وعلى مدى أكثر من أسبوع، منذ اندلاع الصراع مع إسرائيل، يلوذ أفراد الأسرة كل مساء بممر بلا نوافذ، ومعهم ثائقهم الهامة ومتعلقاتهم الأخرى جاهزة تحسبا للفرار.
وقال محمد المشهراوي، وهو أب لثلاثة توائم يبلغون من العمر خمسة أعوام وطفل رضيع عمره عام واحد، "صارت حياتنا إنه بننقل حالنا من بيت لبيت.. حياتنا كلها خوف. فش فيها أمان نهائيا".
لم تنجح الدبلوماسية في وضع حد لتبادل إطلاق النار الذي لا يهدأ، ليلا أو نهارا، بين الجيش الإسرائيلي والنشطاء الفلسطينيين في غزة.
وفي أغلب الأحيان، تزداد حدة الضربات الجوية ونيران المدفعية الإسرائيلية وهجمات النشطاء الصاروخية بعد غروب الشمس.
وعبر الحدود داخل إسرائيل، تنطلق صفارات الإنذار بفاصل ساعات أو حتى دقائق في المناطق الواقعة في مدى زخات الصواريخ، فيندفع الناس إلى الملاجئ أو "الغرف الآمنة" وفي حالة عدم توفرها، يلوذ البعض بالممرات والسلالم.
أما في قطاع غزة المكتظ بالسكان، فالأماكن التي يمكن الفرار إليها أقل. وكثير من سكان القطاع الضيق الذي يكتظ بمليوني إنسان هم أصلا لاجئون فرت عائلاتهم من البلدات والمدن الموجودة الآن في إسرائيل.
غادر المشهراوي وأسرته منزلهم في أعقاب قصف عنيف. في شقة بالطابق الثالث من منزل عمه المؤلف من سبعة طوابق قال المشهراوي البالغ من العمر 31 عاما "أنا هلقيت نقلت من بيتي ع بيت عمي ومحضّر كل أغراضي الشخصية على شقة (جنب) بحيث لو صار تهديد على حياتنا أو حولنا على طول بننقل كل حاجة على بيت ثاني".
العائلة تنام على حشية (مرتبة) في صالة بلا نوافذ لتجنب خطر الزجاج المتطاير جراء أي انفجار. وفي الحقائب الصغيرة بجوار الباب شهادات ميلادهم ووثائق مهمة أخرى وحلي وهواتف وأجهزة كمبيوتر محمولة وبعض الملابس.
قصف ليلي
تقول وزارة الإسكان في قطاع غزة إن 16800 وحدة سكنية لحقت بها أضرار وصلت حد الدمار في 1000 وحدة منها بينما أصبحت 1800 أخرى غير صالحة للسكن.
ويقول مسعفون إن 230 شخصا قُتلوا، بينهم 65 طفلا في غزة في الصراع الذي اندلع في العاشر من مايو.
فيما أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن 6 مستشفيات وتسعة مراكز للرعاية الصحية الأولية تعرضت للقصف.
وتقول إسرائيل إن عدد القتلى لديها بلغ 12 شخصا بينهم طفلان بفعل زخات الصواريخ التي تقول إنها من أعنف الزخات التي تعرضت لها البلاد على الإطلاق. وأصابت الصواريخ مجمعات سكنية ومعابد يهودية ومباني أخرى.
ويزعم الجيش الإسرائيلي أنه يبذل قصارى جهده لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين في غزة وإنه يصدر تحذيرا مسبقا بطلب إخلاء الكتل السكنية في حالة استهدافها بسبب ما تقول إسرائيل إنه نشاط عسكري داخلها.
وتقول حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007 إن هذه الاتهامات مجرد ذرائع لإنزال عقاب جماعي. وتؤكد أنها تناضل لتأمين حقوق الفلسطينيين في مواجهة القمع الإسرائيلي. وتصنف إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحركة "منظمة إرهابية".
ويمكن أن تمنح هذه التحذيرات الفلسطينيين ساعتين أو نحو ذلك للمغادرة قبل القصف. وبمجرد إخلائها، تحوّلت بعض المباني متعددة الطوابق إلى كومة من الأنقاض والحطام بعد قصفها.
وقالت رنا المشهراوي إن ابنتها البالغة من العمر سنة واحدة كانت تتعلم كلمات مثل "ماما" و"بابا"، لكنها أضافت لقاموسها الآن مقطعا صوتيا جديدا لصوت الانفجار.. "بووم".
وفي الليل، عندما تكون الانفجارات الأشد إثارة للذعر، تصبح غرفة النوم الجديدة في صالة الشقة أكثر الأماكن أمنا على حد قول رنا. وتوضح "لو صار شي لا سمح الله ناخد أغراضنا ودوغري بنظلنا طالعين".
المصدر: "رويترز"