وقال أبو الغيط: "الأمور تأزمت مع إيران وتركيا في الآونة الأخيرة إلى حد صار معهما الحوار صعبا، بل وغير مجد في الوقت الحالي، فالحوار لغرض الحوار، من دون إطار مفاهيمي يحكمه أو نقاط مرجعية تضبطه، لا يكون سوى تمرين ذهني، أو استعراض شكلي، لا يُعالج القضايا الجوهرية ولا يؤسس لعلاقة صحية".
وقال أحمد أبو الغيط في كلمة خلال افتتاح ندوة تحت عنوان "نحو بناء استراتيجية موحدة للتعامل مع دول الجوار الجغرافي" التي ينظمها البرلمان العربي، إن تركيا تروج للإسلام السياسي في ثوب من العثمانية الجديدة، وتسعى إلى الترويج لمنطلقاتها الأيديولوجية في منطقة ثبت أنها ترفض هذا المشروع.
وأضاف أن تركيا، تُعطي لنفسها الحق بالتدخل والتوغل في أراضي دول عربية دفاعا عما تعتبره أمنها القومي، ومن دون أي اعتبار لأمن الآخرين أو سيادة الدول، وهو توجه مرفوض ولا يؤسس لعلاقة سليمة ومتوازنة بين طرفين تقوم على الاحترام المتبادل.
وتابع قائلا: "لا أريد أن أخوض فيما هو معروف للكافة من مظاهر التوتر الشديد في العلاقة مع هاتين الجارتين.. ولكن يكفي أن أقول إنه كان هناك منتدى للتعاون العربي التركي، تأسس منذ عام 2007، وعقدت خمس دورات له على المستوى الوزاري، قبل أن يتوقف في 2013 لأسباب معروفة لنا جميعا (دون أن يذكرها)".
ولفت في السياق إلى أن تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية، صارت بندا دائما على أجندة مجلس الجامعة العربية منذ 2015، قائلا: "نشاهد اليوم ما تُباشره إيران وأذرعها من تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي.. بل وللأمن العالمي في واحد من أدق مفاصله المتعلقة بأمن طرق التجارة والممرات البحرية وسلامة المنشآت البحرية".
وبين أحمد أبو الغيط أن طهران تعتبر أن المنطقة العربية ساحة مفتوحة ومباحة لمشروعها التوسعي، وتُعطي لنفسها حق التدخل في أزمات الدول العربية، بل إشعال هذه الأزمات في أحيان كثيرة، من أجل الدفع قُدما بهذا المشروع الذي يتعارض مع أسس الدولة الوطنية على طول الخط، ويضرب بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية عُرض الحائط، ويدفع بالمنطقة إلى أتون حروب طائفية نرى تجلياتها في عدد من نزاعات المنطقة اليوم.
وأردف قائلا: "إن أصل المعضلة يتمثل في أن كلا الدولتين (تركيا وإيران) تحملان مشروعا سياسيا خارج حدودهما وبالتحديد في المنطقة العربية".
وشدد الأمين العام على أن كلا المشروعين، الإيراني والتركي، توسعي ويؤسس لعلاقة تقوم بين طرف مُهمين وآخر تابع، وكلاهما يقفز فوق الدول وسيادتها، وكلاهما يرى في الصراعات الدائرة في المنطقة فُرصة للتغلغل والتمدد، وهو نظرٌ قاصر يقتنص مغانم قريبة ولا يهتم بعلاقة طويلة الأمد تقوم على الثقة المتبادلة، وتُحقق منفعة مشتركة للجميع عبر التعاون في مواجهة تهديدات، هي بطبيعتها، تستلزم حوارا إقليميا.
وأعرب عن تطلعه إلى الوقت الذي يتغير فيه ذاك النهج، فيكون للحوار ساعتها معنى ونتيجة.
المصدر: RT