وقد تفسر هذه النتيجة، على عكس الافتراض الشائع، لماذالا تصل معدلات الانتحار إلى ذروتها في الشتاء - وهي ظاهرة حيرت الباحثين لفترة طويلة.
وبناء على نتائجهم، طور فريق من الباحثين نموذجا مفاهيميا يشرح لماذا يستغرق السلوك الانتحاري بضعة أشهر للوصول إلى "نقطة التحول". وأفاد الفريق أيضا بأن الذروة اليومية في الأفكار الانتحارية تحدث بين الساعة 4 إلى 6 صباحا.
وأجرى الدراسة عالم النفس الدكتور بريان أوشيا من جامعة نوتنغهام ورينيه فرايش من جامعة أمستردام.
وقال الدكتور أوشيا: "من الموثق جيدا أن الشتاء هو الوقت الذي قد يعاني فيه الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية من تدهور الحالة المزاجية والاكتئاب. وفي الواقع، يعد الاضطراب العاطفي الموسمي مشكلة معترفا بها تتعلق بالتغير في الموسم الذي يؤثر على الصحة العقلية للعديد من الأشخاص. لذلك، قد يكون من المفاجئ أن الربيع، وهو الوقت الذي تفترض فيه أن مزاج الناس يتحسن، هو في الواقع الوقت من العام الذي يكون فيه الناس أكثر عرضة لخطر الانتحار".
وتابع: "أسباب ذلك معقدة، لكن بحثنا يظهر أن الأفكار والمزاج الانتحاري هو الأسوأ في ديسمبر والأفضل في يونيو. وبين هاتين النقطتين، هناك خطر متزايد من السلوك الانتحاري. نشعر أن هذا يحدث لأن التحسينات التدريجية في مزاجهم وطاقتهم قد تمكنهم من التخطيط والانخراط في محاولة الانتحار. والمقارنة النسبية بين الذات ومزاج الآخرين التي تتحسن بمعدل أكبر هي احتمالات تكميلية تحتاج إلى مزيد من الاختبارات".
وأجرى الباحثون خلال الدراسة، استطلاع آراء على أكثر من 10 آلاف شخص يعيشون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا حول مزاجهم وأفكارهم حول إيذاء النفس والانتحار.
وتم تقسيم المشاركين في الاستطلاع إلى ثلاث مجموعات: أولئك الذين سبق أن حاولوا الانتحار، وأولئك الذين أبلغوا عن التفكير في الانتحار أو قاموا بإيذاء النفس غير الانتحاري، وأولئك الذين لم يلاحظوا إيذاء النفس أو السلوكيات المتعلقة بالانتحار.
وأوضح الفريق أنهم أنشأوا مهاما عبر الإنترنت لفحص ديناميكيات الأفكار الصريحة والضمنية المتعلقة بإيذاء النفس.
وتضمنت الأولى أسئلة مباشرة حول الحالة المزاجية والانتحار وإيذاء النفس، باستخدام مقياس قياسي من خمس نقاط. وفي الوقت نفسه، تم استكشاف الإدراك الضمني من خلال مهمة "وقت رد الفعل"، حيث طُلب من المشاركين فرز الكلمات المتعلقة بالذات في الوقت الفعلي باستخدام الكلمات المتعلقة بكل من الحياة والموت.
وخلال فترة الدراسة التي استمرت ست سنوات، وجد الفريق زيادة عامة في الأفكار حول إيذاء الذات، جنبا إلى جنب مع الاختلافات الموسمية في المزاج والأفكار الانتحارية، لا سيما بين المجموعة التي حاولت الانتحار سابقا.
وكشفت البيانات أيضا أن هناك تأخيرا زمنيا بين ذروة الأفكار الانتحارية الصريحة والضمنية في الشتاء، وذروة محاولات الانتحار والوفيات في الربيع.
وبشكل أكثر تحديدا، شهدت الأفكار الانتحارية الصريحة ذروتها في ديسمبر، تليها ارتباطات ضمنية لإيذاء الذات، والتي بلغت ذروتها في فبراير، وكلاهما قبل ذروة السلوك الانتحاري التي شوهدت في الربيع / أوائل الصيف.
كما لوحظ تأثير تأخر مماثل على نطاق يومي أصغر، مع الإدراك الانتحاري الصريح والمزاج السيئ الذي بلغ ذروته نحو 4 إلى 5 صباحا، والأفكار الضمنية تأتي بعد ساعة.
واختتم الدكتور أوشيا قائلا: "هذه الدراسة هي الأولى التي تبحث في الاتجاهات الزمنية حول المزاج وأفكار إيذاء النفس على هذا النطاق الواسع وتحدد حقا الأوقات التي يمكن أن يكون فيها التدخل أكثر فائدة".
تم نشر النتائج الكاملة للدراسة في مجلة Translational Psychiatry.
المصدر: إكسبريس