في الربع الثاني من عام 2017، تمكنت شركة هواوي للاتصالات والإلكترونيات من بيع أكثر من 54 مليون هاتف محمول في أنحاء العالم، بما يعادل 15% من حجم سوق الهواتف المحمولة في العالم، ثم صعد اسم الشركة الصينية، في أغسطس الماضي، إلى المرتبة الثانية بعد سامسونغ الكورية الجنوبية وقبل آبل الأمريكية كأكبر بائع للهواتف الذكية في العالم. وفي أغسطس الماضي حظرت الحكومة الاسترالية والنيوزيلندية هواوي وZTE من توفير معدات لشبكة الجيل الخامس في أستراليا ونيوزيلندا، وتعليقا على ذلك الحظر صرح مدير الاستخبارات الأسترالية، مايك بورغس، بأن هذه الشركة "بائع خطر للغاية"، حيث أن شبكة الجيل الخامس سوف تدعم أنظمة المياه والكهرباء والصحة وحتى السيارات ذاتية القيادة، لذلك لا ينبغي أن تكون هناك "تجهيزات ذات خطورة عالية" ضمن الشبكة. وفي بريطانيا أيضا أزالت شبكة بي تي معدات هواوي من المناطق الرئيسية من شبكتها للجيل الرابع، وسط مخاوف جهاز الاستخبارات البريطاني MI6 من سيطرة الصين على هذه البنية التحتية.
وهواوي هي شركة صينية خاصة يقع مقرها في إقليم شينزين جنوب الصين، تأسست عام 1987، ويبلغ عدد العاملين فيها 180 ألف موظف، ووضعتها العديد من الدول في القائمة السوداء لأسباب تتعلق بالأمن القومي (خاصة في مجال معدات الجيل الخامس من شبكات الاتصالات)، وتتهمها الولايات المتحدة الأمريكية بانتهاك العقوبات الإيرانية، وتعتبر أن التكنولوجيا التي تستخدمها الشركة يمكن أن توظف للتجسس من قبل الحكومة الصينية.
في ديسمبر الماضي، اعتقلت كندا المديرة المالية لشركة هواوي وابنة مؤسس الشركة، منغ وانزو، أثناء تبديل طائرتها في مطار فانكوفر، بطلب من الحكومة الأمريكية، وأصدرت وزارة العدل الأمريكية قائمة من 23 تهمة رسمية ضد هواوي، شملت تهما بالتحايل وسرقة أسرار تكنولوجية من الشركات الأمريكية، بينما احتجت الحكومة الصينية على الاعتقال، وحذّرت الحكومة الكندية من "عواقب وخيمة" إذا لم يطلق سراحها، واستدعت السفير الكندي لإبلاغه بالاحتجاج الشديد.
بعد جلسة استماع استمرت ثلاثة أيام، أطلقت السلطات الكندية سراح وانزو بكفالة مالية قيمتها 10 ملايين دولار كندي، مع تحديد مكان إقامتها وارتداء سوار التتبع.
وعقب إصدار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم أمس قرارا بإدراج شركة هواوي الصينية و70 فرعا تابعا لها ضمن "قائمة واشنطن السوداء للمصدرين"، ومنع الشركة من بيع منتجاتها التقنية للولايات المتحدة، دخلت الحرب الأمريكية الصينية الباردة مرحلة "اللعب على المكشوف" وأصبحت هواوي رأس الحربة في تلك المعركة.
وردا على الحظر الأخير صرحت مديرة هواوي، كاثرين شين (في مقال نشرته "ذي نيويورك تايمز") بأن العقوبات المفروضة على الشركة لن تجعل الشبكات الأمريكية أكثر أمانا، على حد زعم المسؤولين الأمريكيين، وإنما سوف تضر بالمواطنين الأمريكيين العاديين والشركات، بحرمانهم من الوصول إلى التكنولوجيا الرائدة، بأسعار زهيدة، وإنما سوف تقلل المنافسة، وترفع الأسعار، بينما سوف يضر وقف استيراد هواوي للمعدات والتقنيات الأمريكية بآلاف الشركات الأمريكية التي تتعامل مع هواوي، حيث تشتري الشركة من الولايات المتحدة الأمريكية ما يربو على 11 ألف مليار دولار من السلع والخدمات سنويا.
"إن فرض حظر تام على معدات هواوي يمكن أن يلغي عشرات الآلاف من الوظائف الأمريكية". كاثرين شين
ويهدد الحظر المفروض على هواوي بعرقلة نشاط العملاق التكنولوجي الصيني، الذي يستعد لاقتطاع جزء كبير من كعكة شبكات اتصالات الجيل الخامس، التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات، ومن شأن القرار أيضا أن يؤدي إلى خلق تعقيدات كبيرة في الإدارة اليومية لأعمال هواوي، التي حققت مبيعات فاقت المليار دولار العام الماضي.
تعد شبكات الجيل الخامس 5G أحد أبرز موجات الثورات التقنية، التي سوف تطلق المرحلة الأولى منها بشكل رسمي خلال العام الحالي في بعض المناطق، على أن تتوفر لجميع المستخدمين خلال عام 2020، ويصفها الكثيرون بأنها التقنية التي ستغير العالم، لأنها تتضمن سرعة تحميل يمكن أن تصل إلى 100 غيغابايت في الثانية، وسوف تكون أسرع من جيل الشبكات الحالية بمئة ضعف. وهذا سوف يؤثر على استخدام أجهزة الإنترنت في تطوير السيارات ذاتية القيادة عن طريق إمكانية إرسال المعلومات بين السيارات والمساعدة على تخفيف الازدحام، وفي تقنيات التحكم عن بعد، ومساعدة أنظمة الذكاء الصناعي على العمل لاسلكيا دون الحاجة إلى ربطها بحاسوب مركزي.
المصدر: وكالات