"زلزال داخلي يشهده التنظيم"، هكذا يصف الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، التطورات التنظيمية الأخيرة داخل الجماعة، ويقول إنه ذلك يأتي في ظل محاولات جبهة الإخوان في تركيا، المحسوبة على الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين، الإطاحة بالقائم بأعمال المرشد بإبراهيم منير، واشتعال الخلافات إذ يعتبر كل منهما بأنه "يمثل الجماعة وقواعدها التنظيمية".
وحسب فاروق فإن مجموعة محمود حسين ترى بأنها الأحق بإدارة التنظيم سواء المحلي أو الدولي، والاحتفاظ بمنصب القائم بأعمال المرشد بدلا من منير، وترى المجموعة أنها الامتداد الطبيعي لمكتب الإرشاد بالقاهرة قبل سقوط حكم الإخوان في يونيو 2013.
وفي المقابل، كما أشار فاروق، فإن القرارات التي اتخذها منير منذ وصوله إلى قمة المشهد التنظيمي تركزت في تحجيم مجموعة محمود حسين والقضاء على طموحاتهم القيادية والتنفيذية، وتهميش دورهم بشكل كامل، مستثمرا رفض القواعد الشبابية لتلك المجموعة وسياستها التي طبقتها على أرض الواقع من داخل اسطنبول، وحصولهم على مكتسبات مالية وإدارية خاصة.
وقال فاروق، إن قرار مجموعة حسين بسحب الثقة من إبراهيم منير، ومحاولة طرح شخصية بديلة تقود الهيكل التنظيمي، مع الإبقاء على منير في اختصاصاته المتعلقة بملفات التنظيم الدولي، يحمل الكثير من المخالفات الإدارية لاسيما أنهم دعوا مجلس شورى التنظيم للاجتماع في مخالفة للائحة الداخلية التي تقصر الدعوة على المرشد أو نائبه.
وإضافة إلى ذلك فإن المجموع الكلي لمجلس شورى التنظيم وفقا لأخر الإحصاءات الصادرة عن الجماعة يتكون من 118 عضوا، توفي عدد منهم ويقبع عدد أخر في السجون، ولم يتبق فعليا سوى 23 عضوا فقط، ما يعني صعوبة اجتماع مجلس الشورى العام، ويترتب على ذلك عدم صحة القرارات الصادرة عن مجموعة محمود حسين.
وقال فاروق، أن إبراهيم منير يتمتع بتأييد من قيادات التنظيم الدولي، نظرا لتوليه مسؤولية الإخوان في الغرب على مدار سنوات طويلة وتحكمه في الكثير من الملفات المالية والإدارية، فضلا عن تأييد أفراد التنظيم الموجودين في السجون لموقف منير وقرارته، يضاف إلى ذلك حصوله على تأييد من القواعد الشبابية عقب قيامه بتنصيب عدد منهم في مواقع قيادية داخل مؤسسات الجماعة.
ونوه فاروق، إلى أن قرار مجموعة حسين بعزل إبراهيم منير من منصبه يحمل في ذاته نوعا من المراوغة السياسية، ويهدف إلى صناعة جبهة تنظيمية في مقابل جبهة مكتب لندن، واتخاذ قرارات في مقابل القرارات الصادرة عن إبراهيم منير والتي تمحورت حول تجميد عضوية 6 قيادات من جبهة تركيا، سعيا إلى الجلوس على مائدة الحوار والتفاوض للحصول على مكاسب في حال تدخل وسطاء لإنهاء الأزمة .
وتوقع فاروق، أن يتم تسريب رسالة من داخل السجون المصرية تحمل توقيع مرشد الإخوان محمد بديع، لحسم الخلافات الدائرة حاليا في ظل استحواذ إبراهيم منير على سلطة القرار داخل التنظيم، وتمرد مجموعة حسين.
وأبدى فاروق اعتقاده بأن إبراهيم منير لن يتنازل مطلقا عن سلطة التنظيم ولن يترك منصبه مهما كانت عواقب تلك الخلافات والصراعات، خاصة أن مكتب لندن أحكم سلطته الكاملة على الجماعة وقواعدها، إلى جانب حصوله على تأييد كبير من أوساط قيادات التنظيم الدولي، الذين يرفضون محمود حسين على المستوى الشخصي.
وأشار إلى أن تاريخ الإخوان مليء بالخلافات الداخلية والصراعات حول السلطة ابتداء من حسن البنا وأحمد السكري، ثم حسن الهضيبي ومحمد عاكف والشيخ محمد الغزالي، مرورا بمرحلة حامد أبو النصر ومصطفى مشهور وما عرف ببيعة المقابر، وانتهاء بخلافات عصام العريان ومحمد حبيب وعبد المنعم أبو الفتوح.
ناصر حاتم ـ القاهرة
المصدر: RT