هو وزوجته بمحل لغسل وتنظيف الملابس هناك".
في في 25 نوفمبر 1974، صدر حكما في مصر بإعدام موسى شنقا، والسجن 5 سنوات لنجلها الأكبر نبيل، والتحفظ على نجليها محمد وعادل لمحكمة الأحداث.
ووفقًا لما نشرته صحيفة "حداشوت" الإسرائيلية، عام 26 نوفمبر 1989، فإن ضغوطا تم ممارستها على الرئيس المصري الراحل أنور السادات لتأجيل إعدامها بأمر شخصي منه، ثم بعد ذلك أصدر عفوا رئاسيا عنها، وتمكنت (في صفقة لم يتم الإعلان عن تفاصيلها) من دخول إسرائيل مع أولادها الـ3 مجددا، وحصولهم جميعا على الجنسية الإسرائيلية واعتنقوا الديانة اليهودية، وغيروا أسمائهم من شاهين إلى (بن ديفيد)، ومن انشراح إلى (دينا بن ديفيد)، ومن عادل إلى (رافي)، ومن نبيل إلى (يوسي)، ومن محمد إلى (حاييم).
المصدر: "القاهرة24"