وأشارت الدراسة إلى أن الأطفال المعرضين للمستويات العالية من تلوث الهواء هم أكثر عرضة بنسبة تصل إلى 50% لإيذاء أنفسهم في وقت لاحق من حياتهم.
وأجريت الدراسة على 1.4 مليون طفل دون سن العاشرة في الدنمارك، وتوصلت النتائج إلى أن أولئك الذين تعرضوا لمستوى عال من ثاني أكسيد النيتروجين (NO2) كانوا أكثر عرضة لإيذاء أنفسهم في مرحلة البلوغ أكثر من أقرانهم.
وكان الأشخاص من نفس الفئة العمرية المعرضين لمستويات أعلى من المتوسط من الجسيمات الدقيقة (PM2.5) أكثر عرضة بنسبة 48% لإيذاء أنفسهم لاحقا.
وينتج ثاني أكسيد النيتروجين بشكل أساسي عن طريق السيارات، بينما تنبعث جزيئات PM2.5 بشكل أساسي عن طريق حرق الديزل والبنزين، وهما الأكثر استخداما في الشحن والتدفئة.
ويعد هذان الملوثان من بين الملوثات الأكثر ارتباطا بالتسبب في ضرر للصحة الجسدية، مثل أمراض القلب والرئة، من خلال دخول مجرى الدم والتسبب في حدوث التهاب.
ولم يشرح الباحثون بعد آلية كيفية تسبب هذه الملوثات في مشاكل الصحة العقلية. لكنهم أشاروا إلى أن مستويات التلوث المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى حدوث التهاب في الدماغ، ومشاكل صحية عقلية.
وأضافوا أن الطفولة هي "وقت حساس لنمو الدماغ"، لذلك قد يكون الصغار "معرضين بشكل خاص" للتأثيرات السلبية من الجسيمات السامة في الهواء.
وفحص الباحثون في جامعة مانشستر في إنجلترا وجامعة آرهوس في الدنمارك قواعد البيانات الوطنية لتتبع 1.4 مليون دنماركي ولدوا بين عامي 1979 و2006.
تمكن الفريق من تتبع مكان إقامة كل شخص منذ ولادته وحتى عيد ميلاده العاشر، بالإضافة إلى طول الفترة التي يقيمون فيها في كل عنوان. لقد أكدوا مخاطر إيذاء الذات اللاحقة من عيد الميلاد العاشر وما بعده حتى سن 37 كحد أقصى.
وصنف الباحثون إيذاء النفس على أنه جرعة زائدة وقطع شرايين أو أي أذى متعمد آخر.
وقد تسبب حوالي 32984 شخصا (2.3%) في إيذاء أنفسهم خلال فترة الدراسة، وكانت الحالات أعلى بين الإناث، وأولئك الذين كان آباؤهم مصابين بمرض عقلي وأفراد من أسر فقيرة.
وارتبط التعرض لمتوسط 19 ميكروغراما / م3 (متر مكعب) أو أكثر من الجسيمات كل يوم بفرصة أعلى بنسبة 48% لإيذاء الذات في وقت لاحق من الحياة، مقارنة بالأطفال الذين تعرضوا لمتوسط 13 ميكروغراما/ م3 في اليوم أو أقل.
ولكل زيادة مقدارها 5 ميكروغرامات / م3 في التعرض فوق 19 ميكروغراما / م3، يرتفع خطر إيذاء النفس بنسبة 42%.
ونظر الباحثون في الجسيمات التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر. وكان متوسط التعرض اليومي للجسيمات 13.5 ميكروغرام / م3 في اليوم.
وكان الأطفال الذين تعرضوا لمتوسط 25 ميكروغراما / م3 أو أكثر من ثاني أكسيد النيتروجين بين الولادة و10 سنوات، أكثر عرضة لإيذاء أنفسهم بنسبة 50% من أولئك الذين كانوا في المناطق التي تعرضوا فيها لـ10 ميكروغرامات / م 3 أو أقل في اليوم.
ولكل زيادة مقدارها 10 ميكروغرام / م3 فوق 25 ميكروغرام / م3، يرتفع خطر إيذاء النفس بنسبة 21%.
وقالت المؤلفة الرئيسية، الدكتورة بيرل موك، وهي زميلة بحث في جامعة مانشستر، إن الدراسة هي أول دراسة سكانية تكشف عن أن التعرض طويل الأمد لملوثين شائعين أثناء الطفولة، يرتبط بارتفاع مخاطر إيذاء النفس.
وأوضحت: "تضاف نتائجنا إلى قاعدة الأدلة المتزايدة التي تشير إلى أن المستويات الأعلى من التعرض لتلوث الهواء مرتبطة بنتائج سيئة على الصحة العقلية. وعلى الرغم من انتشار تلوث الهواء، إلا أنه عامل خطر قابل للتعديل، وبالتالي نأمل أن تساعد نتائج دراستنا صانعي السياسات الذين يبتكرون استراتيجيات لمكافحة هذه المشكلة".
المصدر: ديلي ميل