لم يكن الحال على هذا الشكل دائما، فقد كان يوصف مروان الثاني، آخر الخلفاء الأمويين بالحمار لشجاعته واستماتته في ملاحقة أعدائه، فيما ظهر مع جحا أو الشيخ نصر الدين الرومي، نموذج لحمار شاركه مغامراته وطرافته.
كان ولا يزال الحمار مهما للبشر اقتصاديا وثقافيا، وهو لا يزال مساعدا لا غنى عنه حتى الآن في بعض الدول النامية وخاصة في المناطق النائية.
هذا الحيوان لم يكن من الأوائل التي دجنها الإنسان فحسب، بل أصبح أيضا أول حيوان يستخدم في نقل البضائع.
الحمير المستأنسة الأولى ظهرت في منطقة دلتا نهر النيل، وجرى استخدام الحمير النوبية في النشاط الزراعي هناك منذ 4000 عام قبل الميلاد، فيما تم ترويض الحمير لاحقا في بلاد ما بين النهرين.
علاوة على استخدام الحمير في نقل الأمتعة والبضائع، استخدمت كوسيلة تنقل، إلا أنه بعد تدجين الخيول الأقوى والأسرع، تراجعت أهميتها في هذا المجال، الأمر الذي وجد تجليه في الشعر الجاهلي في قول الشاعر خداش بن زهير:
ولا أكونُ كمَنْ ألْقى رحالَتَه على الحمارِ وخلَّى صَهْوةَ الفرَس
مع ذلك احتفظت الحمير بأهميتها كوسيلة لنقل البضائع وخاصة في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية والجبلة، لشدة تحملها وقدرتها على البقاء من دون ماء لفترة طويلة، وهو ما تتفوق فيه على الخيول.
إضافة إلى السمات الخارجية التي تميزها عن الخيول، للحمير والخيول عدد إجمالي مختلف من الفقرات، كما أن درجة الحرارة العادية للحمير أقل بمقدار درجة واحدة عن درجة حرارة الخيول،37 مقابل و38 درجة.
يحتوي الحمض النووي للحمار أيضا يحتوي على 31 زوجا فقط من الكروموسومات، بينما يحتوي الحمض النووي للحصان على 32 زوجا، وتختلف الحمير بفترة حمل أطول.
في الوقت المعاصر لا تؤكل لحوم الحمير ولا يشرب حليبها، لكن ذلك كان شائعا في بعض المناطق في العصور القديمة، بل إن حليب الحمير كانت تستخدم لأغراض التجميل، ويصنع من جلدها رقائق عالية الجودة تغطى بها الطبول.
هذا الحيوان اللطيف، صاحب أداء مذهل، فهو قادر على العمل 10 ساعات متواصلة مع استراحة قصيرة لتناول الطعام.
حليب الحمير كان يعتبر منذ القديم مفيدا وله مواصفات دوائية، حتى أن ابن سينا الطبيب الشهير المعروف بالشيخ الرئيس وأمير الأطباء، كان نصح كبار السن بشرب حليب الحمير والماعز مخلوطا بالعسل أو الملح.
في السنوات الأخيرة، أكدت العديد من الدراسات العلمية أن بعض البروتينات الموجودة في حليب الحمير تحفز إنتاج الكولاجين، وهي مادة أساسية للجلد، وبدونها، تصبح البشرة مترهلة ومغطاة بالتجاعيد، في حين أن تجديد إطار الكولاجين في الوقت المناسب يمنع كل هذه التأثيرات المشوهة، ولذلك يعتبر حليب الحمير بمثابة نظير لـ "إكسير الشباب"، وليس صدفة أن يتم في الوقت الحالي تصنيع مستحضرات التجميل الفاخرة المصممة لإزالة تجاعيد البشرة، على أساسها.
ليس ذلك فحسب، إذ يحتوي حليب الحمير على مضادات للأكسدة. والأكسدة عبارة عن تفاعل كيميائي للبروتينات والدهون في غشاء الخلية يتسبب في شيخوختها.
لا يوجد سوى عدد قليل من المنتجات التي يمكن أن تتباهى بمثل هذا التأثير "المضاد للشيخوخة"، منها الشاي الأخضر وحليب الحمير.
المصدر: RT